عبدالعزيز بن سعد يزف 8400 خريج من جامعة حائل    ولي العهد وترمب والشرع يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سورية    نائب أمير الشرقية يتسلّم تقرير فرع «الموارد البشرية»    رسم ملامح المرحلة المقبلة من أمن الطاقة العالمي    مختصون ل«الرياض»: القمة الاستثمارية «السعودية الأميركية» ترسم ملامح تعاون اقتصادي جديد    ولي العهد والرئيس الأميركي يشاركان في أعمال منتدى الاستثمار    الشورى يطالب بتفعيل الأطر التشريعية للمحتوى التعليمي الإلكتروني    سعود بن نايف يدشن ملتقى التحول الرقمي 2025    القبض على (4) مخالفين لنظام أمن الحدود لتهريبهم (120) كيلوجرامًا من "القات" في عسير    ولي العهد يصطحب الرئيس الأميركي في جولة بحي الطريف التاريخي في الدرعية    الوساطة السعودية تنتصر لسوريا برفع العقوبات    برامج توعوية وإرشادية    "مستشفى المانع بالدمام" يُنقذ حياة طفل يُعاني من تسمم في الدم    توقيع عقدين لتطوير المدارج ومواقف الطائرات وأبراج المراقبة بمطار الملك سلمان الدولي    غوميز يريد الثأر من الهلال.. أرقام لافتة قبل اللقاء    كيف نُعبر عن حبنا للرياضة بوعي    السعودية ترسم خارطة سلام جديدة في آسيا    الهيئة الملكية لمحافظة العلا وصندوق النمر العربي يعلنان عن اتفاقية تعاون مع مؤسسة سميثسونيان لحماية النمر العربي    عماد التقدم    الكشف عن موعد ومكان سحب قرعة كأس آسيا للسيدات 2026 في أستراليا    انطلاق بطولة منطقة الغربية 2025 للهوكي للرجال والبطولة النسائية الثالثة للهوكي    "أوراكل" تعلن عن استثمارات بقيمة 14 مليار دولار في المملكة العربية السعودية    بتكاتف جهود العاملين في مبادرة "طريق مكة".. إنهاء إجراءات سفر الحجاج خلال دقائق    احتفالات تعم سوريا بعد قرار رفع العقوبات وإشادة بدور الأمير محمد بن سلمان    الشباب السعودي يقود تنمية قطاع السياحة الداخلية في المملكة    جامعة أم القُرى تكرِّم 27 فائزًا بجائزة جامعة أمِّ القُرى للتَّميُّز لعام 1446ه    أمانة القصيم تكثّف أعمالها لتحسين جودة الطرق ورفع كفاءة البنية التحتية في مدينة بريدة    مجمع الحباب بن المنذر يدشن شركات مع عدد من الجهات الصحية    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    قطاع القحمة الصحي يُنفّذ عدداً من الفعالية التوعوية    أمير قطر يغادر الرياض    زلزال بقوة 6 درجات يضرب ولاية موغلا غربي تركيا    بلدية صبيا والجمعيات الأهلية تثري فعاليات مهرجان المانجو بمشاركة مجتمعية مميزة    "البريك" تهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    السعودية للكهرباء تسجل نمواً قوياً في الإيرادات بنسبة 23% لتصل 19.5 مليار ريال في الربع الأول من عام 2025    السعودية للشحن الناقل اللوجستي الرسمي لمنتدى الأعمال السعودي الصيني 2025    ترامب وعد وأوفى وستبقى السعودية الوجهة الأولى    المعلّم والتربية الشعبية    "إهمال المظهر" يثير التنمر في مدارس بريطانيا    ضبط 3 وافدين لارتكابهم عمليات نصب لحملات الحج    رائد التحدي سيعود من جديد    رئيس الفيفا: السعودية قادرة على تنظيم نسخة تاريخية من مونديال2034    "السيبراني" يعزز جاهزية الجهات الوطنية في موسم الحج    "واحة الإعلام" تختتم يومها الأول بتفاعل واسع وحضور دولي لافت    حسين نجار.. صوت إذاعي من الزمن