«الحج والعمرة»: احذروا شركات الحج الوهمية.. لا أداء للفريضة إلا بتأشيرة حج    «الطيران المدني»: تسيير رحلات مباشرة من الدمام إلى النجف العراقية.. ابتداء من 1 يونيو 2024    ولي العهد يهنئ رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة بذكرى يوم الاتحاد لبلادها    الأرصاد: لا صحة عن تأثر السعودية بكميات أمطار مشابهة لما تعرضت له بعض الدول المجاورة    أخو الزميل المالكي في ذمة الله    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    تشكيل الهلال المتوقع أمام الفتح    كيسيه يعلق على الخسارة أمام الرياض    جوارديولا: الضغط يدفعنا إلى الأمام في الدوري الإنجليزي    أمير جازان يرعى حفل افتتاح مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية    إصابة حركة القطارات بالشلل في ألمانيا بعد سرقة كابلات كهربائية    الشاب عبدالله بن يحيى يعقوب يعقد قرآنه وسط محبيه    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    أعمال نظافة وتجفيف صحن المطاف حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن    وزير الشؤون الإسلامية يعقد اجتماعاً لمناقشة أعمال ومشاريع الوزارة    أمريكا: اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان    أستراليا تقدم الدعم للقضاء على الملاريا    اتفاق سعودي – قبرصي على الإعفاء المتبادل من التأشيرة    فرصة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    "زرقاء اليمامة" تعيد الأضواء ل"مركز فهد الثقافي"    إصابة مالكوم وسالم الدوسري قبل مباراة الهلال والفتح    الأخضر تحت15 يخسر من سلوفينيا في بطولة ديلي نازيوني    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    "المُحليات" تدمِّر "الأمعاء"    مقامة مؤجلة    حرب نتنياهو .. إلى أين ؟    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    أمير حائل يرفع التهنئة للقيادة نظير المستهدفات التي حققتها رؤية المملكة 2030    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    أمير جازان ونائبه يهنئان القيادة بما تحقق من إنجازات ومستهدفات رؤية المملكة 2030    هيئة السوق المالية تصدر النشرة الإحصائية للربع الرابع 2023م.    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    تحول تاريخي    الأخضر تحت 23 عاماً يواجه أوزبكستان في ربع نهائي كأس آسيا    الهمس الشاعري وتلمس المكنونات    «ألبرتو بُري» يتجاوز مأساته    المملكة تبدأ تطبيق نظام الإدخال المؤقت للبضائع    أمين الرياض يحضر حفل السفارة الأميركية    محمية الإمام تركي تعلن تفريخ 3 من صغار النعام ذو الرقبة الحمراء في شمال المملكة    أرامكو السعودية و«الفيفا» يعلنان شراكة عالمية    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    مقال «مقري عليه» !    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    لو ما فيه إسرائيل    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي مديري عموم فروع الرئاسة في مناطق المملكة    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأميرة الجوهرة: العمل التطوعي ليس بغريب على المرأة
مسيرة المرأة السعودية في عاصمة الثقافة العربية إبداعات جبارة في القصة والمقالة والشعر
نشر في الجزيرة يوم 03 - 12 - 2000

منذ أن اصبحت هذه الأمة تسبق الزمن بمراحل لم يكن الزمن إلا ان يقف مبهورا أمام سرعة نهوضها ومجاراتها بل تجاوزها للكثير من أمم الأرض ومازال الإنسان هو اللبنة الأساسية لبناء الأمة، فلم تشهد الدنيا بأن أمة من الأمم قد نهضت بأرضها وبانسانها بمثل هذه السرعة التي نهضت بها المملكة العربية السعودية وهي تعبر المحيطات بابداعها فهي أيضا تشهد مرحلة كشف النقاب عن عطاء الانسان فيها وبالذات تقدم وازدهار المرأة السعودية الذي لا يتعدى عاداتنا وتقاليدنا وليس بالغريب فعلا دخول المرأة السعودية في الملحمة الاسطورية بعطاءاتها اللامحدودة فدخولها يعتبر مدخلا تشريحيا حيا ونابضا بالابداع والتمكن الجاد عبر المجالات المتعددة لتثبت هويتها الصادقة والثقة الملكية التي منحت لها، إلى مئوية التأسيس فالرياض عاصمة للثقافة العربية لعام 2000م والحديث يطول فروعه عن المرأة لاسيما انها في كل ثانية تكتشف الجديد في ذاتها ونحن من خلال اتساع دوائر المعرفة لدينا وصلنا إلى ابجديات هذه المسيرة والجزيرة بالفعل تبدو أشد قوة لمعرفة قرائها للمسيرة السعودية فمن خلال هذه الاسطر اللاهبة نتعرف سويا ونتحدث للوطن عن نشأة مسيرة المرأة السعودية.
