أفادت مصادر اردنية في نيويورك ان الملك عبدالله حمل الى الولاياتالمتحدة رسالة من سورية فحواها انها جاهزة لتنفيذ موقفها القائم على اعتبار السلام خياراً استراتيجياً لها. وشدد لدى جميع المعنيين، لا سيما التنظيمات اليهودية، على ان الشكوك بسورية ليست في محلها، وان الاردن متفائل بما لمسه لدى سورية من رغبة صادقة في العمل نحو سلام مع اسرائيل. وحذر الملك عبدالله في نيويورك من الاعتماد فقط على التفاؤل بانتخاب ايهود باراك رئيساً للوزراء في اسرائيل. ودعا الى العمل الدؤوب على الحؤول دون خسارة الفرصة السانحة. واعتبر الاشهر القليلة المقبلة حاسمة. وابلغ العاهل الاردني الى السفراء العرب المعتمدين لدى الاممالمتحدة انه يشعر ب"قدر من التفاؤل" نتيجة انتخاب باراك، حسب ما نقله مندوب جامعة الدول العربية السفير حسين حسونة. وتابع حسونة ان الملك عبدالله "اكد اهمية تعزيز التضامن العربي في المرحلة المقبلة"، كما حضّ على "تشجيع الحكومة الاسرائيلية الجديدة على المضي قدماً في عملية السلام والتوصل الى حل شامل على كل المسارات". وتابع حسونة ان العاهل الاردني "أشاد بدور المجموعة العربية في الاممالمتحدة وأبدى اهتماماً بمعرفة تطورات القضايا العربية والدولية في الاممالمتحدة وشدد على ضرورة تكثيف الاتصالات والتشاور بين القادة العرب في هذه المرحلة المهمة التي تجتازها منطقة الشرق الاوسط. واشار الى انه سيلتقي كلاً من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والرئيس المصري حسني مبارك وغيرهما من القادة العرب قريباً لتبادل الرؤية في شأن التطورات المقبلة". وشملت اجتماعات الملك عبدالله في نيويورك اجتماعاً مع رؤساء المنظمات اليهودية الذين أبدوا اهتماماً بالمواقف السورية وبالقرار 181 الذي تعارض اسرائيل تفعيله ويتمسك به الجانب الفلسطيني كأساس قانوني لقيام الدولة الفلسطينية. والقرار 181 المعروف بقرار التقسيم، نصّ على قيام دولة فلسطين ودولة اسرائيل وتبنته الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1947 اي قبل قيام دولة اسرائيل عام 1948. وخاطب الملك عبدالله "مجلس العلاقات الخارجية" في نيويورك حيث قوبل بحفاوة وتقدير كبيرين. وكان خاطب ايضاً حفلاً كبيراً نظّمه مركز السلام والتنمية للشرق الاوسط بارك خلاله حاخام سوري جهود الملك لصنع السلام. وعقد العاهل الاردني اجتماعات عدة مع رجال اعمال بارزين اميركيين وسعى في جولته في الولاياتالمتحدة الى ابراز ضرورة تقوية الاردن عبر تعزيز اقتصاده وبالتالي استقراره. وتعمّد الملك عبدالله إبراز ايجابيات المواقف السورية والليبية والفلسطينية في ملفاتها المختلفة. وفيما شددت الديبلوماسية الاردنية على ضرورة التفاهم الثناني بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، اشارت الى ان الاردن يلعب دوراً في ايصال الرسائل السورية الى كل من الولاياتالمتحدة واسرائيل وان فحوى الرسائل يصبّ في خانة جدية دمشق في العزم على التحرك الى امام في عملية السلام. وحرصت الديبلوماسية الاردنية على ابراز مركزية المسار الفلسطيني في صنع السلام العربي - الاسرائيلي الشامل، فيما شددت على استعداد دمشق للتحرك بسرعة على المسارين السوري واللبناني من المفاوضات. وحذر الملك عبدالله في لقاء له مع مجلس التحرير لصحيفة "نيويورك تايمز" من ان "صنع السلام مع سورية على حساب عجز الاسرائيليين والفلسطينيين عن حل مشاكلهم سيفاقم من الصعوبات القائمة". وتابع "ان سورية تدرك ان الباخرة فاتتها مرات عدة في السابق وهي تجدد الآن فرصة للبدء ثانية" نتيجة الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة "ولا اعتقد ان فرصة أوسع من هذه الفرصة ستتوافر ثانية". وزاد انه لمس لدى القيادة السورية اثناء زيارته الى دمشق حماسة في رغبتها بالتحرك الى امام في عملية السلام. وقال: "ان العالم العربي يريد سلاماً مع اسرائيل". وحض العاهل الاردني اسرائيل على التنازل عن الجولان مقابل كسب العالم العربي، وعلى المضي قدماً على المسارين السوري واللبناني من المفاوضات. لكنه اضاف ان من الضروري تجنب التركيز حصراً على هذين المسارين بمعزل عن المسار الفلسطيني لأن القضية الفلسطينية "لب" النزاع. وقال: "من السهل النظر الى جائزة السلام السوري - الاسرائيلي بما يعمي عن لبّ المشكلة"، وحذر من ارتكاب مثل هذا الخطأ.