أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    تراجع النشاط الأمريكي يدفع النفط للانخفاض    "الجمعة".. ذروة استخدام الإنترنت بالمملكة    700 فعالية سعودية ب"إكسبو أوساكا"    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    "أدوبي" ترقي الفيديو بالذكاء الاصطناعي    الدفاع المدني: احذروا الأمطار حتى الثلاثاء    ما بعد 2030    تسليم الفائزات بجائزة الأميرة نورة للتميُّز النسائي    هل تشتعل جبهة جنوب لبنان ؟    روسيا: زيارة بلينكن للصين تهدف لتمزيق العلاقات بين موسكو وبكين    الأخضر السعودي 18 عاماً يخسر من مالي    الإبراهيم: تشجيع الابتكار وتطوير رأس المال البشري يسرعان النمو الاقتصادي    الراقي في اختبار مدرسة الوسطى.. الوحدة والفيحاء يواجهان الحزم والطائي    ميندي وهندي والنابت مهددون بالغياب عن الأهلي    «الرابطة» تُدين استمرار الاحتلال ارتكاب جرائم الحرب في غزة    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    الإبراهيم: إستراتيجياتنا تحدث نقلة اقتصادية هيكلية    أدوات الفكر في القرآن    4 نصائح طبية عند استعمال كريم الوقاية من الشمس    الأوبرا قنطرة إبداع    الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز يرعى حفل تخريج طلبة «كلية الأعمال» في جامعة الفيصل    بيع "لوحة الآنسة ليسر" للرسام كليمت بمبلغ 32 مليون يورو    لا تستعجلوا على الأول الابتدائي    هلاليون هزموا الزعيم    مساعد رئيس مجلس الشورى تلتقي بوفد من كبار مساعدي ومستشاري أعضاء الكونغرس الأمريكي    سوناك وشولتس يتعهّدان دعم أوكرانيا "طالما استغرق الأمر" (تحديث)    مين السبب في الحب ؟!    مشاهدات مليارية !    اللهيبي تُطلق ملتقى «نافس وشركاء النجاح»    النفع الصوري    حياكة الذهب    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    إجراء أول عملية استبدال ركبة عبر «اليوم الواحد»    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    الإسباني "خوسيلو" على رادار أندية الدوري السعودي    عيدية كرة القدم    جاسم أحمد الجاسم عضو اتحاد القدم السابق ل"البلاد": الهلال يغرد خارج السرب.. وحديث المجالس وضع" هجر" في مهب الريح    دورة تأهيلية ل138 مستفيداً ومستفيدةً من برنامج الإعداد للابتعاث    مقصد للرحالة والمؤرخين على مرِّ العصور.. سدوس.. علامة تاريخية في جزيرة العرب    رسالة فنية    أمير الشرقية: القيادة تولي العلم والتنمية البشرية رعاية خاصة    مسبح يبتلع عروساً ليلة زفافها    تحت رعاية وزير الداخلية.. "أمن المنشآت" تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    زراعة 2130 شجرةً في طريق الملك فهد بالخبراء    ملتقى «مستقبل السياحة الصحية».. الأحد المقبل    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    قطاع القحمة الصحي يُنظّم فعالية "الأسبوع العالمي للتحصينات"    أمير عسير يواسي أسرة آل جفشر    أمير حائل يرفع الشكر والامتنان للقيادة على منح متضرري «طابة» تعويضات السكن    المجمع الفقهي الإسلامي يصدر قرارات وبيانات في عددٍ من القضايا والمستجدات في ختام دورته ال 23 clock-icon الثلاثاء 1445/10/14    أمير تبوك: عهد الملك سلمان زاهر بالنهضة الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر الأمن الفكري يبحث المفاهيم والتحديات والمعالجات الفكرية والثقافية
نشر في البلاد يوم 19 - 05 - 2009

بدأت امس أولى جلسات المؤتمر الوطني الأول /الأمن الفكري ..المفاهيم والتحديات/ الذي ينظمه كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للأمن الفكري بجامعة الملك سعود .
