مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تعاملاتها على تباين    رابطةُ العالم الإسلامي تشيد بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتماد "إعلان نيويورك" بشأن حلّ الدَّولَتين    أمير قطر ورئيس وزراء هنغاريا يبحثان مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية    موسم الخريف: اعتدال الأجواء واقتران القمر بالثريا في قران 19    "موسم الرياض 2027" يستضيف "WrestleMania ®️ 43" الأضخم في تاريخ المصارعة الحرة    موسم الرياض 2027 يستضيف WrestleMania ® 43 الأضخم في تاريخ المصارعة الحرة    التسويق والأسعار معوقان يواجهان مربي الحمام    والدة الزميل إبراهيم القصادي في ذمة الله    ثقافة العافية الرقمية تهدد الصحة بالهامشية    الرياض الأكثر تبرعا بالدم    ضبط شخص في تبوك لترويجه الحشيش وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطب    الاتحاد يحصد نقاط مواجهة الفتح    فهد بن جلوي: دعم سمو ولي العهد أوصل رياضة سباقات الهجن إلى العالمية    الفيفا يتلقى أكثر من 1.5 مليون تسجيل لشراء تذاكر كأس العالم 2026    المملكة توزّع 357 سلة غذائية في مدينة بيروت    بلدية القطيف تنظم ورشة "السلامة المهنية والحماية من الحرائق"    إدارة مساجد الدمام تنظم حملة للتبرع بالدم تحت شعار "قيادتنا قدوتنا"    الاتفاق يتعادل مع الأهلي في دوري روشن    الأمير ناصر بن عبد الرحمن يفتتح معرض "حياة في زهرة" الذي نظمته جسفت عسير    بعد غياب 5 أشهر.. العالمي يزيد الراجحي يستأنف مشوار الراليات من البرتغال    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعرب عن تقديرها العميق للمملكة وفرنسا    السعودية تدين تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي ضد دولة قطر    بنك الرياض شريك مؤسس في مؤتمر Money 20/20 Middle East    «الحياة الفطرية»: تصوير الكائنات الفطرية في بيئاتها الطبيعية لا يعد مخالفة بيئية    إجتماعاً تنسيقياً لبحث أولويات مشاريع الطرق في حاضرة الدمام    جامعة الإمام عبدالرحمن توقّع مذكرة تفاهم مع الجمعية السعودية للصيدلة الإكلينيكية    تركي آل الشيخ: التوقيع مع كانيلو الأكبر في تاريخ الملاكمة    الأسهم الآسيوية تُعزز آمال تخفيف إجراءات أسعار الفائدة لتصل إلى مستويات قياسية    الوسطاء يبيعون الوهم    في العلاقة الإشكالية بين الفكرين السياسي والفلسفي    تخريج (3948) رجل أمن من مدن التدريب بمنطقتي الرياض ومكة    التحالف الإسلامي يختتم في عمّان ورشة عمل إعلامية لمحاربة الإرهاب    150 مستفيدا من مبادرة إشراقة عين بالشقيق    أبحاث أسترالية تؤكد دور تعديل نمط الحياة في خفض معدلات الإصابة بالخرف والزهايمر    التكامل بين الهُوية والاستثمار الثقافي    مها العتيبي.. شاعرة تُحاكي الروح وتكتب بوهج اللحظة    القيادة والاستثمار الثقافي    هبات تورث خصاماً صامتاً    سِيميَائِيَّةُ الأَضْوَاءِ وَتَدَاوُلِيَّتُهَا    حراسة المعنى    الراية الخضراء    ثوابت راسخة ورؤية متجددة    مجلس الشورى.. منبر الحكمة وتاريخ مضيء    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُعيد قدرة المشي لستينية بإجراء جراحة دقيقة لاستبدال مفصلي الركبة    كشف مبكر لمؤشرات ألزهايمر    خريطة لنهاية الحرب: خيارات أوكرانيا الصعبة بين الأرض والسلام    تطابق لمنع ادعاء الانتساب للسعودية    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الخطاب الملكي يؤكِّد على المبادئ الراسخة لهذه الدولة المباركة    الوفد الكشفي السعودي يبرز أصالة الموروث الشعبي في فعالية تبادل الثقافات بالجامبوري العالمي    خلال تدشينه جمعية كافلين للأيتام بالمحافظة محافظ تيماء: خدمة الأيتام تتطلب فكرًا وعملًا تطوعياً    ⁨جودة التعليم واستدامته    " كريري" يزور المدخلي للاطمئنان على صحته بعد نجاح عمليته الجراحية    محافظ الطائف يلتقي القنصل الامريكي رفيق منصور    السعودية ترحب وتدعم انتهاج الحلول الدبلوماسية.. اتفاق بين إيران والوكالة الذرية على استئناف التعاون    أكد أن النجاحات تحققت بفضل التعاون والتكامل.. نائب أمير مكة يطلع على خطط طوارئ الحج    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    وزير الدفاع لرئيس وزراء قطر: نقف معكم وندين الهجوم الإجرامي السافر    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آسيا خليل شاعرة سورية تخرج من صمت طويل
نشر في الحياة يوم 05 - 03 - 2011

على رغم أنها شاعرة يستطيع القارئ إن يميز شعرها المتفوق من القراءة الأولى، إلا إنها غير معروفة للقارئ العربي حتى هذه اللحظة لسبب واحد يجب ربما التأكد منه، وهو السجن. في ديوانها الأول «أهب أصابعي إلى خواتم النور» الصادر عن دار الغاوون 2010، هناك ملاحظة تقول إن الشاعرة المولودة عام 1969 امتنعت عن النشر فترة طويلة من دون ذكر للأسباب، مع أنها شاعرة جيدة ولكن لا بد من البحث عن هذه الأسباب من خلال نصوص الديوان.
