حذّر الاختصاصي النفسي أسعد النمر من التحديات التي تفرضها وسائل التواصل الاجتماعي على الأسر الخليجية، مؤكدا ل"الرياض" أن هناك دراسة حديثة وصفت ب"المهمة جداً" قدمها د. رضي حسن المبيوق ود. عبدالله فيصل الربح تناولت "تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في العلاقات الأسرية في منطقة الخليج العربي"، نشرت ضمن كتاب "دليل الأُسر في دول الخليج العربي"، وتناولت عدداً من القضايا ذات العلاقة باستخدام الشباب والمراهقين المفرط لهذه الوسائل؛ بما يُعدُّ تحديًا كبيرًا للأسرة الخليجية، لا سيما في مجالات التنشئة الاجتماعية الأسرية والصحة النفسية. وقال: كشفت الدراسة عن انتشار ملفت لوسائل التواصل الاجتماعي في منطقة الخليج، حيث أشار استطلاع "الشباب العربي" 2023 إلى أن 82 % من الشباب الخليجي يجدون صعوبة في فصل أنفسهم عن هذه المنصات، وترتفع هذه النسبة إلى 98 % في البحرين و96 % في الإمارات. وأظهرت بيانات محلية ارتفاع نسب الإدمان على هذه الوسائل، خصوصاً بين الشباب، مضيفاً: "تشكل وسائل التواصل الاجتماعي تحديًا للهوية الثقافية الخليجية التي تتبناها الأسرة الخليجية، حيث أصبحت هذه المنصات تتنافس بشدة مع الأسرة كملهم أساسي في عملية التنشئة الاجتماعية وتشكيل هوية الأبناء". وأكد على أنه تناول الباحثان الأبعاد النفسية والاجتماعية للاستخدام المفرط، مشيرين إلى تزايد معدلات القلق والاكتئاب واضطرابات النوم والعزلة الاجتماعية، والصداع وآلام العضلات، فضلاً عن تراجع الأداء الأكاديمي لدى الطلبة في بعض الدول الخليجية، مبيناً أن هذه التحديات تترك آثاراً مباشرة على العلاقات الأسرية، بما في ذلك الصراع والتوتر والخلافات الزوجية، لافتاً إلى أنه أكدت الدراسة على أهمية دور الوالدين في مواجهة هذا التحدي، وأن الأسلوب التربوي الحازم الديمقراطي الذي يجمع بين الدفء والضبط المعقول، وهو الأكثر فعالية في توجيه الأبناء وتحقيق استخدام معقول وآمن لهذه الوسائل.وعن التوصيات قال: قدمت الدراسة عدة توصيات عملية، منها تمكين الوالدين من خلال برامج توعية تركز على فهم آلية عمل هذه المنصات وخوارزمياتها، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية لشركات التكنولوجيا عبر تصميم يراعي الصحة النفسية للمستخدم، وإدخال مناهج للثقافة الوطنية الرقمية في المدارس لتعليم الطلاب التفكير النقدي للمحتوى وإدارة وقت الاستخدام، ودعم أبحاث محلية وسياسات عامة تحمي الأسر الخليجية وتضبط عمل المنصات. وأضاف: ترى الدراسة أن الأسرة الخليجية تواجه تحوّلاً عميقاً في وظيفتها التربوية بسبب قوة المنصات الرقمية، ما يحتم على الوالدين والمجتمع تطوير استراتيجيات جديدة للحفاظ على الهوية الثقافية والصحة النفسية، موضحاً أنه تتميز الدراسة بتركيزها على السياق الخليجي الفريد، وبشمولها الأبعاد النفسية والاجتماعية والثقافية، إضافةً إلى طابعها التطبيقي عبر التوصيات العملية. كما أنها تفتح المجال لدراسات لاحقة تراعي الفروق بين المجتمعات الخليجية وتستخدم أدوات بحث أعمق، وبذلك، تشكل الدراسة مرجعاً مهماً لصانعي السياسات والباحثين، ودليلاً للأسرة الخليجية في مواجهة تحديات عصر التواصل الاجتماعي.