واستهلت الجلسة الأولى التي رأسها مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور محمد العقلا وعنوانها (الأمن الفكري المفاهيم والتحديات ) بورقة للدكتور عبد الرحمن اللويحق الأستاذ المشارك بكلية الشريعة بجامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية بعنوان ( بناء المفاهيم ودراستها في ضوء المنهج العلمي .. مفهوم الأمن الفكري أنموذجاً ) .
وتناولت الورقة أهمية المفاهيم ودورها في الصراع الحضاري مشيراً إلى أن المفهوم يعد أساساً في المعرفة فهو قاعدتها الرئيسة التي تبنى عليها وهو مفتاح القول في دراسة كل باب من أبواب المعرفة عن طريقه يعلم الباب وتفهم مبادئه وموضوعاته وتحد حدوده وتقسيماته .
وقال ان الناس يختلفون تبعاً لاختلاف مفاهيمهم التي تقف وراء أقوالهم واعتقاداهم ، وهذا يعد العلم بحقائق الأشياء والوعي بالمفاهيم مدخلاً رئيساً؛ لتضييق دائرة الخلاف، أو إزالته .
وأشار إلى ضرورة أخذ الألفاظ السليمة والصالحة وجعلها أعلاماً على ما ينفر منه أصحاب الفكرة المعادية لتسهيل دخول الأفكار والعقائد دون حصول النفرة والكراهة .
وقدم في ورقته أدوات التفاعل والتعامل مع الثقافات والحضارات عبر ( التعارف والتعاون وتلقي الحكمة والاستفادة من الحق الموجود لدى الغير و التسامح ) مشيراً إلى علاج الضلال عبر المناصحة والموعظة الحسنة والحوار والرد والعقوبة . وقدم اللويحق عدد من التوصيات كأن يتبنى كرسي الأمير نايف للأمن الفكري مشروع لبناء المفاهيم في ضوء الإسلام وزيادة العمل العلمي الذي يضع التفاصيل ويبين العناصر الشاملة لهذا المفهوم وتكامل هذه العناصر والمستويات داخله والصلات بين هذا المفهوم والمفاهيم ذات الصلة وبذل الجهود بدراسات جادة واسعة لنظرية الأمن الفكري في الإسلام بما يكون طريقاً لتحقيق سلامة فكر المسلمين واعتقادهم مع بناء مرصد علمي متكامل يرصد كل ما يتعرض للأمن الفكري بالإخلال سواء كان من الداخل والخارج.
ثم قدم أستاذ الجغرافيا السياسية المساعد في معهد الدراسات الدبلوماسية الدكتور إبراهيم الفقي ورقة بعنوان ( الأمن الفكري المفهوم .. التطورات .. الإشكاليات ) أوضح فيها أن الأمن الفكري تصور فردي أو جماعي يتضمن أفكاراً وقيماً تصون الإنسان أو المجتمع من عوامل الانحراف وتمنحه أفكاراً توفر أسباب الطمأنينة والسعادة وتحميه من عوامل الخوف والإرهاب وتمنعه من الجنوح نحو الجريمة والعنف مبيناً أن هذه العوامل تنطلق في نشأتها من عوامل دينية أو اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو نفسية.
وشرح الباحث في ورقته العوامل المؤثرة على ضعف الأمن الفكري ومنها الأخطار الخارجية ( والمتمثلة في الهجوم الشرس على الإسلام والصراعات الفكرية ) والأخطار الداخلية ومنها ( الأخطار النفسية والمتمثلة في إتباع الشهوات وظهور المعاصي والانحرافات العقائدية والفكرية والبدع والصراعات الفكرية ) والعولمة والأمن الفكري والصراعات العسكرية والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والعنف والعنف المضاد و الغزو الثقافي والأمن الفكري والانترنت والأمن الفكري في الأسرة المسلمة. وقدم الفقي عدداً من التوصيات في هذا الجانب منها تحديد المخاطر الأمنية الفكرية ومنع الفوضى الفكرية الناجمة عن الإفتاء بغير علم وتقوية وسائل الحوار بين أفراد المجتمع ونشر ثقافته ومنع الفضائيات المشبوهة وما تبثه من أفكار ضالة ومنحرفة ومحاربة المواقع الخليعة في الشبكات العنكبوتية وكشف مخاطر العولمة والانفتاح غير الرشيد على الغرب وإصدار اللوائح والأنظمة والقوانين التي تسهم في تحقيق الأمن الفكري ونشر المعايير الأخلاقية للأمن الفكري ووضع العقوبات الصارمة التي يفرضها المجتمع على عدم الامتثال لقيمه الفكرية.