(هنا بداية المشوار)
ها هي بلادنا الحبيبة تتجدد يوما بعد آخر وتزداد انبهارا كلما عاشت نشوة احتفالاتها وابداعاتها العربية والعلمية وكيف لا نفتخر ونحن نشاهد حديث مجلة الفيصل في احد اعدادها عن المرأة السعودية فمنذ ان تقدمنا وازدادت الحضارة وأصبح للمرأة تنويع في مجالات العطاء ففي هذه الارض المعروفة بالمملكة العربية السعودية اليوم عاشت معظم القبائل العربية في العصر الجاهلي وما بعده وترابطت اخلاقها ومكارمها وتشابهت عاداتها وقيمها على ان الملة كانت واحدة وان اشتهر كثير من العرب بالفعل الحميد ومكارم الأخلاق فقد انعكس هذا على المرأة فشاركت هي في هذه المكارم والادبيات وبرزت حتى سادت مع بعض الرجال الكبار في عاداتهم الحسنة وأفعالهم الفذة الرائعة ولم يأت ذلك لولا احترام الرجل للمرأة وفخره بها بالانتماء إليها عند الصيت فهم على صواب حين قالوا (النساء شقائق الرجال) ولهذه العبارة معان دقيقة وواسعة تتضمن على الاقل المساواة والاحترام وصون العفاف والذود عنه.
(من جهل وتخلف)
ورغم وجود العديد من المؤلفات التاريخية التي بدورها تقوم بشرح الفترة المبكرة الناضجة لنهوض المرأة حتى قال عنها راشد عيسى في اصداره معادلات القصة النسائية السعودية حملت المرأة العربية اعباء سنوات طويلة من الكفاح والنضال الاجتماعيين بهدف تحقيق احلامها وتطلعاتها إلى غد يكون أجمل اشراقا وأرحب فضاء من اجل ان تحس بانسانيتها من ناحية ومن أجل اثبات وجودها ومشاركتها الايجابية في بناء مجتمعها الاسري الصغير بناء سليما قائما على اسس صلبة متينة تكون دعامة قوية لمجتمعها الكبير من ناحية اخرى، فالمرأة في المملكة العربية السعودية لعبت دوراً بارزاً وهاماً في سعيها المتواصل للتفتح والانبثاق من قيود الامية والخروج الواعي من ترسبات الجهل والتخلف الاجتماعي إذ عاشت في مرحلة ما قبل التعليم الرسمي حياة قاسية في ظل مفاهيم تنفي اسهامات المرأة وتنظر إليها على انها مجرد ربة بيت أو أنثى مسلوبة الحقوق ليس من حقها ابداء رأيها أو التحرك نطاق السياج المضروب حولها لذا اصبحت تمثل نصف المجتمع وبكل طرق ووسائل العطاء وذلك حينما توفر الوعي الاجتماعي بأهمية المرأة وأدرك المسؤولون اهمية تطبيق ما تدعو إليه الشريعة الاسلامية من ضرورة تعليم الفتاة واعطائها حقوقها كاملة.