الجميل    " الإبداع السعودي" يختتم مشاركته في " كتاب بوينس آيرس"    أكد أنه رفع العقوبات عن سوريا بناء على طلبه.. ترمب: محمد بن سلمان رجل عظيم والأقوى من بين حلفائنا    السعودية رمز السلام    وسام المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف الأولى    فناربخشة يعرض مبادلة النصيري ب» ميتروفيتش»    أمير الشرقية يطلع على إنجازات وزارة الموارد في المنطقة    "مؤتمر علمي" لترسيخ الابتكار في السعودية الاثنين المقبل    رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم حج (1446ه)    «مبادرة طريق مكة».. تأصيل لخدمة ضيوف الرحمن    أمير نجران يستعرض تقرير نتائج دراسة الميز التنافسية    تخريج 3128 خريجاً من الجامعة الإسلامية برعاية أمير المدينة    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية تُدشّن أول نظام روبوتي مختبري من نوعه «AuxQ»    100 مبادرة إثرائية توعوية بالمسجد النبوي.. 5 مسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نحن أمام حرب كونية للأفكار؟
نشر في الحياة يوم 23 - 10 - 2010

بدأ الغرب الحرب على «طالبان» و «قاعدة» ابن لادن في أفغانستان مع سبق الإصرار، وهما في حقيقة الأمر صنيعة الغرب وليس صنيعة الدول الإسلامية، فدول الغرب من خلال استخباراتها هي التي صنعت ابن لادن و «طالبان»، لكسر شوكة الاتحاد السوفياتي (السابق)، وهي نفسها التي ظلت تضخمهما وتعطيهما أكثر من حجمهما، ثم لجأت الى أسلوب الذرائع والمبررات وجنّدت الإعلام لشحن الرأي العام العالمي، حتى اقتنع بأن «القاعدة» و «طالبان» لهما قوة عظيمة وسطوة كبيرة، ولا تقهرهما إلا قوة عظمى، وإذا لم تقهرا فعلى أمن الدول الغربية السلام بل والشرقية أيضاً.
وقبل بدء شرارة الحرب، أعلن الرئيس بوش الابن الذي أقنع الرأي العام الغربي بخطورة «طالبان» وابن لادن، بل جرى إقناعه بأنه قد تقع في أيديهما أسلحة نووية وجرثومية وغيرها، وانه يتحتم منازلتهما أين ما وجدا بالقوة الأميركية للقضاء عليهما، وحتى يضمن مؤازرة جميع دول الغرب وكثير من دول الشرق، أعلن شعاره لهذه الحرب «إما معنا أو مع الإرهاب»، ومن يرضى أن يوصم أنه مع الارهاب؟
ووسط الضجيج الإعلامي وتصريحات الطرفين في نزالهما، أساء كل طرف الى الحضارة التي ينتمي إليها بقصد ومن دون قصد، فقد اندلعت حرب أخرى يكرهها الجميع أطلق عليها البعض مسمى حرب بين الإسلام والمسيحية، وتعددت تصريحات قادة غربيين معادية للإسلام تبعتها اعتذارات.
إن المسلمين والعرب أمام إشكالية حقيقية، فدولهم بين أكثر الدول قمعاً ومحاربة للإرهاب واجتثاثاً لأسبابه، ومع ذلك فهم المتهم الأول بتأجيج الإرهاب في العالم، والغرب يمد لهم أصابع الاتهام، بل ويذهب أكثر من ذلك، فيعتبر تعاليم الإسلام المحرك لدولاب ما يسمى بالإرهاب، على رغم ان الدول الاسلامية نفسها عانت من وجع الإرهاب، بل إن الإرهاب الذي ألصقه الغرب بالإسلام عمداً هدفه تشويه الوجه الساطع والنور الخالد للإسلام، فإذا كان العملاق الأميركي عاش فترات رخاء حسد عليها ولم يعكر صفوه او يجرؤ احد على التفكير في إيذائه باستثناء حرق البريطانيين البيت الأبيض عام 1812 او كارثة بيرل هاربر، وأخيراً مأساة نيويورك وواشنطن، فإن العرب والمسلمين واجهوا كوارث ومحناً لا حصر لها خلال الخمسين عاماً الماضية، وفي مقدمها ارهاب اسرائيل.