عقب ذلك ألقت المحاضرة بكلية الدراسات التطبيقية وخدمة المجتمع بجامعة الملك سعود الأستاذة إيمان عزمي ورقة علمية بعنوان ( مفهوم الأمن الفكري بين المحددات العلمية والإشكالات المنهجية المعاصرة ) أشارت فيها إلى أن هناك ثلاث محددات في قضية الأمن الفكري هي المحددات العقلية والنفسية والشخصية والأخيرة هي جمع المحددين الأولين وأبانت أن للحماية الفكرية فرعين هما الحماية الذاتية والتي منبعها الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة والفرع الثاني حماية المؤسسية وهي تستلزم تكاتف كافة المؤسسات الحكومية من المدرسة والمنزل والمسجد والجامعات وبيئة العمل على توفيرها.
وأشارت في ورقتها إلى عدد من التوصيات وهي أن يكون الفرد القائم على تحقيق الأمن الفكري وتوفير الحماية والتحصين العقائدي والفكري متعلما تعليماً عالياً ومثقفاً تثقيفاً فكرياً ومعرفياً يستطيع به أن يميز في الثقافة بين الأصيل والدخيل، وبين النافع والضار ملماً إلماماً كافياً بأصول الدين والمذاهب والمعتقدات السياسية والدينية والثقافية وأن يكون من المؤمنين بالفكر السائد في بلده والمعتقدات الغالبة فيها وعلى وعي بما يظهر من تأويلات وآراء وأفكار جديدة في المجتمع حتى يتمكن من التعامل معها بحنكة ووعي وإدراك سليم وأن يكون معروفاً عنه الثبات على الرأي والذكاء وقوة الشخصية وهدوء الأعصاب والقدرة على الحوار والإقناع والحجة والتأني في إصدار القرارات والحكمة في اتخاذ المواقف وبعد النظر.
عقب ذلك ألقت أستاذة العقيدة المشارك قسم الثقافة الإسلامية بكلية التربية بجامعة الملك سعود الدكتورة هيا آل الشيخ ورقة بعنوان ( مكونات مفهوم الأمن الفكري وأصوله ) ركزت فيها على الانحراف والتطرف الفكري وآثاره السلبية على مفهوم الأمن الفكري ومفهوم الأمن الفكري وضرورة وجود الحاكم لحفظ الأمن.
وبينت أن أنواع التطرف الفكري يتمثل في الغلو في التدين لإثبات الذات وانتقاد سياسة ولاة الأمر والدولة أمام الناس وعبر وسائل الإعلام وعلى المنابر من غير مبالاة والتعصب لرأي طائفة أو جماعة معينة وعدم الاعتراف بأي رأي آخر فلا يسمح لنفسه بالحوار مع الآخرين واستثارة عواطف الشباب ومن ليس لديه علم بالضوابط الشرعية للجهاد وذلك بالحديث عن الجهاد وفضائله وعن شيوع المنكرات والمظالم في المجتمعات الإسلامية.
وشددت الدكتورة هيا آل الشيخ على أهمية دور الإعلام في الحفاظ على الأمن الفكري باعتباره أداة مهمة للتعبير عن آمال الإنسان وطموحاته والبوح بما تختزنه الصدور من أحاديث وخواطر وما يجول في العقول من آراء وأفكار والانتفاع بها في حياة الناس ومعالجة مشكلاتهم وقالت \ وهو في الإسلام رسالة ودعوة قبل أن يكون فناً وصناعة يعتمد على الصدق في القول والمباح في الفعل والنصح في الهدف والنفع في المضمون ويصان عن اللغط والفضول واللغو.