(عقبات في وجه التعليم)
ويرسم الدكتور بكري شيخ أمين في إصداره عن الحركة الأدبية في المملكة ان الدول السعودية مرت بثلاث عقبات وقفت في وجه التعليم في بدء ظهور (المملكة العربية السعودية) تغلبت الدولة على اثنتين، وتحاول تذليل الثالثة، الاولى تتعلق بموارد الدولة ذلك ان الملك عبدالعزيز لم يكن يملك المال حين نودي به ملكا على المملكة العربية السعودية وما كانت موارد الدولة البارزة تأتي عن غير طريق الحجاج، وهي موارد سنوية لا تسمن ولا تغني من جوع، وما كانت تزيد على مائة ألف جنيه سنويا، ثم اكتشف البترول في منطقة الاحساء عام 1933م ولم تحصل المملكة على دخل منه إلا في سنة 1939م وكان حوالي 166 ألف دولار، وبقي رقم العائدات يتراجع بين المليون والمليون ونصف المليون في سنوات الحرب حتى السلام في العالم، ثم بدأ الدخل يتصاعد حتى بلغ 662 مليون دولار عام 1965 وحلت مشكلة المال وزالت عقبة الفقر دفعة واحدة، والعقبة الثانية كانت تتصل ببعض العقليات التي لم تقتنع بالفكر الحديث وبالتقدم الحضاري، وبفائدة المدارس العصرية وقد خيل إلى هذه الفئة ان الرسم هو التصوير وان تعليم اللغة الاجنبية ذريعة الى الوقوف على عقائد الكافرين أو هو وسيلة الى اضعاف اخلاق الشباب، ولقد واجه الملك عبدالعزيز هذه المشكلة واستطاع ان يوضح لتلك الفئة ان ما يريده من المدرسة العصرية هو ان تقوى العقيدة الدينية في قلوب الطلاب وتجعل المملكة الوليدة في مصاف الدول القوية المتعلمة المتحضرة وآمن بعضهم بصواب رأيه وصحة خطته وروعة هدفه فاندفعوا يساعدونه على تحقيق الهدف واما العقبة الثالثة فكانت في مستهل ولادة المملكة قوية كبيرة إلا أنها تتضاءل وتذوب مع مرور الزمن وتتمثل في توافر عناصر المدرسة الرئيسية فالمملكة بلد شاسع اقرب ما يكون إلى القارات منه إلى الدولة الصغيرة والسكان منتثرون هنا وهناك وفق الظروف الجغرافية والمعيشية مما يجعل اقامة مدارس معدودات وفق القدرة المالية للمملكة يومها، فكان لابد من مواجهة المشكلة التي تبدأ باستيراد المدرسين والكتب وتنتهي باستيراد (الطبشورة) واللوح الأسود، ولم تبخل المملكة بالمال فقد دفعت الكثير لتتغلب على هذه العقبة.
(التعليم أصبح مؤسسة ضخمة)
وكثرة الاستفتاءات في (مسألة تعليم المرأة) وجهت إلى العلماء والوجهاء والمثقفين وكثير من الناس الاسئلة: هل على الدول واجب تعليم البنات، بل هل يجوز ان تتعلم الفتاة؟ وماذا يجب ان تتعلم؟ وإلى أي مرحلة يكون علمها؟ وردت الاجوبة من كل فج وافق معظمها على وجوب تعليمها وان ذلك فرض على الدول ولكنها اختلفت فيما تتعلمه، وفي المرحلة التي تبلغها قال علي محمد التويجري (إن تعليم المرأة ضروري كضرورة الماء والهواء، ولكن لا يتجاوز تعليمها المتوسط، وأما الجامعي فلا نحبذه) وقال ايضا الشيخ حسين شطا المدرس بالحرم المكي (إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم النساء،ويخصص لهن درسا يتلقين فيه أمور دينهن ولقد سئلتُ عن تعليم