في قلب التحولات الوطنية الكبرى التي تشهدها المملكة، تمضي الرياض بثبات نحو إعادة تعريف مفهوم المدينة الحديثة، عبر مشروعها الجديد «تحوّل الرياض البلدي»، الذي يشكل نقلة نوعية في إدارة العاصمة وخدمة سكانها، هذا المشروع لا يعد مجرد تطوير إداري أو تحسين تقني، بل هو إعادة تصميم شاملة لمنظومة الخدمات البلدية بما يجعلها أقرب إلى الناس وأكثر كفاءة في تلبية احتياجاتهم اليومية، إنه تحول في الفكر والإدارة، يعكس طموح مدينة تتعامل مع المستقبل باعتباره واقعًا حاضرًا لا وعدًا مؤجلاً، وتؤمن أن جودة الحياة تبدأ من حسن الإدارة قبل المشروعات الكبرى. يأتي هذا المشروع ليؤسس لمرحلة جديدة من اللامركزية الذكية، عبر إنشاء خمسة قطاعات خدمية ممكنة تعمل على المستوى الميداني، لتكون على تماس مباشر مع حياة السكان في كل حي ومنطقة، ويكملها جهاز مركزي إشرافي واستراتيجي يضمن التكامل والاتساق في الأداء بين مختلف القطاعات، هذا النموذج الإداري المتقدم يتيح سرعة الاستجابة، ويمنح المدينة مرونة عالية في معالجة التحديات اليومية، ويعزز مبدأ المساءلة والشفافية في تقديم الخدمات العامة، بما يرسخ مفهوم المدينة القريبة من إنسانها. أما مكاتب «مدينتي» المنتشرة في حدائق وأحياء العاصمة، فهي تجسيد عملي لفكرة القرب من المستفيد، إذ تقدم فيها الخدمات البلدية في بيئة مريحة وسلسة، بعيدًا عن البيروقراطية والازدحام، المواطن والمقيم باتا يجدان البلدية في قلب الحي لا في أطراف المدينة، في تجربة جديدة تشعر الفرد أن الرياض أصبحت شريكًا له في تفاصيل يومه، لا جهة إدارية بعيدة. ويستند «تحول الرياض البلدي» إلى التحول الرقمي الشامل وتوظيف البيانات الذكية في إدارة الخدمات وتقييم الأداء، ما يجعل القرار البلدي مبنيًا على الواقع لا التقديرات، فكل معاملة أو طلب خدمة يتحول إلى معلومة تدعم التطوير وترسم ملامح السياسات الحضرية المقبلة، بهذا تقدم الرياض نموذجًا حضريًا متكاملًا يوازن بين التقنية والإنسان، وبين الكفاءة والإحساس، ويضع معيارًا جديدًا في مفهوم الخدمة العامة. إن الرياض اليوم لا تتحول فحسب، بل تعيد تعريف علاقتها بسكانها، لتكون مدينة تدار بالعقل وتبنى بالقلب؛ مدينة تدرك أن الخدمة الحقيقية لا تقاس بعدد المشروعات المنجزة، بل بمدى شعور الناس بالرضا والانتماء والطمأنينة، بهذا الوعي المتجدد، تمضي العاصمة لتصبح الأقرب إلى إنسانها، والأكثر استعدادًا لمستقبلها، والأصدق في رؤيتها نحو مدينة عالمية بمعايير إنسانية.