موسكو - رويترز - في وقت تطاول فضائح غسل اموال تقدر ببلايين الدولارات شخصيات كبيرة في روسيا، اتخذ زعيم المافيا الروسي سيرغي خطوة مثيرة للدهشة، اذ تخلى عن حياة الجريمة ليصبح راهبا. وكان زعيم المافيا الروسي سيرغي قوادا ينتفع من عمليات الابتزاز، لكنه لا يعدو كونه مجرماً صغيرا ً بالمقارنة مع شخصيات كبيرة، تقول السلطات الاميركية انها قد تكون متورطة في غسل اموال تقدر بنحو 15 بليون دولار عبر بنك نيويورك. ولكن جرائم مثل تهريب روسيات الى النمسا وهنغاريا وتشيخيا للعمل كباغيات، اضافة الى ابتزاز أموال من رجال الاعمال الروس المهاجرين لحمايتهم، وفرت لسيرغي حياة رغيدة وسيارات فارهة وملابس انيقة واقامة في فنادق خمسة نجوم. وقال سيرغي ان العصابة الصغيرة التي كان يعمل معها، كانت في أوج نشاطها تكسب عشرات الالاف من الدولارات شهريا. ولكن منذ عام ونصف العام، بادل حياة الثراء الروسية في عالم الجريمة بانجيل وصليب من البرونز يعلقه حول رقبته في طوق من الجلد. وقال في مقابلة نادرة اجريت معه في منزله في موسكو: "اعتقد اصدقائي وعائلتي ان بي شيئا خطأ، عندما قررت ترك حياتي القديمة. وربما كان الامر كذلك، لذا اتخذت هذا القرار. اردت ان أصلح الامور". ويعيش سيرغي الان في تقشف. ويبلغ من العمر 34 عاما وهو أصغر راهب بين عشرة رهبان روس ارثوذكس في منطقة نائية بالجزء الجبلي في جنوبروسيا، على بعد بضعة كيلومترات عن البحر الاسود. وليست لدى الرهبان كهرباء او مياه نقية. وتعد قطعة الارض الصغيرة التي يزرعونها بطاطس في فصل الصيف مورد غذائهم الوحيد. ومعظم اوقاتهم مقسمة بين الصلاة والتأمل والقيام ببعض الاعمال الروتينية مثل البحث عن الطعام في الغابة القريبة او تنظيف الاكواخ الخشبية التي يعيشون فيها. والصحف وأجهزة الراديو والتلفزيون ممنوعة. والانجيل هو الكتاب الوحيد الذي يقرأونه0 وكثيرا ما يكون طعام الرهبان وملابسهم هدايا من سكان قرى فقيرة مجاورة. وفي بعض الاحيان خاصة خلال فصل الشتاء، يقومون بتجويع انفسهم لايام. ويقول سيرغي: "انها حياة بسيطة ونحن نريدها كذلك. بالتأكيد لا نملك سوى القليل ولكن كلما قلت الاشياء التي تلهينا كلما زاد تقربنا الى الله". وأوضح سيرغي انه كان دائما قريبا من الكنيسة حتى اثناء عمله مع المافيا، مضيفا: "ربما تندهش من عدد الذين يحملون أسلحة في جيوبهم ويصلبون كلما مروا بسياراتهم امام كنيسة". ولا يحب سيرغي الحديث عن ماضيه ولكن بعد ضغط قال: "يجب ان يفكر الانسان في الهدف من الحياة... لماذا أعيش هل من أجل المال ام الفتيات ام الجنس؟ هذا هو كل ما كنت املكه وبدا لي انه لا يستحق". ولكن سيرغي قال ان نقطة التحول كانت وفاة صديق له أدخله عالم الجريمة، بجرعة مخدرات زائدة. واوضح: "اثناء الجنازة حاولت ان اعطي والدته مالا الا انها رفضت قائلة اني مسؤول عن تقديم ابنها لناس ساعدوه على قتل نفسه. ولم أكن اعتقد انذاك اني مسؤول عن شيء ولا اشعر بذلك الان ايضا. اننا نحصل في هذه الحياة على ما نستحقه ولكني اشعر انه كان بإمكاني انقاذه". وقال سيرغي انه لم يندم ابداً على قراره ان يصبح راهبا ولكنه يعترف بأنه جبن في بعض الاحيان بسبب المصاعب التي واجهها. ومن المفارقات ان سيرغي ما زال على صلة بعدد ممن كان يعمل معهم في عالم الاجرام فهو يتبادل معهم الخطابات ويقول ان واحدا على الاقل من اصدقائه عاد الى روسيا لزيارته بالرغم من انه مطلوب من الشرطة. واوضح: "استمتع بأي اتصال بهم. اتخذوا قرارات مثلي وهم اصدقائي ولا استطيع ان ادين اختيارهم بالرغم من اني لا اوافق عليه". ولكن رفضه اختيارهم لا يمنع سيرغي من قبول اموال مكتسبة من السرقة او البغاء، يقدمها له بعض اصدقائه كهدية لمساعدته هو والرهبان على العيش. واضاف: "نيتهم طيبة ولهذا اشكرهم واخبرهم اني سأصلي من أجلهم".