الرأى - معبر النهاري - المدينةالمنورة طفلةٌ خجولة، هادئة، تراقب العالم بعين الباحث عن معنى. لم يكن أحد يتوقع أن تلك الطفلة القادمة من مدارس الظبية ستصبح يومًا مديرة تربوية ناجحة وصوتًا إعلاميًا مؤثرًا وموثقة لأعلام منطقة جازان في كتاب يضم نحو 160 شخصية. لكن بدرية بنت عيسى شاجري أثبتت أن الشغف حين يلتقي بالإصرار قادر على أن يصنع فارقًا. اختارت الرياضيات تخصصًا في دراستها الجامعية ،ثم بدأت رحلتها المهنية في ميدان التعليم. ومن مقاعد التدريس انتقلت إلى الإدارة، لتتولى مناصبها الادارية وكالة ثم إدارة مدارس الظبية، حتى وصلت اليوم إلى قيادة روضة وابتدائية الظبية الأولى وتحفيظ الظبية. وخلال تلك المسيرة، حصدت جائزة التميز على مستوى المنطقة لعامين متتاليين، ومثّلت مدارس تطوير في سنغافورة عام 2014، لتثبت أن الإدارة التعليمية ليست مجرد عمل روتيني، بل رسالة تتطلب إبداعًا وتجديدًا. قبل ذلك وفي عام 2013، بدأت بدرية تكتب خواطر بسيطة تعبّر فيها عن ذاتها. كانت الكتابة ملاذًا شخصيًا، لكنها سرعان ما تحولت إلى طريق جديد. التحقت بصحيفة "نزاهة"، حيث تعلمت أصول البحث والتحقيق الصحفي، ثم انطلقت إلى صحيفة "الرأي الإلكترونية" لتصبح مديرة للعلاقات العامة والشراكات. هناك لم يكن حضورها إداريًا فقط، بل أصبحت قلمًا صحفيًا يلامس قضايا الناس ويضيء زوايا منسية. إن أحد أهم مشاريعها كان كتابًا موسوعيًا ضم 160 شخصية من أعلام منطقة جازان. وهو تحت الطبع حيث سيرى النور قريبا في هذا العمل لم تكن مجرد صحفية تسجل سيرًا ذاتية، بل باحثة تنسج خيوط الذاكرة الجماعية، وتعيد الاعتبار لرجال ونساء صنعوا تاريخ المنطقة. بهذا الجهد ساهمت في حفظ الهوية الثقافية لجازان، مؤكدة أن الصحافة ليست خبرًا عابرًا بل سجلًّا للأجيال. وبعيدًا عن التعليم والإعلام، لم تنس بدرية مسؤوليتها الاجتماعية، فأصبحت عضوة في إدارة الملتقى العربي للأدباء ، وكذلك عضوة في إدارة نادي صبيا الثقافي، ومشاركة في عدة جمعيات مثل جمعية التنمية الأهلية بالظبية، جمعية غراس للأيتام، وجمعية أضرار المخدرات بجازان، جمعية الإعاقة السمعية ، جمعية البر الخيرية. إن انتمائها لهذه المؤسسات يعكس إيمانها بأن النجاح الفردي لا يكتمل إلا بالعطاء الجماعي. وحيث تؤمن بدرية أن الإعلام الرقمي اليوم هو نافذة حرّة تتيح التفاعل المباشر مع الجمهور، وأن المرأة السعودية قادرة على أن تكون فاعلة في كل مجال. تعترف بأن دعم زوجها وعائلتها كان سندًا أساسيًا، وأن إعجابها بتجارب إعلاميين مثل تركي الدخيل وحمود أبو طالب منحها إلهامًا إضافيًا. ومن بين معادلات الرياضيات التي درستها يومًا، وبين الكلمات التي تخطها في مقالاتها اليوم، نسجت بدرية عيسى معادلتها الخاصة: التعليم + الإعلام + العمل المجتمعي = نموذج للمرأة السعودية الجديدة. ومن الظبية إلى جازان، ومن المدرسة إلى الصحيفة، ومن الخواطر الشخصية إلى توثيق أعلام المنطقة، كتبت فصلًا يستحق أن يُروى في حكاية التحول الثقافي والإعلامي الذي تعيشه المملكة العربية السعودية فاصلة أخيرة مع الاعتذار لأبي الطيب المتنبي ولو كان النساء ( كبنت عيسى) لفضلت النساء على الرجال وما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال.