مريم المغربي - الظهران أطلق مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، اليوم، معرض "صدى المألوف" الذي يستكشف مفهوم "البيت" من منظور الفن المعاصر، عبر 28 عملًا فنيًا من بينها 17 عملًا مدعومًا من إثراء، بمشاركة 28 فنانًا وفنانة سعودية، تحت إشراف القيّمة الفنية غيداء المقرن. ويُسلّط المعرض الضوء على الذكريات والحنين والعادات والطقوس التي شكّلت ملامح الحياة المنزلية السعودية خلال القرن العشرين، واستمرار تأثيرها في تشكيل الهوية الثقافية حتى الوقت الراهن. وأكدت رئيسة متحف إثراء فرح أبو شليح أن معرض "صدى المألوف" يجسّد التزام المركز بدعم الممارسات الفنية السعودية وتوثيق التحولات الثقافية والاجتماعية التي تشهدها المملكة في حاضرها المتجدد، مشيرةً إلى أن استحضار مفهوم "البيت" كفضاء رمزي تتقاطع فيه الذاكرة مع الهوية، يفتح آفاقًا لقراءة الذات والمجتمع في سياق يتّسم بالحركة والتطور. وأضافت أن الأعمال المعروضة تعيد تفسير تفاصيل الحياة اليومية بصريًا بوصفها مكوناتٍ للوعي الجمعي والتجربة الإنسانية المعاصرة، مؤكدةً أن "إثراء" يواصل رسالته في تعزيز الحوار الثقافي وتمكين الإبداع كوسيلة لإعادة اكتشاف التراث في صورة نابضة بالحياة تُلهم مختلف شرائح المجتمع. من جانبها، أوضحت القيّمة الفنية غيداء المقرن أن "البيت هو مهد الأحلام الأولى، وفضاء الخصوصية واستكشاف الذات"، مبينةً أن المعرض يجمع بين ألعاب الطفولة وتذكارات الثقافة الشعبية، لتشكيل عوالم تحمل في ظاهرها البساطة، بينما تخفي في باطنها ثراءً وجدانيًا عميقًا. وأضافت أن الأعمال المعاصرة في المعرض تستحضر موضوعات الهوية والنشأة والتطور من خلال مواد متعددة الطبقات وإضاءة خافتة، تعبّر عن الذاكرة بوصفها شعورًا حيًّا أكثر من كونها سردًا تاريخيًا، مستشهدةً بقول الفيلسوف الفرنسي "موريس ميرلو بونتي" إن "بيئة الإنسان تشكّل وعيه بذاته". ويأخذ المعرض الزائر في رحلة عبر فضاءات البيت السعودي التقليدي، من خلال مجموعة من الأقسام مثل: "المبنى"، "الصالة"، "المطبخ"، "سيب الذكريات"، "غرفة النوم"، و"أهل البيت"، حيث يتحوّل كل ركن إلى مشهد بصري يعبّر عن العلاقة المتجددة بين الذاكرة والهوية، والفرد والجماعة. وتستلهم الأعمال الفنية تفاصيل الحياة اليومية التي تُشكّل نسيج المجتمع السعودي من طقوس اللقاء وتبادل الأحاديث إلى طقوس المائدة والعائلة، لتعيد صياغتها بلغة بصرية معاصرة تستكشف معنى الانتماء وتحولاته عبر الزمن. ولا يكتفي المعرض باستحضار صورة المنزل، بل يعيد اكتشافه كرمزٍ للتحوّل والتواصل الإنساني، في مسارٍ تأملي يُعيد رسم العلاقة بين الإنسان ومحيطه، وبين ما كُنّا عليه وما نصير إليه. ويُعد معرض "صدى المألوف" امتدادًا لمسيرة "إثراء" في دعم ومواكبة الحركة الفنية والإبداعية السعودية، وتعزيز الحوار بين الفنانين والجمهور والمؤسسات الثقافية، بما يُسهم في إحياء التراث والتطلّع نحو مستقبل أكثر ازدهارًا وإلهامًا