حين كان يقوم برحلة على متن طائرة في الآونة الأخيرة تعرف الدكتور ارون سوديكسون بنفسه على تداعيات الدراسات والتقارير الإعلامية عن التعرض للإشعاع من الأشعة المقطعية. وكان سوديكسون اختصاصي الأشعة بمستشفى (بريجهام اند ويمنز) في بوسطن متجها الى واشنطن العاصمة لمقابلة مسؤولي إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية لبحث سبل وقاية المرضى من التعرض لكم مفرط من الإشعاع بسبب الأشعة المقطعية. وقال في مقابلة "المرأة الجالسة الى جواري في الطائرة كان لديها ورم في رقبتها. من المعتقد أنه سرطان." وكان طبيب هذه المرأة قد طلب إجراء أشعة مقطعية للمساعدة في تحديد ما اذا كان الورم سرطانيا. وقال سوديكسون "رفضت لأنها أعتقدت أنها ستموت من الأشعة المقطعية." وتجمع الأشعة المقطعية صورا بمقاطع عرضية للجسم وتحولها الى صورة حية تعطي للأطباء لمحة عن حالة المريض أفضل من أشعة إكس السينية التقليدية وكثيرا ما تستبعد الحاجة الى إجراء جراحة استكشافية. لكن هناك اعتقادا بأن التعرض لكم اكبر من اللازم من الإشعاع يزيد خطر الإصابة بالسرطان ويعكف العلماء على تقليل الخطر الذي تسببه الأشعة المقطعية. وتعرض الأشعة المقطعية على الصدر المريض لكم من الإشعاع يساوي اكثر من مئة مرة الإشعاع الناجم عن الأشعة السينية اما الأشعة المقطعية على البطن فتوازي تقريبا 400 أشعة سينية على الصدر. ووجد تقرير العام الماضي أصدره المجلس الوطني لقياس الإشعاع والوقاية منه أن الأمريكيين يتعرضون لإشعاعات من الأشعات التشخيصية سبع مرات اكثر مما كانوا يتعرضون له عام 1980 . وخضع الأمريكيون لنحو 70 مليون أشعة مقطعية عام 2007 في ارتفاع عن ثلاثة ملايين عام 1980 . وتشير دراسة أجراها فريق من جامعة ايموري في اتلانتا على مدى ثلاثة أعوام على الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاما في اغسطس آب الماضي الى أن أربعة ملايين أمريكي في العام يتعرضون لما يعتبر جرعات عالية من الإشعاع. وأصبح التعرض للإشعاع بطريق الخطأ مثار قلق كبير في اكتوبر تشرين الأول بعد أن قالت إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية إنها تحقق في اكثر من 200 حالة لمرضى تعرضوا لجرعات سامة من الإشعاع عند الخضوع للأشعة المقطعية في مركز سيدارز سيناي الطبي في لوس انجليس. وقال سوديكسون "المرضى خائفون فعلا." واستجاب مسؤولون بجهات تنظيمية ومشرعون بإجراء جلسات استماع واجتماعات مع مصنعي أجهزة الأشعة وحثوهم على إضافة آليات للسلامة لمنتجاتهم للحماية من الأخطاء. ولتقليل الإشعاعات الناتجة عن فحوص الأشعة الروتينية تطور شركات مثل جنرال اليكتريك هيلثكير التابعة لجنرال الكتريك برامج كمبيوتر تسمح لاختصاصيي وفنيي الأشعة بالتقاط صور دقيقة مع تقليل جرعة الإشعاع بدرجة كبيرة. ويقول أطباء وفقا لرويترز إن إلقاء كل اللوم على مصنعي المعدات لن يمنع الأطباء من طلب عدد كبير جدا من الفحوصات بالأشعة. ويشيرون الى حاجتهم الى وسائل أفضل لتحديد متى يكون الفحص بالأشعة مبررا. ويقول سوديكسون "ما تحاول مجموعتنا القيام به هو الوصول الى فهم أفضل للحجم الحقيقي للخطر الذي تمثله هذه الفحوصات." وسوديكسون واحد من مجموعة من الأطباء الأمريكيين يطورون برامج كمبيوتر لتقييم الخطر الذي يتعرض له المريض من الأشعة المقطعية وتحذيره حين يكون الفحص بالأشعة اختيارا يحتمل أن ينطوي على مجازفة. وهو يريد أن يتوفر البرنامج للمرضى بحلول نهاية اغسطس آب. وفي مستشفى ماساتشوستس العام طور اختصاصيون في الإشعاع برنامجا مشابها. وقال جيمس ثرال رئيس قسم الأشعة بالمستشفى ورئيس الكلية الأمريكية للإشعاع في مقابلة "أخذنا معايير الملاءمة الخاصة بالكلية الأمريكية للإشعاع وملأنا المساحات الفارغة." ويشير ثرال على سبيل المثال الى أنه يجري طلب الأشعة المقطعية عادة حين يصاب المريض بالصداع لكن في العموم لا تكون هناك حاجة اليها. وتعاون فريق ثرال مع قسم الأعصاب لوضع برنامج يطرح مجموعة من الأسئلة عن الأعراض التي يشعر بها المريض ويعطي درجات للتوصية بإجراء الأشعة المقطعية. ويشعر سوديكسون بالقلق من أن إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية تولي تركيزا اكثر من اللازم للمصنعين ويقول "بأمانة أخشى أن تغالي إدارة الأغذية والعقاقير في تشديد القواعد المنظمة بحيث يزداد الوضع سوءا." وأضاف أن مصنعي أجهزة الأشعة المقطعية لا يتمتعون بتدريب طبي ليحصلوا على التشخيص الأفضل من الآلات. وقال "هذه ليست مسألة يحلها المصنعون." ويساور ثرال القلق من أن المرضى والأطباء سيخطئون من باب الحذر ويقرروا تجنب أشعات لازمة مما يعرض المرضى للخطر. اما بالنسبة للمرأة التي كانت على متن الطائرة فقد استخدم سوديكسون المعادلة الخاصة به ليقدر أن خطر الإصابة بالسرطان الذي تتعرض له من جراء الأشعة المقطعية أقل من واحد في عشرة آلاف وهو أقل كثيرا من الخطر الذي يمثله الورم الموجود برقبتها. وقال إنها وافقت على تحديد موعد الخضوع للفحص بالأشعة في اليوم التالي.
