أكد البيت الأبيض التزام الولاياتالمتحدة بذل جهود لإقناع الدول الأخرى، بأن تحذو حذوها في تبنّي قوانين تفرض على شركات صناعة الطاقة والتعدين الناشطة دولياً، الإفصاح عن المدفوعات التي تقدمها إلى حكومات الدول الغنية بالثروات الطبيعية، في مقابل حقوق التنقيب واستغلال النفط والغاز والمعادن. وشدّد على أن واشنطن ستجعل من هذا المسعى أولوية العام المقبل. وأعلن البيت الأبيض في بيان أصدره السكرتير الصحافي في شأن بند الشفافية في قطاعات الطاقة والتعدين في «قانون إصلاح وول ستريت وحماية المستهلك»، الذي وقعه الرئيس باراك أوباما الأربعاء الماضي، أن الولاياتالمتحدة «تلتزم العمل مع الدول الأخرى لضمان تبنّي أسواق المال متطلبات إفصاح مشابهة لما تبنّته أميركا لسوقها المالية، وستجعل من هذا المسعى أولوية العام المقبل». وشدد على الأهمية القصوى لما اعتبره «معلماً» من معالم قانون الإصلاح المالي، أي بند الشفافية الذي يفرض على «شركات الطاقة والتعدين المسجلة لدى لجنة الأوراق المالية الأميركية الإفصاح عن المبالغ التي تدفعها إلى الدول الأجنبية (الغنية بالثروات الطبيعية) والحكومة الأميركية، في مقابل حقوق استغلال ثروات النفط والغاز والمعادن». ووجد بند الشفافية في قطاع الطاقة والتعدين طريقه إلى قانون الإصلاح المالي، بعدما كان مشروع قانون طرحه السيناتور الديموقراطي بنيامين كاردن بالتضامن مع السيناتور الجمهوري ريتشارد لوغر في أيلول (سبتمبر) الماضي، بعنوان «أمن الطاقة عبر الشفافية»، وحظي بتأييد عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ وجماعات الضغط غير الحكومية على رأسها منظمة «الشفافية العالمية». واعتبر البيت الأبيض متطلبات الإفصاح الأميركية بمثابة «أداة جوهرية جديدة لبث الشفافية في قطاعات النفط والمعادن، من شأنها إلقاء ضوء فوري على بلايين الدولارات من المبالغ التي تدفعها الشركات المتعددة الجنسية للحكومات، مانحة دافعي الضرائب من المواطنين المعلومات التي تمكنهم من مراقبة نشاط هذه الشركات، ومساءلة الحكومات تجنباً للخسائر الناجمة عن تعاملات غير نظامية في الحجرات الخلفية». وأبرز البيت الأبيض أهمية متطلبات الشفافية الأميركية التي «تؤسس لمعايير جديدة» للإفصاح المطلوب من الشركات عموماً، وليس فقط الناشطة في قطاعات النفط والغاز والمعادن»، مشدداً على أن «التحدي الذي تواجهه الولاياتالمتحدة حالياً يتمثل في منح هذا المعيار بعداً عالمياً». وكلف قانون الإصلاح المالي لجنة الأوراق المالية الأميركية مهمة صوغ معايير الإفصاح. ويُتوقع أن تستغرق المهمة المشار إليها سنة كاملة، على أن تتبعها فترة زمنية لتلقي الآراء في شأنها، قبل أن يصار إلى تطبيق المعايير الجديدة وتلتزم الشركات مقتضياتها في تقاريرها السنوية. ويُرجّح أن تسري معايير الإفصاح الأميركية على نحو 90 في المئة من الشركات غير الوطنية العاملة في قطاعات استخراج النفط والغاز والمعادن، إذ أن 29 من الشركات الرئيسة الناشطة دولياً في صناعتي الطاقة والتعدين ال 32 مسجلة لدى لجنة الأوراق المالية الأميركية، وتشمل الشركات المستثناة «غازبروم» و «بتروناس». وإلى الشركات الأميركية، لا يشمل المعنيون بالمعايير الأميركية المستحدثة شركات كندية وروسية وأوروبية وصينية وبرازيلية فحسب، بل أيضاً ثمانية من عمالقة صناعتي النفط والغاز والتعدين العشرة بحسب تصنيف مجلة «فوربس» للعام الحالي، وبلغ حجم المبيعات 270 بليون دولار وزادت أرباحها على 26 بليون دولار عام 2007.