المرأة الحساب والصحة وتدبير المنزل وغير ذلك فأقول: إن هذه العلوم تقاس على الامور الدينية ويؤخذ منها بالقدر الذي لا غنى عنه مما لا تستقيم الحياة إلا به، ولكن يجب مراعاة البيئة قبل كل شيء، إن المرأة هي الخلية الاساسية التي يتركب منها جسم المجتمع، فإذا كانت متعلمة ربت جيلا متعلما يعتز به المجتمع ويفخر بأعماله ونشاطه في جميع الميادين، وإن كانت جاهلة أنشأت جيلا جاهلا يكون وبالا على المجتمع) وقال أحمد عبدالعزيز المبارك: (تعلم المرأة الطب والتمريض لا يتنافى والدين لكي تقي المرأة المسلمة أختها ضرورة كشف عورتها لدى كل طبيب ويمكن ان تصل إلى هذه الغاية باقامة كلية للطب وللتمريض خاصة للبنات اما إذا كان القصد من دخول الجامعات بمزاحمة الرجال على منصات الوظائف والبيع في الحوانيت والاختلاط بمن لا يؤمن، فلا أراه بل أعتقد ان ذلك يضر بالمرأة دينيا وحسيا ومعنويا ولاسيما ارسالهن إلى الخارج) وقال آخرون لا يجوز أن تتعلم الا القرآن في بيتها لتصح صلاتها,, وأعلنت الدولة رأيها إذ قالت: (لا تستطيع الدولة إلا ان تتحمل مسؤوليتها تجاه من يطلب التعليم منهن ويكفي ان توجد فتاة واحدة تطلب التعليم، ويقر ذلك ذووها حتى تكون الدولة ملزمة بتوفير هذه الفرصة لها) وفرض التعليم وجعل في الوقت ذاته تحت اشراف السلطة الدينية ومراقبتها ويكمل رشاد عيسى قوله، حظيت المرأة السعودية بقسط وافر جدا من الرعاية التعليمية المقننة على كل الاصعدة وفي جميع الميادين اللائقة واصبح لتعليم البنات مؤسسة ضخمة تدعى (الرئاسة العامة لتعليم البنات) فكان اول رئيس لمدارس تعليم البنات الشيخ عبدالعزيز بن رشيد ثم خلفه الشيخ ناصر بن حمد الراشد، فقلت نسبة الامية بين الفتيات وانتشر الوعي بشتى صوره بين صفوفهن بل واصبحن يشعرن بدورهن الهام في المساهمة الملموسة عبر مسيرة التنمية الشاملة التي تعيشها المملكة، ومازالت تستهل مجلة الفيصل حديثها على ان الارض هي الارض والسلالة هي ذاتها فقد ورثت المرأة السعودية هذا الارث الاخلاقي والثقافي والطابع الاجتماعي نفسه الذي خلفته سالفتها وسارت فيه محققة الوظيفة ذاتها تقريبا مضيفة إليها مواكبة العصر بمفاهيمه وابداعاته ووظائفه التربوية والادبية والعلمية جنبا الى جنب مشاركة الرجل في وظيفته المماثلة نائلة الاستحسان والتقدير الذي نالته سابقتها من رجال عصرها حينما يعتز العزيز الرجل بالمرأة النابهة ويحترم مكانتها بل يفخر بانتمائه إليها متشرفا بنخوتها ورأيها السديد.
(من الهودج إلى روب الجامعة)
ذخرت دلائل عديدة تزهو بنجاح المرأة التي سجلتها الكاتبة الكويتية ليلى محمد صالح في اصدارها أدب المرأة في الجزيرة والخليج العربي، وفي حديثها عن المرأة في المملكة العربية السعودية: قالت اثبتت المرأة السعودية تفوقها العلمي في كافة المجالات يدفعها عامل الطموح والتحدي ولا نبالغ إذا قلنا ان الفتيات في مرحلة الدراسة قد تفوقن كثيرا على بعض الفتيان رغم ان تعليم البنات رسميا قد تأخر