نفّذ الاتحاد العمالي العام في لبنان قراره التظاهر احتجاجاً على زيادة الرسوم والضرائب ومطالبة بتصحيح الأجور. لكن التظاهرة لم تبلغ مقرّ مجلس الوزراء الذي كان يعقد جلسة برئاسة رئيس الجمهورية أميل لحود، في محلة المتحف، وبقيت بعيدة منه، بموجب الترخيص الممنوح من وزارة الداخلية للاتحاد، وسط تدابير أمنية ملحوظة، ولم يتجاوز عدد المشاركين فيها الخمسمئة. فالخطاب الذي ألقاه رئيس الاتحاد العمالي العام الياس ابو رزق في التظاهرة كان حاداً أكثر من نبض المتظاهرين القليلين الذين ساروا خلف قيادة الاتحاد والذين لم يتجاوز عددهم الخمسمئة. إذ بدت التظاهرة بلا موضوع، والمطالب المرفوعة لم تكن واضحة حتى لأولئك الهاتفين الذين، لعدم وجود شعارات محددة بين أيديهم ليهتفون بها، شرعوا يصرخون "ميزانية ميزانية". هكذا من دون ان يحددوا ما أزعجهم في مشروع الموازنة المقدم من مجلس الوزراء. وبسبب عدم تأجج مشاعر كثر من متظاهري الامس القليلين، من الحكم الحالي، حاول بعضهم استعادة غضبه على الحكومات السابقة، فهتفوا ضد وزراء سابقين وضد رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. وتأكد من جديد ان لا عصب ولا قضية تجمع المتظاهرين. جميع الصحافيين لاحظوا غياب وجوه نيابية كانت في السابق تتصدّر كل تحرّكات الاتحاد العمالي العام، وكل محاولات التظاهر التي قام بها، كالنائبين زاهر الخطيب ونجاح واكيم. ونواب "حزب الله" غابوا ايضاً واقتصر تمثيله على حضور رمزي لبعض النقابيين منه. الشباب ايضاً كان حضورهم ضعيفاً. لم تشارك المجموعات الشبابية والطالبية ولا الجمعيات النسائية. واقتصرت المشاركة عموماً على وجوه نقابية تقليدية، وعلى بعض الوجوه الحزبية. وهناك من لاحظ ان الحزب الشيوعي اللبناني الذي طالما رفد التظاهرات العمالية بمناصريه لم يبذل جهوداً كبيرة، ولم يظهر حماسة للمشاركة في التظاهرة، على رغم اعلان دعمه لها. وعندما وصلت التظاهرة الى تقاطع المتحف، توقف المتظاهرون أمام جدران متلاصقة ألّفها عناصر مكافحة الشغب التابعين لقوى الأمن الداخلي لمنعهم من الاقتراب من المقرّ الخاص لمجلس الوزراء. كلمة ابو رزق وهناك ألقى ابو رزق كلمة، لم تقاطع كما هي العادة بموجات التصفيق والهتاف، قال فيها "ليست هذه التظاهرة ما نسعى اليه، فهدفنا ان يكون صوت العمال والفقراء والطلاب مسموعاً. فالأزمة المعيشية لم تعد تطاق". واضاف "هدفنا ان ندعم حريات يعتدى عليها. الحريات النقابية التي تُضرب بتدخل السياسيين". وبعدما أكد رفضه سياسة التدخل في الحياة النقابية، أكد "اننا نحن من سعى الى التغيير في السياسة المالية، ونحن من رحّب بها لكن الضرائب الإضافية يجب ان تكون على المقتدرين لا على الفقراء. نريد سياسة تعيد تقسيم الثروة الوطنية. صوتنا سيقوى أكثر حتى يصبح التغيير حقيقياً. وحتى تقرّ مطالب العمال. وسيقوى ايضاً وسط محاولات الضغوط والسيناريوهات المنظّمة بين ترخيص بالتظاهر وعدم ترخيص، وفرض شروط تعجيزية أسوأ بكثير من سياسة منع التظاهر، لكي يمنعوا الكلمة الحرة". وأكد ان التحرّك "سيستمرّ ويتصاعد في المستقبل القريب من اجل ان نؤمّن حياة حرة وكريمة لابنائنا". وبينما كان ابو رزق يلقي كلمته، قاطعه عدد من المشاركين الذين قالوا انهم جاءوا من عكار للمشاركة. وطالبه احدهم بأن تتضمّن المطالب فرض ضرائب على العمال الأجانب الذين أعفتهم الحكومة في قراراتها الاخيرة من دفعها. فيما بقي آخر حاملاً لأكثر من ساعة كتاب "الأيادي السود" للنائب نجاح واكيم، وقال انه يتكلم باسمه الشخصي، ويطالب رئيس الجمهورية بفتح ملفات الكتاب. وعلّق أحد الصحافيين "انها التظاهرة الأولى التي يشعر ان المشاركين فيها افراد متفرّقون عجزوا عن الاندماج في جسم تظاهري واحد".