توقعت منظمة العمل الدولية استمرار ارتفاع معدلات بطالة الشباب في دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط خلال العام الحالي، تماشياً مع تراجع النمو الاقتصادي وتدنّي الاستثمارات الحكومية وانخفاض أسعار السلع المصدرة والأولية. وسيعزز ذلك الأخطار الاجتماعية وهشاشة سوق العمل، ويرفع أعداد الفقراء بين المتعلمين في المنطقة العربية إلى معدلات عالية مقارنة بما قبل الأزمة المالية العالمية وثورات "الربيع العربي". وسيرتفع عدد العاطلين من العمل في العالم إلى 200 مليون شخص خلال 2016 - 2017، بزيادة 2.3 مليون شخص، 10 في المئة منهم في الدول العربية. وعلى رغم التفاوت في حجم البطالة في دول المنطقة، إلا أنها تمثل المشكلة الأبرز لمعظم هذه الدول، وقد تزداد سوءاً بتراجع معدلات النمو وارتفاع عجز الموازنة والمديونية وضعف الاستثمار. وأشار مشاركون في "المؤتمر الدولي الثالث حول سياسات التشغيل"، الذي اختتم أعماله أمس في مراكش، إلى أن النمو العالمي الضعيف المتوقع للعام الحالي والبالغ نحو 3 في المئة، لن يسمح بمعالجة مشكلة بطالة الشباب، أو يحسّن ظروف 1.3 بليون شخص يعملون في مهن هشة لن تساعدهم في الخروج من الفقر. ولفتوا إلى أن 1 في المئة من أثرياء العالم أصبحوا يملكون 50 في المئة من الثروات، بينما لم تتجاوز هذه النسبة 44 في المئة عام 2009، في حين يعيش نحو بليون عامل في فقر مدقع. وبدأت هذه الحالات تتسرّب إلى أوروبا والدول الغنية، حيث ساهمت الأزمات التي شهدها العالم خلال السنوات الأخيرة، في تزايد أعداد المهاجرين والفقراء، ليصل عددهم إلى بليوني شخص في العالم، جلّهم من أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. وفي الأسواق الناشئة، ارتفع حجم الطبقات المتوسطة من 36 إلى 40 في المئة عام 2015، لكن تباطؤ النمو يحدّ من هذه الوتيرة، ويعزز أخطار الاضطراب الاجتماعي بسبب تراجع العائدات. وفي المغرب، الذي شهد إضراباً عاماً الأسبوع الماضي، بسبب تراجع دور الطبقات الوسطى التي يمثلها الموظفون والعمّال والطلبة والتجار، لم يتمكن الاقتصاد من خلق أكثر من 33 ألف فرصة عمل بين عامي 2014 و2015، بينما تحتاج السوق الى 200 ألف وظيفة سنوياً لامتصاص عشرات آلاف الخريجين الشباب. ولم تتجاوز الوظائف الجديدة الخاصة 21 ألفاً عام 2013، ما رفع عدد العاطلين في المغرب إلى 1.20 مليون شخص، وبمعدل يقدر ب10 في المئة، ويصل 22 في المئة لدى الشباب دون 30 سنة. واعترف رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران، الذي شارك في المؤتمر، بضعف سياسة حكومته في خلق مزيد من فرص العمل، على رغم جهودها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية. واعتبر أن الخطة "الاستراتيجية الوطنية للعمل" لم تحقق أهدافها، إذ لم يعد معدل النمو يقابله عدد مماثل من الوظائف. ويحتاج المغرب إلى معدلات نمو تصل إلى 6 في المئة لخلق 38 ألف فرصة عمل لكل نقطة من النمو. ويبدو تحقيق تلك الأهداف صعباً، إذ يُتوقع أن يتراجع النمو إلى 1.2 في المئة خلال العام الحالي بسبب تراجع نسبة الأمطار، ما سيزيد عدد العاطلين الجدد والغضب الاجتماعي. وتتخوّف أحزاب الائتلاف الحكومي من تزايد غضب الشباب العاطلين الذين قد يصوّتون ضدها في الانتخابات البرلمانية المرتقبة في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. ويتظاهر آلاف الشباب العاطل من العمل يومياً تقريباً في شوارع الرباط، مطالبين بالعمل لضمان الكرامة والاستقرار الاجتماعي. وتحصل أحياناً مواجهات مع رجال الأمن، تسفر عن سقوط جرحى، كما حصل قبل أسبوعين تقريباً، ما أدى إلى تباين في المواقف داخل الحكومة حول أخطار بطالة الشباب وعلاقتها بالأمن الاجتماعي والنمو الاقتصادي.