لا تختلف حلقة «الحد» من مسلسل سيلفي، عن أي تقرير في برنامج وثائقي، إذ تعمد مخرج العمل أن تكون واقعية حتى بمشاهدها الممدودة التي تصور يوم المرابطين في الحد الجنوبي، من العلاقات الإنسانية وصولاً إلى الحوارات العفوية التي كان يراد منها أن تلامس عاطفة المشاهد وتنقله إلى هناك حيث أصوات المدافع والصواريخ وأزيز الرصاص، بعيداً عن جدران المنازل وأمانها. لعب المخرج بحرية على اللغة البصرية، وكانت الصورة مقنعة، حتى مع مشاهد المرتفعات وممرات الوحل، ولم تكن الحوارات على رغم عدم غياب الفكاهة العفوية فيها هي عامل نجاح الحلقة بقدر ما كانت الواقعية التي بعدت عن التكلف في النص أو الأداء. لن تمر هذه الحلقة على أسر الشهداء والمرابطين من دون أن تلامس مشاعرهم، وستستجدي لا محالة الدموع، وسترجع الذكريات المليئة بصور من رحلوا أو أصيبوا، أو من ينتظرون النصر أو الشهادة، وعبر حسابه في «تويتر» اختصر الفنان ناصر القصبي التقديم للحلقة كعادته مع بقية الحلقات ليكتب إلى جانب صورته بالزي العسكري «حلقة اليوم في ميدان العز والكرامة». واختصر مشهد أسر أحد الأطفال اليمنيين المغرر بهم، وتعامل الجنود معه بإنسانية وتعاطف، مشهد تجنيد الحوثيين للأطفال والذي يتكرر تحت ذريعة «مقاتلة أميركا وإسرائيل»، وهذا ما نقله مشهد أوضح فيها الصورة الحقيقية للأخلاق الإسلامية الإنسانية. لخصت دموع «نايف» الذي جسد شخصيته وببراعة الفنان القصبي، في المشهد الأخير وهو يحتضن مولودته التي ولدت وهو في الحد الجنوبي، قبل أن يفقد قدمه «فداءً للوطن»، اختصرت واقعية المشهد الذي تعايش وتقمصه القصبي، قبل أن يسمي ابنته «وطن» ليكون مشهد الدموع التي اغرورقت عيناه بها خير ختام وتحية للمرابطين في الحد الجنوبي. حاول المخرج أن يدخل المشاهد في واقعية مشاهد الاشتباكات بين المرابطين والحوثيين، بوضع كاميرا متحركة على خوذة أحد الممثلين، إلا أن المشهد كان يتيماً ولم يكتمل، إلى جانب الاستعانة بأحد أشهر موسيقى الأغاني الوطنية لتكون المؤثرات الموسيقية المرافقة للمسلسل. يحسب للمخرج أوس الشرقي إدخاله لكومبارس حقيقي ليضفي على المشاهد واقعية أكبر، إلى جانب مشهد بتر قدم «نايف» الذي كان واقعياً بامتياز، وتعد الحلقة كما رآها مغردون أنها تحية للمرابطين وللشهداء، على رغم افتقارها للكثير من التفاصيل إلا أنها بمثابة مواساة لحماة الوطن. نقلت الحلقة معاناة المرابطين مع الألغام والقذائف ووابل الرصاص، إلى جانب ابتعادهم عن أسرهم وخصوصاً في أول أيام شهر رمضان، والتضحيات التي يقدمونها من أجل الوطن، وفي تلميح سريع أشار إلى المعاناة المادية التي ترهق المرابطين من ديون وإجارات مساكن، إلى أن كل هذا لم يمنعهم من الثبات في ميدان «العزة والكرامة». لعبة لغة الكاميرا الذي تنقل بها مخرج العمل بين المشاهد العلوية التي كشفت صعوبة المنطقة وخطورتها، إلى مشاهد قريبة جعلت المشاهد يتعايش مع بعض التفاصيل وكأنه كان هناك، وأيضاً التطور والتقدم في الأزياء والماكير الذي أضفى على الحلقة عمقاً يحسب لطاقم العمل.