متحدياً الهجوم التركي الذي يستهدف بلدته منذ أيام في إطار عملية «غضن الزيتون» وعلى رغم نزوح معظم جيرانه وتضرر منزله جراء القصف، قرر أبو جوان الصمود في منطقة عفرين شمال سورية «طالما بقي على قيد الحياة». وأكد الرجل السّبعيني الذي يستخدم اسماً مستعاراً ويلفّ رأسه بشال تقليدي لوكالة «فرانس برس»: «لن أخرج من جنديرس طالما أنا حيّ». ويسأل بانفعال «أين سأذهب؟ لا مازوت ولا سيارة لدينا. لا نعرف إلى أين سنذهب. الطرق حولنا مقطوعة كلها». وبدأت تركيا مع فصائل سورية معارضة قريبة منها السبت الماضي هجوماً من داخل أراضيها تحت تسمية «غصن الزيتون»، أعلنت أنه يستهدف المقاتلين الأكراد الذين تعدهم أنقرة «إرهابيين» في منطقة عفرين شمال محافظة حلب. واستهدفت الطائرات والمدفعية التركية في شكل خاص منذ بدء الهجوم المناطق القريبة من الحدود وبينها بلدة جنديرس الواقعة جنوب غربي مدينة عفرين وعلى تماس مع نقاط وجود الفصائل السورية المعارضة المدعومة من أنقرة والمشاركة في الهجوم. وأضاف الرجل الذي تضرر منزله وجرار زراعي يملكه جراء قصف مدفعي تركي أول من أمس، «ليساعدنا الله ويتلطّف بنا». وتسبب القصف على البلدة التي تعد من كبرى بلدات عفرين بدمار منازل من طبقات عدة. واختار عدد من الأهالي الاختباء في ملاجئ جهزوها سابقاً، حيث اختبأ حوالى ثلاثين شخصاً من بينهم أطفال داخل أحد الأقبية وسط ضوء خافت. وتعرّضت البلدة التي تؤوي خمسين ألف نسمة بين سكان ونازحين، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إلى قصف مدفعي كثيف في اليومين الأخيرين، فيما نفت تركيا أكثر من مرة استهدافها المدنيين. وقال صاحب محل بقالة من دون الكشف عن هويته: «رأسنا مرفوع ولن نغادر أبداً. ليعرف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جيداً أن لا المدفعية ولا الطيران سيؤثر فينا». وأضاف: «قال أردوغان إنه لن يستهدف المدنيين لكنه من ضعفه يستهدفهم اليوم. إذا كان يريد ضرب المقاتلين فهم في الخنادق والجبال. هنا البيوت كلها للمدنيين». وزاد: «ليعرف أردوغان أنه طالما نحن أحياء فالأرض أرضنا وسنبقى فيها، لن نتركها. سنبقى على صدره مثل الصخر». وفي إحدى حارات جنديرس التي دمر القصف العديد من منازلها، التقط شخص عرّف عن نفسه بأنه محامٍ، صوراً للدمار عبر هاتفه. وذكر: «لن نخرج من جنديرس. سنقاتل ولن نتركها أبداً. نحن أصحاب حق وأصحاب قضية. لا قوة بإمكانها أن تخرجنا من أرضنا». وتقتصر المعارك الميدانية بين الجانبين على قرى حدودية مع تركيا، فيما لا تزال مدينة عفرين بمنأى عن المعارك والقصف الذي استهدفها لمرة واحدة عند بدء الهجوم، ما يجعلها وجهة النازحين الهاربين.