اكدت مصادر قضائية لبنانية امس، ان التحقيقات التي اجراها قاضي التحقيق العسكري فادي صوان مع الدرّاجين الاستونيين، الذين أفرج خاطفوهم عنهم بعد 113 يوماً من خطفهم في منطقة البقاع الى جهة بقيت مجهولة حتى تاريخه، اضاءت على امور مهمة عن عملية الخطف، وأوصلت الى معلومات عن الخاطفين من الفارين المتورطين في العملية. وكان الاستونيون السبعة: كاليف كاوسار وأندريه بوك وماديس بالوجا وجان جاغوماجي وبريت ريستيك واوغست تيلو ومارتن متسبالو ادلوا بإفاداتهم أمام القاضي صوان قبل مغادرتهم الى بلادهم، وكشفوا في تصريحات ادلوا بها لدى وصولهم الى تالين انهم احتجزوا لفترة في سورية خلال محنة خطفهم التي استمرت اربعة اشهر. وقال بالوجا للصحافيين في مطار تالين: «احتجزنا في ثلاثة مواقع سرية مختلفة من جانب ثمانية ارهابيين، في لبنان وسورية. وأفضل شيء كان اننا كنا معاً وأن وحدتنا اعطتنا القوة لكي نؤمن بأننا سنصل الى نهاية سعيدة». وأضاف: «في احدى الفترات اقمنا جميعاً في الغرفة نفسها مع الخاطفين الثمانية الذين كانوا يحملون رشاشات كلاشنيكوف». والتقى العائدون ذويهم في المطار قبل ان يتحدثوا الى الصحافيين. وقالت عائلاتهم في بيان مشترك سابقاً: «آباؤنا وأبناؤنا وأزواجنا وإخواننا اصبحوا احراراً، هذه الاشهر الاربعة كانت طويلة ومرهقة». وبدت علامات الارتياح على الرجال السبعة في تالين وكانوا يتبادلون النكات.وقال بالوجا: «رحلتي المقبلة على الدراجة الهوائية ستكون على الارجح حول المنزل امام أنظار زوجتي». لكن كاوسار لفت الى انهم عاشوا «لحظات توتر» خلال فترة احتجازهم ولا سيما حين سألهم خاطفوهم ما اذا كانوا يهوداً او من الدنمارك موطن رسام الكاريكاتور الذي اثار غضب العالم الاسلامي عام 2005. وبدا العائدون في صحة جيدة. وقال باييت حول ما اذا تلقوا معاملة جيدة: «ليس هناك اي شيء انساني في اخذ رهائن». وكان رافقهم في رحلة العودة وزير الخارجية الاستوني اورماس باييت الذي قال لدى وصوله: «باتوا احراراً منذ 24 ساعة. التقيت في بيروت رئيس الوزراء ووزير الخارجية خلال زيارتي القصيرة، والتحقيق لم ينته ونتعاون مع السلطات اللبنانية للعثور على جميع المجرمين الضالعين في عملية الخطف». وأكدت المصادر القضائية اللبنانية ان القاضي صوان «سيواصل تحقيقاته حتى كشف جميع ملابسات العملية التي توضحت معظمها من خلال ما ادلى به الاستونيون السبعة لجهة هوية الخاطفين والمكان الذي احتجزوا فيه». ولم تنف المصادر احتمال دفع فدية مالية مقابل تحرير المخطوفين. وتلقى الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس اتصالاً من نظيره الاستوني توماس هندريك ايلفيس شكره فيه على «الجهود التي بذلها لبنان من اجل المساعدة في اطلاق الاستونيين السبعة». وأشاد الرئيس الاستوني في تالين لحظة عودة المخطوفين ب «صبر وقوة ارادة» مواطنيه السبعة. وفي المواقف اللبنانية من اطلاق المخطوفين واللغز الذي احاط بالعملية، قال النائب بطرس حرب: «يسعدنا كلبنانيين أن يقفل ملف مأساة خطف الأستونيين السبعة على الأرض اللبنانية على نهاية سعيدة، ما يخفف من الإساءة والضرر الكبيرين اللذين لحقا بلبنان وبسمعته