المسرح والكنيسة والجامع وأشجار الأرز والبنادق والأحجار والشهداء... يعرفون روجيه عساف الانسان والفنان الملتزم بقضايا وطنه. عندما كادت الحرب الأهلية تقصم وحدة لبنان طاف بعرض مسرحي في مختلف المناطق بعنوان «بالعبر والابر». يقول عساف: «لم يكن الأمر سيئاً أو خطراً إلى حد كبير، لا داعي لطلب بطولة، ذهبنا إلى البقاع والجبل وغيره، وكان الموسيقار مارسيل خليفة يشارك تلحيناً وغناء، أحياناً معنا وأحياناً أخرى مسجلاً». ويضيف في حديثه إلى «الحياة» بعد عرض أحدث مسرحياته «مدينة المرايا» في مسرح الجنينة المشيد أعلى القاهرة: «همي الأساسي ليس المسرح لست معنياً بإبهار العالم، وأنا على المسرح يكون ذهني في محل آخر... الفضل يعود الى الشباب معي، فهم جيل لغته هي الصورة، ولديهم خبرة في الجانب التقني من الفيديو آرت وتسجيل الاصوات، وخصوصاً إننا قريبون إنسانياً، فهم طلاب في الجامعة اللبنانية حيث أدرس لهم الإخراج ونظريات المسرح». ويوضح أن «مدينة المرايا» عرض مبني على فكرة الآخر أياً كان، حجراً وإنساناً، لا يهم دينه أو انتماؤه السياسي، وتتجسد هذه الفكرة من خلال شخصية الرسام الارمني الاصل الفلسطيني اللبناني بول غيراغوسيان. يقول عساف: «بول هو صديق أدركت بعد رحيله في عام 1993 قدر محبتي له والعرض مؤجل منذ عشر سنوات، إذ كنت أنوي تقديمه في الذكرى الخمسين لنكبة فلسطين. ولكن ظلت الفكرة مجرد أمنية، لم أنسها وكنت مؤمناً بأنني سأقدمها يوماً ما، وتحمست مع اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية». يحكي روجيه عساف وهو جالس فوق أريكة صغيرة في فضاء المسرح عن طبيعة القدس وأريجها وسهر لياليها مع فريد الأطرش وبديعة مصابني وأم كلثوم وميخائيل نعيمة. ويقول: «القدس ناس وقصص حياة يومية، حزن وفرح والعرض يمازج الحكي والأداء المسرحي من حركة واضاءة وموسيقى، وما بين التسجيلي واستحضار الماضي، يصور على الشاشة للوحات بول غيراغوسيان، ولقطات فيديو وهو يتحدث إلى جانب مشاهد متتابعة لأحداث فلسطين ولبنان». ويضيف: «لو وجدت مشهداً يلخص المسرحية لاكتفيت به، ولكن الأشياء كلها تكمل بعضها والابداع عمل جماعي وللمرة الاولى أقف وحدي على المسرح وإن شاء الله تكون آخر مرة». وهذه الفكرة كانت أحد بندين في بيان تدشين مسرح «الحكواتي» في عام 1980 أما الثاني فكان، ألا نختلق أفكاراً وحكايات، فالواقع يلح علينا بقضاياه». ويشير عساف إلى أنه ليس ضرورياً أن يجمعه عمل مع فنانين يعرفهم، فمثلاً زياد الرحباني صديق منذ زمن، ولكن لكل فنان طريقته في التعبير وقناعته فيها.