وحذرت الباحثة من أن عدم التمسك بالوسطية والجنوح إلى أحد طرفي الإفراط أوالتفريط سبب في ضياع الدين وهلاك الأنفس وأن خطر الغزو الفكري أقوى من خطر الغزو العسكري لأن الغزو الفكري لا تحس به الأمة وبالتالي لا تستعد له فمن ابتلي بشيء منه يصعب علاجه وأنه من الواجب على الأمة الإسلامية الحفاظ على دين الإسلام فهو عصمتها في جميع الأمور فمن حفظه حفظ نفسه من الهلاك وعقله من الاختلال وماله من الضياع وعرضه من الاعتداء عليه وأهمية صلاح الأصول التربوية للفكر الإنساني التي تتكون من الأسرة والمدرسة والإعلام ففي صلاحها صلاح الأمن الفكري وفي فسادها فساده وتسرب عوامل الضعف إليه فيرتد في مكان سحيق لا مجال فيه للقيم والأخلاق.
ثم ألقى الدكتور إبراهيم شوقار من الجامعة الإسلامية في ماليزيا ورقة بعنوان (الأمن الفكري وأسسه في السنة النبوية ) أشار فيها إلى أنه في ظل المتغيرات الدولية المعاصرة والعولمة الثقافية والانتقال الحر للأفكار والإيديولوجيات والمعتقدات والثقافات فإن موضوع الأمن الفكري يكتسب أهمية خاصة وقال \ تبرز هذه الأهمية بصورة عامة من حيث أن الأمن الفكري هو أساس الأمن النفسي والأمن الاجتماعي للأمة وهو الجدار الذي تتحطم عنده سهام الاختراق الثقافي والاستلاب الحضاري فيمنع بذلك الاضطراب في الفكر والخلل في العمل \ مشيراً إلى أن الأمن الفكري من هذا المنظور هو البعد الاستراتيجي للأمن الوطني والحصن الذي يلوذ به أبناء الأمة في وجه حملات الغزو الفكري كما هو تحصين لهم ضد كل أنواع الميل عن الوسطية والاعتدال بالإفراط أو التفريط إلى التطرف في الفكر والعمل. وتوصل الباحث إلى عدد من الحقائق وهي أن موضوع الأمن الفكري موضوع شائك يتعلق بعوامل متعددة ( عوامل فكرية ودينية ومنها عوامل ثقافية وحضارية ) ولهذا فإن دارسة الموضوع بصورة جزئية لن يحقق الغاية و أنه لا يمكن تحقيق الأمن الفكري بصورة كاملة إلا بإيجاد وسيلة لتوافق الأفكار وانسجامها مع الواقع مع الأصول المقررة بديننا الحنيف وذلك هو أساس الأمن الاجتماعي فلا سبيل لإعادة بناء إنسان الاستخلاف والهداية والعمران إلا بإصلاح الجانب الفكري في الأمة ومناهج التربية فيها وتنقية ثقافتها مما علق بها من شوائب وأن الامن الفكري لا يتحقق في بعده الحضاري إلا عندما يكون المسلم مدركاً لمهمته العالمية أي مكانته الرفيعة وسط الأمم بأنه حامل للرسالة الكونية الخاتمة وأن العزة والرحمة والتسامح والتوازن هي أهم خصائص دينه الحكيم وأن الكثير من التوترات والاضطرابات في المجتمع الواحد سببها الأساس هو اضطراب الفكر وعدم التناسق بين منظومة القيم الفكرية التي يحملها الفرد وطرائق العمل السائدة في المجتمع
وأضاف أنه من ضمن الحقائق كذلك وجوب إتباع المنهج النبوي في بناء المجتمع وتنشئة الإنسان الصالح لأن هذا المنهج النبوي يضع أسس الأمن الفكري ويساعد على بناء وتقوية دعائم الأمن الفكري وذلك من خلال تقوية الوازع الديني في النفس وإذكاء جذوة الإيمان في القلب وترسيخ منهجِ الوسطية والاعتدال وبناء إطار واسع من حرية الرأي والتفكير مع تحرير العقل من الشبهات.