كبلد تستباح فيه سلامة الناس وحريتهم ويتم خطف السياح على أرضه، إلا أنني مع تهنئتي للأستونيين السبعة، ومع شكري للدول التي تعاونت لحل هذه القضية الغامضة على الجهود التي بذلتها، ولا سيما الدولة الفرنسية ومخابراتها، إنما من حق اللبنانيين أن يعرفوا من خطف هؤلاء، ولماذا خطفوا، وكيف استردوا وأطلق سراحهم، ومن قام بالمداهمات ضد الخاطفين وما كان ثمن إطلاق المخطوفين وما هي الخلفية السياسية والإقليمية التي كانت وراء خطفهم وإطلاقهم». وأكد «حق اللبنانيين بمعرفة ما هو دور قوى الأمن وفرع المعلومات والأجهزة القضائية التابعة لوزارة العدل وأجهزة المخابرات اللبنانية وغير اللبنانية في هذا الموضوع، وهل إن ثمن إطلاق هؤلاء المخطوفين أحياء هو شرط حصول هذه العملية بنجاح لتغييب دور الدولة وأجهزتها الأمنية؟ وما هي التدابير التي اتخذت أو ستتخذ لكي لا يتم تشجيع هذا النوع من العمليات على عمليات أخرى على حساب القانون والدولة وسيادتها؟»، معتبراً ان «من غير الطبيعي أن تحدث قضية بهذه الخطورة، وتتم معالجتها بسرية، ما يدفعني إلى مطالبة الحكومة بإصدار بيان يوضح ظروف القضية». واعتبر عضو كتلة «المستقبل» النيابية جمال الجراح ان «الإفراج عن الاستونيين رسالة دعم للرئيس نجيب ميقاتي»، مشبهاً «هذه العملية بالأوكسجين الذي سيساعد الحكومة على البقاء على قيد الحياة». وإذ اعتبر ان «الإفراج خطوة جيدة جداً، ربما يزيل الانطباع السيء عن لبنان»، رأى ان «الإفراج يشير بوضوح الى الجهة الخاطفة وأماكن احتجاز الرهائن والجهة التي قامت بتسليمهم». وشدد على «الدور الذي لعبه فرع المعلومات في الإفراج عن الأستونيين». وقال ان «العملية رسالة ايجابية إلى الأوروبيين من جهات اقليمية بعدما جرى الاعتداء على سفاراتهم في دمشق». ورأى النائب محمد كباره «ان خطف الاستونيين جرى على ارض لبنانية غير خاضعة لسيادة الدولة بل تابعة لمحمية «حزب الله» الامنية المحمية بدورها من النظام السوري على ارض لبنانية، وكما كان اختطافهم لغزاً، كان اطلاقهم لغزاً اكبر». وسأل عن «ثمن الإفراج عن المخطوفين؟ هل كان ثمناً سياسياً من الاتحاد الاوروبي لسورية او ل «حزب الله» ام فدية مالية؟ ولمن؟ ما هو معنى اطلاقهم اليوم بالذات؟ هل هي محاولة سورية للتقرب من فرنسا، التي تخوض معركة دعم الانتفاضة التي يخوضها أحرار سورية؟ هل هي محاولة سورية لمحو صورة النظام المدافع عن الارهاب والتنظيمات الارهابية؟ هل هي رسالة برسم الغرب لتأكيد ان سورية تقف سداً في وجه الارهابيين والخاطفين؟ ما هي الاستهدافات اللبنانية من وراء إطلاقهم؟ هل تكون لدعم الحكومة اللبنانية المصنوعة من دمشق في مستهل عهدها؟ في جميع الاحوال كان لبنان بريداً ليس إلا لرسالة لا علاقة له بها من قريب او بعيد، فإلى متى تستمر الحدود مستباحة ولبنان بلا دولة يسرح فيه المجرمون من دون حساب؟». وأكد عضو كتلة «الكتائب» ايلي ماروني أن «إطلاق الأستونيين السبعة يعني أن الملف الأمني ليس بيد الدولة اللبنانية، وظهر المسؤولون الأمنيون أنهم آخر من يعلم، لكن هذه السيناريوات لا تنطلي على أحد. المهم أنه تم الإفراج عنهم ولكن ذلك أضر بسمعة لبنان وباقتصاده وسياحته».