تواصل دوامة العنف الدامي في السودان حصد أرواح المدنيين، حيث أعلنت شبكة أطباء السودان، أمس (الأحد)، مقتل 11 شخصاً، بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة 31 آخرين، بينهم تسع نساء، في هجوم شنته قوات تابعة ل"الدعم السريع" على منطقة "شق النوم" بولاية شمال كردفان، في واحدة من أكثر الاعتداءات دموية على مناطق تعتبر تقليدياً آمنة نسبياً في خضم النزاع. ووصفت الشبكة الطبية الهجوم بأنه "اعتداء خطير على المدنيين"، محذرة من خطورة الوضع الإنساني، لا سيما أن من بين الجرحى حالات وصفت بالحرجة، من بينها نساء حوامل وأطفال. وأضاف البيان: "ما يجري يُظهر استهتاراً خطيراً بالقانون الإنساني الدولي ويزيد من تفاقم الوضع الكارثي الذي يعيشه السكان العزّل". ودعت الشبكة المجتمع الدولي، بما في ذلك الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمات حقوق الإنسان، إلى التدخل الفوري والجاد لوقف الانتهاكات المتكررة، ومحاسبة المسؤولين عنها بما يتماشى مع المواثيق الدولية والإنسانية. بالتوازي مع هذا التصعيد، شن الجيش السوداني غارات جوية استهدفت مواقع لقوات الدعم السريع في ولاية كردفان. ولم يُعلَن عن حصيلة رسمية للخسائر الناتجة عن هذه الضربات. كما أكد مصدر عسكري أن الجيش تمكن من صدّ هجوم واسع لقوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، والتي تشهد معارك ضارية منذ أسابيع في ظل محاولة الدعم السريع فرض سيطرته الكاملة على الإقليم. وذكر المصدر أن قوات الجيش، بدعم من فصائل مسلحة متحالفة، استعادت السيطرة على مواقع حساسة شملت سجن شالا ومقر شرطة الاحتياطي المركزي جنوب غربي المدينة، مؤكداً تكبيد قوات الدعم السريع خسائر فادحة. في المقابل، زعمت مصادر في الدعم السريع أن القوات تسيطر منذ يوم الجمعة على تلك المواقع ذاتها، بالإضافة إلى سوق المواشي جنوب الفاشر، ونشرت عبر منصات التواصل مقاطع فيديو تُظهر مقاتلين وهم يعلنون سيطرتهم على مناطق في أطراف المدينة. ومنذ أن فقدت الدعم السريع سيطرتها على العاصمة الخرطوم لصالح الجيش في مارس الماضي، اتجهت أنظارها نحو السيطرة على كامل إقليم دارفور، في إطار إعادة تموضع استراتيجي يُعزز مكاسبها على الأرض. وشهدت مدينة الفاشر، المحاصرة بمخيمات نازحين ضخمة تعاني من مجاعة معلنة دولياً، موجات من الهجمات التي زادت من معاناة السكان وأضعفت قدرة المنظمات الإنسانية على الاستجابة. وأدّت الحرب المستمرة في السودان منذ أبريل 2023 إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، ونزوح نحو 13 مليون شخص داخل البلاد وخارجها، وسط تدهور مريع في الخدمات الأساسية وغياب أي أفق واضح لحل سياسي قريب. ويُحذر مراقبون من أن استمرار الهجمات العشوائية على المدنيين، كما حدث في "شق النوم"، يُنذر بانفجار أمني أوسع، ويفتح الباب أمام تصاعد الانتهاكات، ما لم يتم كبح جماح التصعيد العسكري، وإحياء الجهود الدبلوماسية للوصول إلى تسوية شاملة تُنهي معاناة شعب أرهقته الحرب.