وقدم أستاذ علم الاجتماع المساعد بقسم الدراسات الاجتماعية بكلية الآداب جامعة الملك سعود ورقة في ختام الجلسة بعنوان ( الأمن الفكري في ضوء متغيرات العولمة ) سلط الضوء فيها على الاهتمام بقضية الأمن الفكري في ظل انعكاسات متغيرات العولمة مشيراً إلى أنه وعلى الرغم من وجود مؤشرات تفيد بأن الدراسات الخاصة بالأمن الفكري باتت أحد الأولويات البحثية المهمة سواء أكان ذلك بإفراد بحوث مستقلة أم في معالجته في علاقته بمسائل وثيقة الصلة به مثل الإرهاب أو الجريمة المنظمة وغيره إلا أن الإشكالية تزداد تعقيداً إذا ما وضعنا في الاعتبار غموض وتشابك مفاهيم الأمن علي وجه العموم حتى أصبح من الصعوبة بمكان الاتفاق علي تعريف للأمن يحظي بقبول العلماء والمهتمين بدراسته وتستند الدراسة في معالجة موضوعها وطرحه للبحث والتحليل إلي مجموعة من الاعتبارات الهامة.
وأبرز الباحث العديد من التحذيرات والضروريات في هذا الجانب من أهمها .. التأكيد على المفاهيم الفكرية والأخلاقية القويمة وتمييزها عن تلك المنحرفة أو السلبية من خلال تحصين الفكر بالعقيدة الصحيحة النابعة من الرسالات والشرائع السماوية.
والتأكيد على المفاهيم التربوية للنشء والقائمة على حريتهم في الفكر الواعي وعدم إتباع أساليب الإكراه أو الضغط معهم لإتباع ما قد يكون من ورائه جمود الفكر وتسلط الآراء.
وضرورة تضافر الجهود الرسمية وغير الرسمية لتنمية القدرات العقلية عند النشء بما يحقق التزامهم بالضوابط الشرعية والاجتماعية التي تحدد السلوك القويم والبعيد عن الهوى أو الانحراف وتحقيق التنظيم المتكامل للمسئوليات والتبعات الفردية والجماعية للأنشطة التربوية والثقافية والاجتماعية،التي تقدم للشباب.
وقد واصل المؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري" المفاهيم والتحديات " عقد جلساته مساء امس بجلسة ثانية تحت عنوان ( الأمن الفكري.. المعالجات الفكرية والثقافية ) رأسها الدكتور بندر العيبان رئيس هيئة حقوق الإنسان.
وقد بدأت الجلسة بورقة بعنوان (الأمن الفكري وأنظمة الدولة ) للدكتور سعيد الصيني ركز فيها على حقيقة الأمن الفكري والعوامل التي تؤثر فيه والتعرف على طبيعة التشريعات والأنظمة واللوائح و العلاقة بين الأمن الفكري والأنظمة.
وأشار إلى أن مصدر الأمن الفكري هنا ليس الفرد وما يختلج في ذهنه ويعبر عنه ولكنها الجهات ذات السلطة في المجتمع الذي يعيش فيه الفرد مبيناً أن هذه الجهات هي التي تحدد درجة حرية التعبير المسموح بها بما تضعه من أنظمة ولوائح وبالطريقة التي تطبق بها هذه الأنظمة واللوائح .
وأشار إلى أن حرية التعبير عامل حيادي بمعنى أنه إذا ُأحسن موازنتها بالمصالح الأخرى الخاصة أو العامة تأتي بنتائج إيجابية وإذا أسيء تحديدها ( تضييقها أو توسيعها أكثر من اللازم) فإنها تأتي بنتائج سلبية. من جانبه بين الدكتور عبد العزيز الصاعدي في ورقته التي حملت عنوان ( دور الحرية في حماية الفكر والتفكير وتعزيز التحصين الذاتي في الأمن الفكري ) أنه يجب إدراك أهمية الحريات العامة باعتبارها ضرورة نفسية ملحة للفرد والمجتمع وأرضية صلبة لبث الفكر وتوجيهه وتنميته وتصويبه وأن النواحي الفكرية في الفرد والمجتمع تأتي بعد الضرورات الحسية المادية من طعام وشراب ودواء ومأوى وهي نتاج الحريات العامة من تفكير وتعبير واختيار،وتقرير مصير وهذه الحريات العامة هي المقابل للضرورات الحسية المادية السابقة.