ان العالم اليوم يتجه إلى تغيير في النفوذ والاستراتيجيات، والى صراع او تصادم بين الحضارات في وقت عصيب يستدعي حوار الحضارات لا صدامها، حوار يقوم على نبذ الاحقاد والكراهية، وبناء الثقة على طريق العدل والسلام والاستقرار، وهذا بالتأكيد يعود على العالم بمنافع سياسية واقتصادية كبيرة، كما انه الوسيلة الأنجع لاجتثاث ما يسمى بالإرهاب، فظلم الغرب وطغيانه ووقوفه ضد حقوق العرب وعداؤه السافر للإسلام يعتبر مغذياً لشعور الكراهية ضده، وبالتالي تنامي العداء ومحاولة رد الكيل الذي يسميه الغرب بالإرهاب.
ولا شك في أن قضايانا في العالم العربي والاسلامي تتداخل بمصالح مرتبطة مع الغرب، ولكن أصدقاءنا في الغرب كان همّهم ولا يزال الذود عن مصالحهم، والغريب ان الغرب يعترف جهاراً نهاراً بأنه في سياسته يتحرك وفق مصالحه، كما أن مواقفه تؤكد ذلك، وانه يدوس على كل المبادئ، ولكن العرب لا يريدون ان يصدقوا ذلك، ويريدون من الغرب الإنصاف والعدالة ويرنون بعيونهم في كل قضية تواجههم الى الغرب، الذي ليس من مصلحته ان تقوم للعرب قائمة.
وهكذا، فإن العرب بإصرارهم على وضع تلك الغشاوة على عيونهم لا يزالون يدفعون ثمن كل الحروب والأزمات، بل ويخسرون قضاياهم في خضم إدارة حروب الآخرين منذ أوائل القرن المنصرم، والأدهى انه حتى اليوم نجد أن غالبية الدول في الغرب والشرق تتجاهل قضايانا، على رغم كثرتها وعدالتها وفي مقدمها القدس الشريف، والأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، وهذا لا شك فيه ظلم بيِّن لنا، ولكن علينا ألا نلوم أحداً، فنحن المقصرون في حق أنفسنا وقضايانا، فكل جهودنا للدفاع عن تلك القضايا كانت متواضعة فلم تؤت ثمارها، الا الزعيق والشجب والاستنكار التي حصادها السراب.
وسؤال بديهي يبرز: هل نحن بالفعل أمام صياغة عقد جماعي ضد الإرهاب؟ الإجابة ليست مؤكدة ولكن المؤكد أن القوة العظمى (أميركا) شنت الحرب وأيدتها معظم الدول بعد أن تأكدت أن هناك مصالح حقيقية تعود عليها بالنفع بدءاً من السيطرة على نفط بحر قزوين حين تغزو أفغانستان وصولاً إلى نفط العراق المهم لأميركا الذي أعلن أخيراً أن احتياطه قفز ليبلغ 143 بليون برميل ليصبح ثاني احتياط نفطي بعد السعودية ناهيك عن موقع العراق الاستراتيجي، لذا قررت الإدارة الأميركية في عهد الرئيس الأميركي السابق بوش الابن أن تضع يدها على بلاد الرافدين التي احتلتها على رغم أنف الأمم المتحدة ومجلس أمنها والمجتمع الدولي.
