أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، أمس (الثلاثاء)، أن طهران لم تطلب عقد أي لقاء مع مسؤولين أمريكيين؛ بشأن استئناف المحادثات النووية، على عكس ما صرّح به مسؤول أمريكي رفيع. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في تصريح نقلته وسائل إعلام رسمية: "لم نتقدم بأي طلب لعقد لقاء مع مسؤولين أمريكيين"، مؤكداً أن أي تحرك في هذا الاتجاه مشروط بمعطيات سياسية تتجاوز مجرد رغبة في الحوار. يأتي هذا التصريح رداً على تصريحات أطلقها ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط، قال فيها إن اجتماعاً سيُعقد"الأسبوع المقبل أو نحو ذلك" مع دبلوماسيين إيرانيين لمناقشة الملف النووي. ويبدو أن التصريحات الأمريكية تعكس نوايا لإعادة تحريك المسار التفاوضي، فيما تسعى طهران لتأكيد أنها لن تخوض مفاوضات من منطلق ضعف أو تحت ضغوط دولية. وفي مقابلة بثت الاثنين مع الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن طهران لا تمانع مبدئياً في العودة إلى طاولة المفاوضات، لكنه شدد في المقابل على ضرورة"استعادة الثقة" كشرط أساسي. وقال بزشكيان:"لا نرى مشكلة في استئناف المحادثات، لكن كيف يمكن الوثوق بالولاياتالمتحدة مجدداً؟". وتابع:" نعود إلى المفاوضات، لكن كيف نضمن في خضم هذه المحادثات ألا تُمنح إسرائيل الضوء الأخضر لمهاجمتنا من جديد؟". ويأتي هذا التصعيد السياسي والدبلوماسي على خلفية الحرب الخاطفة التي اندلعت منتصف يونيو الماضي، عندما شنت إسرائيل حملة جوية مكثفة استهدفت مواقع عسكرية ونووية داخل إيران، وأسفرت عن مقتل قيادات عسكرية بارزة وعدد من علماء الذرة الإيرانيين. وردّت طهران بإطلاق موجات من الطائرات المسيّرة والصواريخ على أهداف داخل إسرائيل، ما دفع الولاياتالمتحدة إلى التدخل مباشرة في الصراع، واستهدفت منشآت نووية إيرانية في فوردو وأصفهان ونطنز. وقد استمرت هذه المواجهة 12 يوماً، لتشكل أحد أعنف فصول التوتر بين الجانبين منذ الاتفاق النووي، الذي تم التوصل إليه عام 2015 ثم انسحبت منه إدارة ترمب عام 2018. وتأتي هذه التطورات بينما كانت المحادثات النووية بين واشنطنوطهران على وشك الانطلاق مجدداً في 12 أبريل الماضي، قبل أن تُعرقلها الضربات المتبادلة. ويُنظر إلى هذا الجمود؛ بوصفه نتاجاً مباشراً لانهيار الثقة، وتصاعد القلق الإيراني من احتمال استخدام أي تقارب دبلوماسي كغطاء لعمليات عسكرية أو استخباراتية جديدة. ورغم إبداء الطرفين مواقف متباينة، لا تزال الدبلوماسية مطروحة من حيث المبدأ، بحسب تصريحات متفرقة من الجانبين. إلا أن مستقبل المحادثات النووية يبدو معلقاً بين الحاجة إلى استقرار إقليمي من جهة، وتراكمات الدماء والانعدام العميق للثقة من جهة أخرى. وفي ظل تصعيد إقليمي متزايد في كل من غزة واليمن، تزداد الضغوط على العواصم الكبرى لإعادة فتح قنوات الاتصال، مع إدراك أن أي جولة تفاوض جديدة قد تكون الأخيرة قبل انزلاق المنطقة إلى صراع شامل.