وأبرز الباحث أنه وعلى الرغم من التطورات الإيجابية التي شهدها المجتمع السعودي في السنوات القليلة الماضية فمن الملاحظ أن ظاهرة إلغاء الرأي ظلت كما هي وإن جاءت بصيغ جديدة كحالة قمع الرأي الآخر المختلف بحجة " عدم التخصص" التي برزت كآلية إقصاء جديدة في مشهدنا الثقافي السعودي حيث يمكن اعتبارها بمثابة المقاومة المناعية أوردة الفعل المعاكسة للتقدم النسبي في قضية حرية التعبير.
وتوصل الباحث إلى عدد من التوصيات من أهمها وضع وتنفيذ أجندة وبرامج تؤدي إلى زرع الثقافة العميقة بضرورة الحريات العامة الناتجة من البيئة وعدها ضرورة ملحة وعاجلة لابد أن يتبناها المجتمع ويحافظ عليها ويحميها من الانحراف أو الانفلات حتى يمكن أن تعزز منظومة الأمن الشامل لديه المبني على القناعة والاقتناع ومنه الأمن الفكري ووضع تصورات وبرامج ترسخ مفاهيم الحرية مثل الحوار والنقاش وتقَبل الآخر وتقَبل المخالف والتعددية الفكرية والفقهية والمذهبية وفرز الخطاب وتفتيت ثقافة الرفض والإقصاء والابتسار والقطعية والحدية وتثبت قيم الموضوعية في نسيج المجتمع وذلك بإشاعة علوم المنطق والفلسفة والجدل و أصول المناظرات والحوار ووضع أجندة تفصيلية فكرية فلسفية لتطبيقات الحريات العامة ثقافةً وحقوقا ً لكل مفْصل ومنشط من مناشط المجتمع ومفاصلة بدءاً من الأسرة والمدرسة والجو التعليمي ومنهج التعليم وبيئة الدراسة ووصولاً إلى مفاصل المجتمع الفكري كلها منبرًا وصحافة وتأْليفاً وحرك علمية وحراكاً ثقافياً حتى يحصل الزخم بالقدر الكافي لإحداث التغيير المطلوب كعرف اجتماعي وليس المسايرة للاستجابة البطيئة .
ورأى ضرورة صهر الثنائية الدينية والفكرية في نسيج الحريات العامة حتى تستوعب كافة أطياف وشرائح المجتمع وتحتويهم وإعادة تشكيل وهيكلة هذه الثنائية في أخطارها ورؤاها إلى المهنية والاحتراف وفقهها للواقع الجديد لتكون متوازية متكاملة بدلاً من التقاطع التعارض والتضاد.
وأوضح الأستاذ عبد الرحمن الحاج في ورقته ( الفكر بوصفة قضية أمنية .. الأمن الاجتماعي والحرية الفكرية في المجتمعات المسلمة ) أن التفكير في الأمن الفكري بمعناه الفردي يبدو أمراً بسيطاً للغاية مقارنة بمفهومه الجماعي ذلك أن مفهومه الجماعي مركب الأبعاد، ويتطلب تحقيقه عمل معقد من الإجراءات القانونية والعمل الفكري والسياسي. وقال وبسبب هذه التركيبة المعقدة فإنه لا بد من وضع إستراتيجية شاملة تسمح بنوع من التوازن والتناسق بين مختلف أشكال الحماية لأمن الجماعة الفكري مهما تجسدت أشكال الخطر إذ تضمن هذه الإستراتيجية الرابطة بين مختلف أشكال الحماية تماسك أنظمة المجتمع ذاتها وتمنع من تجزئتها وانفراط عقدها مع القيام بإجراءات الحماية مما يمكن من مواجهة شاملة لمصادر الخطر.
وأشار إلى أنه إذا كان هناك حاجة إلى بناء استراتيجية للأمن الفكري الفردي والجماعي فلا بد من مراعاة عدد من الاعتبارات وهي أن يؤدي تطبيقها إلى القضاء الفعلي على مصادر تهديد الأمن الفكري والدعم الاجتماعي للحكومة ودعم المجتمع الدولي وذلك أن الدول الإسلامية الحديثة في عالم اليوم جزء من نظام دولي متعدد المصالح، وهي لا تعيش وحدها، وحتى يمكن سد المنافذ على الأخطار الخارجية يجب أن يؤخذ بالحسبان تأثيرات المجتمع الدولي في دعم مصادر يهدد الأمن الفكري أو الحد منها للدولة المعنية.
