في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، أعلنت طهران رسمياً أنها لا تخطط في الوقت الحالي لإجراء أي محادثات مع الولاياتالمتحدة، مشدّدة على ضرورة ضمان النتائج قبل الدخول في أي مسار دبلوماسي. جاء ذلك على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الذي حذّر من تكرار "التجارب المريرة" التي عاشتها طهران خلال جولات التفاوض السابقة. وتستعد إيران لخوض جولة جديدة من المحادثات مع الدول الأوروبية الثلاث– فرنسا وبريطانيا وألمانيا– المقررة يوم غد الجمعة في إسطنبول، على مستوى مساعدي وزراء الخارجية. الجولة المنتظرة تأتي وسط تصاعد اللهجة الأوروبية، وتهديدات بتفعيل آلية "سناب باك" لإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، في حال لم يتحقق تقدم ملموس بشأن برنامجها النووي بحلول نهاية الصيف. وفي هذا السياق، أكّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن بلاده تتابع حقوقها"بقوة أكثر من السابق"، مضيفًا أن أي حديث عن تفاوض مع واشنطن مشروط برفع العقوبات، واحترام حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية. وأشار إلى أن "يد إيران مليئة"، في تعبير عن الثقة في موقع بلاده التفاوضي رغم الضغوط الدولية. عراقجي ألمح كذلك إلى أن أي اتفاق لن يُبرم دون التزام الطرف الآخر، في إشارة إلى إخلالات سابقة من الجانب الغربي. وأوضح أن مفاوضات إسطنبول ستكون اختبارًا لجدية الأوروبيين، محذرًا من عواقب التصعيد إذا فشل الطرف الآخر في تقديم مقترحات عملية. في المقابل، نقلت الخارجية الفرنسية أن وزراء خارجية الترويكا الأوروبية، أبلغوا طهران رسميًا بعزمهم على استخدام آلية"سناب باك" في حال لم تثمر المحادثات عن نتائج حقيقية. وتشير هذه الخطوة إلى أن أوروبا بدأت تفقد صبرها، خصوصًا بعد الجمود الذي طبع الجولات السابقة من التفاوض. التطورات الدبلوماسية تأتي في أعقاب مواجهة عسكرية قصيرة ومكثفة بين إيران وإسرائيل، اندلعت بعد هجوم إسرائيلي في 13 يونيو، ما أدى إلى توقف الجولة السادسة من المفاوضات. وصرّح بقائي، أن إيران لن تنخرط في أي عملية تفاوضية ما لم تتأكد من جدوى وفعالية المسار الدبلوماسي، مشيرًا إلى أن ما جرى هو"جريمة إسرائيلية" عطّلت مسار الحوار. وفي ضوء هذه المستجدات، أكّد بقائي أنه لا يوجد أي موعد محدد لعقد لقاء جديد بين الوزير عراقجي والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، ما يشير إلى تجميد كامل في قناة التفاوض غير المباشر بين طهرانوواشنطن، التي شهدت خمس جولات منذ أبريل الماضي. وبين تهديدات أوروبية متصاعدة، وتشدد إيراني في المواقف، وانعدام الثقة مع الولاياتالمتحدة، يبدو الملف النووي الإيراني أمام مفترق طرق حاسم. جولة إسطنبول قد تكون الفرصة الأخيرة قبل أن تدخل الأزمة في مرحلة أكثر تعقيدًا، حيث التصعيد الدبلوماسي قد يتحول إلى مواجهة سياسية وربما أمنية، إن لم تُكسر حالة الجمود الراهنة.