رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المقترح الأخير الذي قدمه الوسطاء المصريون والقطريون؛ بشأن التوصل إلى اتفاق هدنة في قطاع غزة، رغم موافقة حركة حماس عليه وإعلانها استعدادها للتجاوب مع المبادرة. وأكد مكتب نتنياهو في بيان أمس (الثلاثاء) أن المقترح لا يلبي الشروط الإسرائيلية، موضحاً أن رئيس الوزراء يرفض أي صفقة وصفها ب"الجزئية"، مشدداً على أن إسرائيل لن تقبل بإطلاق سراح الأسرى على مراحل وإنما تطالب بعودة جميع الرهائن دفعة واحدة، قائلاً:" لن نترك أي رهينة وراءنا". يأتي هذا الموقف بعد ساعات من إعلان المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أن رد حماس على المقترح المصري القطري كان إيجابياً للغاية، بل إنه يتطابق بنسبة 98 % مع الخطة التي كان قد طرحها المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف والتي سبق أن وافقت إسرائيل على خطوطها العامة. وقد أكد الأنصاري في مؤتمر صحافي أن الوسطاء يعتبرون هذا المقترح هو "الأفضل المتاح"، معرباً عن أمل بلاده في أن يأتي الرد الإسرائيلي سريعاً وإيجابياً. المقترح المعدل الذي صاغه الوسطاء المصريون والقطريون كان يتضمن وقفاً لإطلاق النار لمدة ستين يوماً، مع الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين على مرحلتين بمعدل عشرة أسرى في كل دفعة إضافة إلى تسليم نحو ثمانية عشر جثماناً، مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. كما ينص على إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة تحت إشراف الأممالمتحدة والهلال الأحمر، إلى جانب إعادة انتشار محدود للقوات الإسرائيلية داخل القطاع من دون تحديد تفاصيل دقيقة لطبيعة هذا الانتشار. ورغم هذه التطورات، واصلت إسرائيل عملياتها العسكرية في مدينة غزة، حيث تكثف القصف على عدة أحياء في وقت تؤكد فيه مصادر عسكرية إسرائيلية أنها باتت تسيطر على نحو 75 % من مساحة القطاع. ومن المقرر أن يعرض رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير اليوم الخطة النهائية لاحتلال مدينة غزة على وزير الدفاع يسرائيل كاتس، في مؤشر إضافي على تمسك الحكومة الإسرائيلية بالتصعيد الميداني رغم المساعي الدولية للتهدئة. الأوضاع الميدانية تترافق مع كارثة إنسانية متفاقمة، إذ أعلنت وزارة الصحة في غزة أن عدد ضحايا المجاعة وسوء التغذية ارتفع إلى مئتين وستة وستين شخصاً، بينهم مئة واثنا عشر طفلاً، في ظل استمرار شح المساعدات الغذائية وتراجع الإمدادات الإنسانية. هذا المشهد يعكس حجم التدهور الذي يعيشه سكان القطاع منذ ما يقارب العامين من الحرب والحصار المستمر. ورغم أن الوسطاء المصريين والقطريين يعتبرون أن المقترح الحالي يمثل فرصة نادرة لوضع حد للنزاع، فإن رفض نتنياهو يعمّق أزمة الثقة بين الأطراف ويطرح تساؤلات حول فرص التوصل إلى تسوية قريبة. وبينما تحاول حماس إظهار مرونة سياسية من خلال قبولها بالمبادرة، يبدو أن الحسابات الإسرائيلية، سواء الأمنية أو السياسية الداخلية، لا تزال تشكل عائقاً أمام تحقيق أي اختراق حقيقي في مسار التهدئة، ما ينذر بإمكانية انزلاق الوضع إلى جولة جديدة من التصعيد العسكري في حال استمرت الهوة واسعة بين المطالب الإسرائيلية وردود الفصائل الفلسطينية.