وشخص الباحث قضية الأمن الفكري في توصيه في ختام ورقته وهي إن موضوعات الأمن الفكري الفردي والجماعي يجب أن تخصص لها مؤسسات علمية مستقلة تعمل على بناء الاستراتيجيات واقتراح الآليات لمواجهة المخاطر التي تتهددها كما أن تحويلها إلى أحد أبواب البحث الاجتماعي وأحد موضوعات البحوث الأمنية أمر يساعد على تطوير الأفكار الناشئة حولها وفي هذا السياق يبدو مناسباً تسمية كرسي في العلوم الاجتماعية في الجامعات باسم" كرسي الأمن الفكري" وتخصيص مجلة علمية أكاديمية معنية بتطوير البحوث العلمية في هذا المجال.
وناقش الأستاذ محمد جماعة في ورقته ( التعددية الثقافية ومفهوم الهوية المتعددة الأبعاد ) وقالإن تنظيم القاعدة بالرغم من أنه يثير أحاسيس الرهبة الممتزجة بالرعب والكراهية في الغرب فإنه يثير في نفس الوقت كثيراً من الحيرة والمشاعر المتناقضة في العالم الإسلامي نظراً لاعتماده على مفاهيم ومصطلحات مشتركة التي لا إشكال فيها من الناحية الشرعية لو أخذت في سياقها وبمفهومها السليم وفي إطار علاقتها ببقية المصطلحات والمفاهيم الإسلامية وتوظيفها بشكل انتقائي لتبرير الصراع الذي يقوده في العالم على واجهات مختلفة//.
وبين الباحث محمد جماعة أن مواجهة فكر تنظيم القاعدة يرتكز على محورين أساسيين فكري وواقعي مشيراً إلى أن الفكري يتمركز على جملة من النقاط تتلخص في نقد التأسيسات الفقهية القائمة على قراءة كتب السابقين : عبر نقد الرؤى المتعلقة بالخروج على الحاكم وقتل المدنيين ومسائل الجهاد وغيرها وتقسيم الديار ودفع الصائل وغيرها وتوضيح سوء التأويل لها.
عقب ذلك ألقى أستاذ علم النفس بكلية الآداب بجامعة المنيا بمصر الدكتور ممدوح صابر ورقة بعنوان ( الأفكار اللاعقلانية ) أشار فيها إلى عدد من التوصيات المهمة أكد فيها حرص وعناية المملكة العربية السعودية بتحقيق الأمن الفكري وتنمية التفكير العقلاني لدى الشباب من خلال المناهج الدراسية والأنشطة التي تشجع التفكير العقلاني وإنشاء مراكز للإرشاد النفسي والتربوي والديني في الجامعات لتطوير التفكير العقلاني وتعديل أو الوقاية من التفكير اللاعقلاني .
ورأى إمكانية الاستفادة من الأفكار اللاعقلانية كمؤشرات فارقة للكشف عن الاضطرابات السلوكية وإيجاد إستراتيجية وقائية علاجية لتطوير الأساليب الفكرية السليمة .
وفي ختام الجلسة الثانية ألقى الدكتور خالد الشنيبر بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك سعود ورقة بعنوان ( الأمن الفكري في ظل مبادئ حقوق الإنسان ) أوضح فيها أن البحث في الأمن الفكري لا يصلح أن يكون بعيداً عن الحديث عن الإرهاب .
وقال إن الحرب على الإرهاب أصبح مطلبا دولياً لكن يبقى أن الإشكال يتمحور في موقف الثقافات المتعددة من تصنيف الأمور الفكرية التي تحتاج إلى حماية من المجتمع .. ومن هنا لا بد أن نعلم أن مفاهيم الأمن الفكري في عدد من الأحيان مختلفة في الأولويات والمضامين بين المجتمعات العالمية بحسب توجهاتها السياسية والاجتماعية والدينية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.