تتحرك الدبلوماسية الدولية بهدوء لافت في محاولة لإعادة فتح مسار التسوية في الحرب الأوكرانية المستمرة منذ فبراير 2022، مع دخول مبادرة أميركية جديدة حيز النقاش خلف الأبواب المغلقة، في وقت تكثّف فيه كييف تحركاتها لبحث فرص إحياء المفاوضات عبر أنقرة. وتعمل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وفقاً لما ذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي، سراً على إعداد خطة متكاملة لإنهاء الحرب، بالتنسيق – وللمرة الأولى بهذا المستوى – مع مسؤولين روس، وسط غموض يلفّ موقف أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين من المبادرة. وبحسب ما نقلته مصادر أمريكية وروسية، فإن الخطة تضم 28 بنداً وتستند إلى التجربة التي يدفع بها ترمب في ملف غزة، وتشمل محاور شديدة الحساسية مثل الضمانات الأمنية، مستقبل الأمن الأوروبي، والعلاقات الأمريكية بكل من موسكو وكييف. وتبحث الخطة إعادة صياغة الترتيبات الأمنية في أوروبا، إضافة إلى وضع إطار للسلام ومعالجة الملفات الإقليمية المتفجرة. ورغم التقدم الذي تحققه القوات الروسية على الأرض بشكل محدود، إلا أن أبرز التحديات التي تواجه المبادرة هي كيفية التعامل مع قضية السيطرة على الأراضي في الشرق الأوكراني، وهو ملف ظلّ عائقاً أمام أي تقدم تفاوضي خلال السنوات الماضية. ويقود المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف جهود صياغة المبادرة عبر مشاورات موسعة مع نظيره الروسي كيريل ديميترييف، رئيس صندوق الثروة السيادي الروسي. وقال ديميترييف: إنه أمضى ثلاثة أيام من النقاشات المكثفة في ميامي مع فريق ترمب، مؤكداً أن موسكو تشعر للمرة الأولى بأن موقفها "يؤخذ على محمل الجد" في هذه المباحثات. وفي تطور متصل، وصل زيلينسكي أمس (الأربعاء) إلى تركيا في زيارة عمل تهدف إلى إحياء المفاوضات وبحث فرص تحقيق سلام دائم، برفقة سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع. وأكد على منصة "إكس" أن "تقريب نهاية الحرب هو الأولوية القصوى"، دون أن يوضح ما إذا كانت أنقرة ستحتضن محادثات مباشرة مع روسيا. وبينما يشدد الرئيس الأوكراني على ضرورة إعادة إطلاق مسار التفاوض، جدد المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف التأكيد على أن روسيا "لا تشارك في محادثات أنقرة". غير أن مصادر تركية نقلت أن وزير الخارجية هاكان فيدان قد يطلع موسكو لاحقاً على نتائج لقاءات زيلينسكي، في حال إحراز تقدم. وتشمل أجندة محادثات زيلينسكي في أنقرة بحث تبادل الأسرى وإمكان التوصل إلى تسوية شاملة، في ظل استمرار القصف الروسي بالصواريخ والمسيرات على مدن أوكرانية، ما يفاقم الضغوط الإنسانية والعسكرية على الجبهات.