مونتريال - «الحياة» - تشير دراسات صحية واجتماعية ونفسية وتربوية، معنية بالمراهقين، إلى أنهم يتعرضون في مطلع حياتهم لتغيرات عميقة، ما يجعلهم في منزلة بين منزلتين، فلا هم أطفال ولا هم بالغون. ويجب التعامل معهم، في هذه المرحلة من حياتهم بوعي ومسؤولية، تمهيداً لعبورهم في شكل هادئ وآمن نحو عالم الراشدين. واللافت أن معظم الأدبيات المتعلقة بالمراهقين ينظر إليهم نظرة سلبية في كل ما يتصل بنزوعهم نحو الاستقلالية في التصرف والسلوك، والعلاقة بالأسرة والمحيط. وقاموس المراهقين يضج بالمفردات التي لا تتوانى عن نعتهم بالمغرورين والانطوائيين والخجولين واللامبالين والانفعاليين والمتمردين والفاشلين... وخلافاً لمجمل تلك «التوصيفات» السلبية، هناك وجه إيجابي آخر كشفه استطلاع عالمي نظمه «منتدى المراهقين» www.forumdesados.net، التابع لمؤسسة «وايث» wyeth، الدولية المعنية بحاضر المراهقين ومستقبلهم، وشمل 1826 مراهقاً ومراهقة من دول مختلفة، تتراوح أعمارهم بين 15 و18 سنة. وأظهر ان المراهقين يختزنون طاقات وإمكانات وقدرات ومواهب ومشاعر إنسانية وحباً للحياة وآمالاً وطموحات، تفوق ما يماثلها لدى البالغين. وجاء فيه أن 80 في المئة راضون عن حياتهم وقادرون على الخروج من جلدهم بأمان إلى عالم الراشدين، ولديهم ثقة كبيرة بالمستقبل. وأعرب سيرج هوفز، وهو خبير نفسي تربوي وأحد المشرفين على الاستطلاع عن أنه لم يفاجأ بالنتائج، مشيراً إلى أن المراهقين هم «مرآة البالغين وشباب صغار على استعداد للطيران بأجنحة خاصة لبلوغ مجتمع الكبار». ويشير الاستطلاع الى أن 75 في المئة، أقاموا جسوراً جيدة مع أصدقائهم، و63 في المئة نجحوا في تعزيز الروابط العائلية، و56 في المئة حافظوا على صلات وثيقة مع زملائهم في المدرسة، وأن 60 في المئة يطمحون الى مستويات علمية ومهنية أفضل من التي وصل إليها أهلهم. ويلفت الاستطلاع إلى أن 60 في المئة من الفتيات أعربن عن رغبتهن في إقامة علاقات عاطفية، مقابل 40 في المئة للذكور. وتعلق مارغريت بدوان، خبيرة العلوم الجنسية في جامعة واشنطن، على هذه النسبة، خلافاً لما يظنه بعضهم، بأنها «طبيعية ومنطقية»، مشيرة الى ان المراهقات أكثر جرأة في البوح عن رغباتهن من الذكور. وحظي أحد الوالدين بنسبة 56 في المئة، كقدوة إلى النجاح، مقابل 23 في المئة للشخصية السياسية. ويخلص الاستطلاع في رأي ميشال فيلد، المسؤول عن «منتدى المراهقين» الإلكتروني، إلى بعض النتائج المهمة، منها أن المراهقين في هذا العصر هم طليعة جيل ديناميكي قادر على التفاعل إيجاباً، مع محيطه العائلي والتربوي والمهني ويتمتع برؤية «براغماتية» متفائلة للنجاح، ويمتلك مخزوناً غنياً بالمشاعر الإنسانية، ما يعني أن المراهقين باتوا فعلاً على مشارف «مملكة الكبار». ويضيف كلود غريسلي، رئيس مؤسسة «وايث» ان المراهقين «لم يعودوا ضحايا الأزمات التي كانت تعصف بهم، بل أن حياتهم اصبحت اكثر توازناً بين الطموح والحماسة... والرشد».