في خضم التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، تجد إيران نفسها في خضم وضع داخلي وخارجي متشابك، بين تصعيد الضغوط الأوروبية بشأن ملفها النووي، وتكثيف جاهزيتها العسكرية؛ تحسبًا لأيّ مواجهة جديدة مع إسرائيل أو الولاياتالمتحدة. وأكدت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أن الحوارات الجارية بين إيران والدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، ألمانيا، وبريطانيا) حول الملف النووي، لا ترقى في الوقت الراهن إلى مستوى "المفاوضات الرسمية"، واصفة الأجواء الحالية بأنها "معقّدة ومتداخلة". وقالت مهاجراني في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" الروسية: إن اللقاءات التي عُقدت مؤخرًا بين الجانبين، لا تزال في إطار تبادل وجهات النظر، وليست خطوات نحو اتفاق. وأشارت إلى أن طهران لم تكن يومًا عائقًا أمام الحوار مع الأوروبيين، مؤكدة أن الموقف الإيراني يركّز على إيجاد أرضية تفاهم مشترك، لا على التصعيد. تأتي تصريحات مهاجراني عقب محادثات غير مباشرة شهدتها القنصلية الإيرانية في إسطنبول الأسبوع الماضي، بين وفد دبلوماسي إيراني ونظرائه الأوروبيين، دون إحراز تقدم ملموس. في هذا السياق، حذّرت العواصم الأوروبية من احتمال تفعيل "آلية الزناد"، التي قد تؤدي إلى إعادة فرض عقوبات أممية على طهران، إذا لم تُبدِ الأخيرة جدية في الانخراط مجددًا بمفاوضات شاملة. كما شددت أوروبا على ضرورة تجديد وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتوضيح مصير نحو 400 كغم من اليورانيوم العالي التخصيب، الذي فُقد أثره بعد الهجوم الأميركي على منشآت نووية إيرانية. وفي الجانب العسكري، أعلن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء عبد الرحيم موسوي، أن بلاده رفعت من جاهزيتها العسكرية على المستويات كافة، معتمدًة خطة متكاملة تمتد على ثلاث مراحل زمنية: قصيرة، متوسطة، وطويلة المدى. وفي تصريح نقلته وكالة "تسنيم"، قال موسوي: إن هذه الخطط تشمل تحديث البنية التحتية الدفاعية، وتعزيز التنسيق بين القطاعات العسكرية والمدنية، لتهيئة البلاد لأي طارئ أمني أو عسكري محتمل. وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، حذّر هذا الأسبوع من أن طهران سترد "بحزم أكبر" في حال تعرّضها لهجمات إسرائيلية أو أميركية جديدة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن "طريق التفاوض ما زال ممكنًا، لكنه يضيق"، مؤكدًا أن نجاح أي محادثات يتطلب جدية واضحة من الجانب الآخر. ورغم انفتاح بعض مسؤولي الحكومة الإيرانية على خيار التفاوض، تبرز داخل النظام أصوات محذّرة، فقد حذّر رئيس مجلس الشورى الإيراني، محمد باقر قاليباف، من "فخ التفاوض مع واشنطن"، مطالبًا بعدم الرضوخ لما وصفه بالإملاءات الغربية.