في المملكة بسبب بعض العقليات المتشددة التي لم تقتنع بالتقدم الحضاري فكانت تنظر نظرة متشددة إلى تعليم الفتاة وخروجها من المنزل لان المرأة خلقت للبيت ولخدمة الرجل ويقول: (سعد الدريبي) في كتابه فتاة الجزيرة لا مانع من تعليم الفتاة بشرطين الاول الا يتنافى هذا التعليم مع تعاليم الدين والثاني الا يتنافى في وظيفتها في الحياة وقالت السيدة (هنية محمد الناقدي من جدة), أحبذ تعليمها الجامعي حتى تحصل على الماجستير ثم الدكتوراه لانها اساس المجتمع وبلادنا في اشد الحاجة إلى الجامعيات والمتخصصات بشرط ان يتفق ذلك مع دينها وأدبها وان تعطى الحرية المعقولة في التعليم وفي التصرفات الشخصية حتى تحوز الثقة بنفسها مع مراقبة هذه الثقة ومع هذا لم يبدأ الشروع بتعليم الفتاة إلا بعد ثلاثين عاما من تأسيس المملكة ومن ثم فإن تعليم الفتاة قد عم وشاع وقطع الاشواط حيث قامت الدولة بنشر التعليم المتعدد ليقفز في لغة الارقام العلمية ويحطم كل التوقعات بعد ذلك انتقلت الفتاة السعودية من هودج الناقة إلى روب الجامعة وها هي الايام والسنوات تثبت لهذه التجربة نجاحا لا تحلم به اكثر الدول تطورا فها هي المرأة تعلمت وعملت في المجالات التي لا تمس تعاليم عقيدتها او قيم بلدها وأصبحت بحمد الله مواطنة صالحة نجحت في تجربتها واصبحت عنصراً متعلماً متفوقاً، لذا فإن صراع المرأة السعودية عبر مسيرة التنمية الحديثة في المملكة هو صراع مميز يتسم بالفرادة في كل محاولات التأسيس والمشاركة الفاعلة واليقظة الجريئة في تخطي اعباء العراقيل الصعبة التي كانت تقف امامها حيث كان تدني منسوب الادراك الشامل بدور المرأة في نهضة المجتمع وارتفاع نسبة الامية بشكل لا يسمح معه للفتاة بأن تساهم بصورة ما في مسار العطاء الفكري والكلمة المنيرة فالتاريخ لتلك الفترة التي تسبق التعليم الرسمي يبقى مرا غامضا عدا ما أشارت إليه صحيفة الحجاز في عددها الذي يحمل رقم 126 والصادر في 4 ربيع الآخر 1353ه عارضة فيه دور المرأة في المجتمع، وبعد ذلك بدأت معالجة وحصر نسبة غير المتعلمات في الاوان الاخير وحظي التعليم باهتمام خاص من القيادة الحكيمة لهذه البلاد من (تعليم الكبار ومحو الأمية) حيث حرصت الرئاسة على تنفيذ سياسة الدولة فيما يتعلق بمحو الامية بين الموطنات نظراً لمكانة الأم ودورها في الاسرة والمجتمع وها هي المملكة ممثلة بالرئاسة العامة لتعليم البنات تفوز بجائزتين من منظمات عالمية بعد ان تبين لتلك المنظمات ان الرئاسة تستحق مثل تلك الجوائز لقاء تصميمها للقضاء على الامية، ومن هذا المنطق حصلت الرئاسة العامة لتعليم البنات على جائزة (نوما) من منظمة اليونسكو كما حصلت على الجائزة الحضارية من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، كان ذلك قبل افتتاح المعرض الاول للرسوم التشكيلية لمدارس محو الامية الذي نضم في مركز الامير سلمان الاجتماعي كاحدى نشاطاتها الثقافية فيه والمركز له الدور الفاعل في ابراز المرأة.