وفي عصر العولمة هذا ازدادت المنافسة والصراع الفكري، فالولايات المتحدة في هذه المرحلة الحرجة من التاريخ الإنساني تقود معركة الانتصار في الحرب العالمية للأفكار، ولهذا فقد اتخذ الصراع الفكري صفة العالمية، والعرب والمسلمون تعرضوا ويتعرضون لحملات فكرية بدرجات متفاوتة اتخذت منحى متعمداً لدى صموئيل هنتغتون في كتابه «صدام الحضارات» مروراً بميلر ومارتن كرامر وصولاً إلى توماس فريدمان وغيرهم كثر.
اليوم أصبح من أوجب الواجبات أن يكون لدينا تخطيط علمي يكرس اهتمامه لقضية الحوار بين الثقافات والحضارات والأديان، والذي أصبح ضرورة من ضرورات تطوير علاقات العالم الإسلامي مع الغرب، ليحفظ مصالحنا ويصحح كثيراً من المعلومات الخاطئة التي تروج في العالم عن الإسلام والمسلمين وثقافتهم وحضارتهم للرد على الحملات المغرضة ضد العرب والمسلمين وتفعيل فلسفة الحوار مع العالم ليغدو حياً معاشاً يقوم بدوره في مد أسباب الاتصال والتعارف بالمدلول القرآني الرحب العميق. هذا باعتبار أن الحوار أصل من الأصول الثابتة للحضارة العربية الإسلامية وتاريخها الناصع الذي يثبت في الضمير الإنساني فضيلة القبول بمبدأ مراجعة الموقف برمته إذا اقتضت لوازم الحقيقة وشروطها. هذه المراجعة قد تخلق بوصلة توصل إلى جلاء الحق وبيان أن الإسلام دين الوسط (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس) 143 البقرة. هذا التوجيه القرآني يرسم لنا بوضوح أن أمة الإسلام تتصف بالقسط وروح الاعتدال.
إن الحوار أصبح بالنسبة الى الأمة الإسلامية في هذا الزمان ضرورة وليس ترفاً فمن خلال الحوار يمكن هذه الأمة التعاون في جوانب شتى أمنية وسياسية وثقافية وتنموية واقتصادية، بل إن الحوار هو مفتاح رئيس للوقوف على أزمات الأمة وصراعاتها وهمومها، كما أن الأمة يجب أن تدرك مدى حاجتها اليوم للتضامن الإسلامي والعربي في مفهومه الإيماني العميق ومطامحه في خدمة السلام في العالم بدلاً من التشتت والتشرذم الذي تعيشه اليوم.
نقول هذا لأن من يتابع مسيرة تاريخ حوارنا مع الغرب يجد أننا ضيعنا أكثر من ستة عقود من دون أن نتلمس الخيوط الرئيسة التي تخدم قضايانا مع الغرب، فمثلاً كان تركيز دولنا العربية والإسلامية ولا يزال متركزاً على طرق أبواب أصحاب القرار في الولايات المتحدة وأوروبا لشرح عدالة قضايانا، ودعم العلاقات الثنائية وتجاهلنا بقصد أو من دون قصد أن نطرق باب المواطن الغربي خصوصاً الأميركي لإقناعه بعدالة قضايانا، فهم الذين يملكون تحريك بوصلة الرأي العام.
وقولنا هذا لا يعني الدعوة الى أن تتجاهل حكومات الدول العربية والإسلامية قنوات العلاقات الثنائية والديبلوماسية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وإنما تقصد خلق منظومة متكاملة من الإدارة التي تخدم القضايا العربية والإسلامية تتعاون من خلالها الدول العربية والإسلامية والمفكرون والمثقفون وأهل العلم والمعرفة والإعلام وأصحاب الخطاب الثقافي والفكري الذين بمقدورهم إيصال الحقائق والمعلومات الصحيحة إلى الرأي العام الأوروبي بعامة والأميركي بخاصة.
* رئيس مركز الخليج العربي للطاقة والدراسات الاستراتيجية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.