تمتلك آسيا خليل لغة جزلة متينة مرصعة بصور شعرية مبتكرة، مدعومة بخيال خصب يعيد تشكيل الأفكار والتجارب القديمة بصياغات بارعة وبليغة لتصوير تجربة مريرة كانت في الماضي حكراً على الرجال، ونقصد بذلك الكتابة عن السجن أو التغييب الذي يحصل للإنسان في عالمنا العربي الذي بدأ ثورة ربما لن تتوقف بعد سنوات تطول أو تقصر.
تعالج الشاعرة هذه الموضوعة بطريقة مختلفة عما عهدناه في السابق، عن طريق الإيحاء والمناورة الشعرية، وكأنها تحاول أن تخفي الوجه البشع لذلك المكان الذي عاشت فيه فترة طويلة وحيدة أو مع قرينات مقيدات بالجدران القذرة والعزلة المفروضة. قبل إن نتابع هذا الموضوع، دعونا أولاً نستمتع بنصوص الشاعرة الأخرى التي تعالج فيها موضوعات قريبة من الثيمة الرئيسة، او هي صدى لها.
في القصيدة الأولى من المجموعة «وحدك في المهب»، تكتب الشاعرة: (مفعمة بالأسى أعيد اجتياح الأساطير/ لي ابتهالات جفت على باب أنانا/ وهوى في أور/ وخاتم في يد السومري/ لي في الأعالي زهرة/ يصعد لها البابلي أدراج الهيام/ لي صولجان الماد والكمنجات التي تتلوني كلما افتتح الجلنار خابية الحنين/ لي رعشة التيه في شفتيك/ كلما شهق كحل في اللواحظ/ إلي/ إلي...). من يقرأ هذا المقطع الشعري الجميل سيظن إن الشاعرة عراقية الأصل، لكن الواقع إن الشاعرة سورية الأصل، وكردية تستعير التراث السومري والبابلي وتمزجه بتراثها الخاص الذي يشترك مع ذلك التراث في الكثير من جوانبه الميثولوجية.
بهذه اللغة الصافية والبليغة والصور الشعرية الثرية تهيئ آسيا خليل قارئها لاستقبال مادتها الشعرية التي يمكن إن نسميها القسوة، فهي وعن طريق الفلاش باك وبتقنية درامية تهيئ للمشهد الشعري.. وحيدة في عزلتها المفروضة تناجي انانا طويلاً بلا فائدة، لان الابتهالات جفت على باب الآلهة، ولأنها كذلك فهي تسترجع صوراً وذكريات جميلة عن حبيب غُيِّبت عنه عنوة وتتمنى لو تستطيع أن تستعيده الآن فتناديه إلي... إلي.
في قصيدة «رسائل لا تصل» يتقدم المشهد الشعري الدرامي قليلاً ليهجس بما سيأتي (في مقدوري أن أتبينه منهمراً مع المطر هذا/ يداً تطرق باب ليلي/ في مقدوري أن أتحسسه صدى القيثارة البعيد/ كما أتحسس الآن دمعة راعشة/ صماء هذي الجدران تؤجج صراخ ذاكرتي/ تتمادى الهواجس إذ أراوغها محدِّقة في ما لا أراه/ كأنها – الهواجس – أفاعٍ تلتف على عزلتي/ لائذة بهذي المطر أمنّي النفس وما من بريد يصل). يثير المطر أثناء الليل وفي تلك العزلة المريرة ذكريات شتى، ولكن أي ذكريات يثير عند السجين المضغوط بين الجدران العارية؟ أول ما يتبادر إلى الذهن صورة الحبيب الذي يتشظى مثل قطرات المطر الليلي الذي لا «تراه» الشاعرة، إنها تستخدم تقنية الحواس في هذه القصيدة بشكل مدهش مثل تقنية السمع والبصر. صوت المطر الذي يسمع ولا يرى وتحسس صوت الموسيقى غير المسموع.
بعد هذه المشاهد القصيرة نصل إلى مرحلة البوح وسوف نعرف قبل ذلك إن السجينة قد قضت فترة طويلة في السجن من خلال تعاقب الفصول عليها وهي في الزنزانة ذاتها «أيتها الطرقات الطويلة/ ما الذي يردعني الآن عن/ امتطاء صهوة مسافاتك/ في أمسيات الصيف/ سوى خلاخيل الحديد»؟ لقد ذكرت في القصيدة الماضية المطر والشتاء وها هي الآن تتحدث عن الصيف، لأن الشتاء قد مر وهي قابعة هناك وها هو الصيف يأتي وهي ما زالت في المكان نفسه ما يدلل على سجنها الطويل». «نامت السجينات/ نامت الأحلام/ نامت الدنيا والحراس ناموا/ وحده قلبي ظل مرتطماً/ بقضبان الحديد».
تحتاج هذه الشاعرة آسيا خليل إلى متابعة جدية من النقاد لميزتين فيها، هما طاقتها الشعرية الملفتة وتجربتها الشخصية في السجن، ونحن نستنتج شخصياً أنها عاشت فترة طويلة فيه وامتنعت أو مُنعت من النشر لهذه الأسباب، وإلا لماذا انتظرت هذه الفترة الطويلة لكي تطبعه الآن بعد أن تجاوزت الأربعين من العمر؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.