(إنتاجها بطاقة مرور)
وتستمر ليلى محمد صالح في حديثها قائلة: إن المرأة الكاتبة في المملكة العربية السعودية لم تفتح عينيها لتجد الطريق امامها مزروعا بالورود والهواء يعبق بشذا البخور والعطور, بل فتحت عينيها امام كلمة (لا) وامام كل ما هو محظور وممنوع ورغم المعيقات والاحباطات والحصار الاجتماعي الذي يحيط بالكاتبة من كل جانب لم يتخلف الفكر النسائي عن الساحة الفكرية في المملكة، بل لعلنا نجد الكاتبة السعودية قدمت ما لم يقدمه غيرها قياسا بالظروف المتاحة واستطاعت بايمان عميق وعزيمة قوية ان تتخطى الواقع المليء بالحفر وتخرج من دائرة التعليم إلى دائرة الضوء بفضل ما وصلت إليه من النضج والادراك وما حصلت عليه من مستوى رفيع من التعليم والثقافة واستطاعت من خلاله ان تحقق مكاسب كثيرة وتقدم البرهان الكافي على تحمل المسؤولية رغم ان ما حولها لا يشجع على ذلك بل يعمل على تحجيمها حضاريا ومن ثمة تغطية نجاحها ووأد مواهبها فتحركت المراة السعودية حركة ادبية نسائية برزت من خلالها وجوه نيرة استطاعت ان تعطي وان تخترق الحصار المحلي والعربي المضروب على الفكر وتواجه المجتمع بانتاج اصيل متجدد يعتبر بطاقة مرور إلى القلب والذاكرة، وبدت أولى بشريات الوقوف مع حقوق المرأة وإظهار اهميتها وفعالياتها مع ظهور عدد من الكتاب والأدباء والصحفيين الذين نادوا عبر مقالاتهم بضرورة اعادة النظر في امكانية مساهمة الفتاة في مشوار الخير والعطاء واذكر منهم الشيخ حمد الجاسر رحمه الله والمرحوم الأديب محمد حسن عواد والمرحوم الأديب أحمد السباعي والمرحوم عبدالقدوس الانصاري الذي نشرت مجلته المنهل اول مقالة بقلم نسائي عام 1956م فالمرأة صارعت الكثير وكونت نفسها وكتبت ولازالت تكتب عبارات رائعة من خاطرة ومقالة وقصة ونقد وشعر وتبعا لهذا الحماس والنظر في منظور المجتمع للمرأة فقد بادرت الفتاة إلى اسهاماتها المختلفة مبادرة يقظة ونشطت نشاطا واضحا على صعيد (الصحافة) وبتنا نقرأ مقالات ودراسات ومشاركات ابداعية أدبية كثيفة عبر القنوات المتاحة من صحف ومجلات وإذاعة.
(انطلاقة الغيث الأولى)
ومع الانطلاقة الأولى كما قال راشد عيسى في بداية انتشار التعليم في البلاد السعودية انتشارا واسعا تبلورت ايجابيات كثيرة منها بروز اسماء كاتبات مبدعات في القصة والمقال والقصيدة والخاطرة وها هي اسماء البعض منهن,, عائشة زاهر أحمد وأصدرت (بسمة من بحيرات الدموع) وهدى الرشيد وأصدرت (غدا يكون الخميس، وغيث، ونساء عبر الأثير) وسلطانة السديري وأصدرت (عيناي فداء) وقد طبعته في بداية الستينيات موقع باسم (نداء) وهند باغفار واصدرت (البراءة المفقودة) ومجموعة مقالات في كتاب (نافذة على حائط مهدوم) وحصة التويجري كقاصة وكاتبة اجتماعية ومن قصصها القصيرة المعروفة (وطال شعري من جديد) وبرزت اسماء اخرى كالدكتور مريم بغدادي وثريا قابل التي اشرفت على تحرير صفحة المرأة في جريدة البلاد حيث كان لها مقال دائم بعنوان (منبري) والكاتبة هدى الدباغ لها فضل السبق في الاشراف على الصفحات النسائية في الصحف المحلية وعزة فؤاد شاكر التي اصدرت ديوان (أشرعة الليل) وثريا قابل صاحبة ديوان (الأوزان الباكية) ولا يفوتني أن أذكر فوزية أبو مخالد فقد اصدرت ديوانها في بداية السبعينيات الميلادية (إلى متى يخطفونك ليلة العرس) وأصدرت جمعية الثقافة والفنون مجموعة قصصية لفاطمة داود حناوي وسميرة خاشقجي التي طبعت العديد من القصص مثل (ودعت أمال) و(قطرات من الدموع) و(وراء الضباب) و(وادي الدموع) لذا فإن هناك اشارات من عدد من النقاد حول كونها اول قاصة سعودية وكانت تكتب تحت توقيع (سميرة بنت الجزيرة) وقد اصدرت رحمها الله أكثر من عشر مجموعات ما بين القصة الطويلة والقصيرة والرواية والمقالات وظلت لفترة طويلة رئيسة تحرير مجلة (الشرقية) وأسست نادي فتيات الجزيرة وجمعية النهضة السعودية في الرياض وتوفيت رحمها الله عام 1981م، إلا ان اقوال الادباء والمؤرخين والشواهد (الصحف) تثبت وتؤكد ان انتظام الانتاج الفكري للمرأة كان من الثمانينيات الهجرية حيث اشرفت لأول مرة في جريدة عكاظ الدكتورة فاتنة أمين شاكر على صفحة نسائية وتعتبر اول صحيفة سعودية تتولى الاشراف على صفحة نسائية بجريدة عكاظ عام 1381ه وحيث تولت رئيسة تحرير مجلة سيدتي التي تصدرها الشركة السعودية للابحاث والتنسيق وصدر لها في عام 1401ه 1981م كتاب يحمل عنوان (نبت الارض) وهو عبارة عن مجموعة من المقالات، ومن الاسماء التي كان لها مشاركات كتابية في (المقالة) فوزية أبو خالد وثريا قابل والدكتورة فاتنة أمين شاكر وزكية باحارث ونجاة الخياط التي كتبت إلى جانب المقالة قصصا قصيرة اصدرتها في مجموعة (مخاض الصمت) عام 1385ه ويروي كثير من المتابعين ان (مخاض الصمت) كان خطوة جريئة من قلم نسائي قدم قصصا قصيرة بأدوات فنية ناضجة بل فاقت فنيا الكثير من قصص اللاحقات الانفتاح على التعليم الشامل.
(مرحلة التنفس الطبيعي)
وتعتبر مرحلة الانطلاقة الثانية,, طبيعيا مركزا للمرحلة التأسيسية السابقة كما يعتبر عام 1395ه 1975م الانطلاقة الحاسمة في التصور نظراً لظهور أسماء اديبات وكاتبات على الساحة الادبية برزن بروزا ملحوظا وحققن في وقت وجيز التماعات ساطعة من ذيوع الصيت والاهتمامات الرئيسية من جهات ادبية وصحفية واعلامية مختلفة، أنها مرحلة البدء الفاعل والمشاركات الايجابية مرحلة التنفس الطبيعي من رئة الواقع المعاش فبرزت الاديبة الدكتورة خيرية السقاف مرموقة وقاصة اصدرت مجموعتها الأولى (أن تبحر نحو الأبعاد) قالت خيرية عن رحلتها مع القلم لليلى محمد صالح: كانت رحلتي مع القلم شيقة وقاسية، حيث بدأت وأنا على مقاعد الدراسة الابتدائية وقد طرحت نفسي امام القارئ منذ طفولتي وحتى لحظتي، لذا فإن نموي قد شهده القارئ الذي ترعرعت بين ناظريه، كما كانت المشرفة على الادارة النسائية بجريدة الرياض سابقا وتعتبر أول مديرة تحرير في منطقة الجزيرة والخليج العربي وقالت خيرية السقاف حول النشاط الصحفي النسوي (المرأة السعودية وهي تخوض تجربة التعامل مع وسيلة الاعلام راغبة فأعطت صورة للمعاناة والصبر ومثلت شطحات الموهبة واصرار العزيمة لذلك اختلفت اوجه هذه التجربة باختلاف فارساتها ولم يكن من هدف لنشر اسمائهن لظهورها على الصحف منحوتة من ضوء أو نار أو طين او نحاس كان الهم الاكبر هو الشعور بالالتحام الانساني العام مع الآخرين الشعور بأن المرأة تفكر وتقول وتفعل ولها آمالها وطموحاتها ورغباتها كانت غالبيتهن صغيرات مبتدئات في كل شيء في العمل والعلم والتجربة العامة في مجال الفكر أو الكتابة او الصحافة ولأن الكاتبة في الصحف كانت لهن نافذة للاستنشاق فلقد تفاعلت كثيرات وأعطين وطور عطاؤهن من مجرد محاولة التعبير إلى محاولة التفكير والمرحلة كلها تعبر عن مجتمع خام تطور مع الزمن وتغير فيه كل شيء حتى غدونا نجد الصحفية المتخصصة إلى جانب الصحفي المختص والكاتبة المبدعة المجددة الى جانب الكاتب المبدع المجدد).
كذلك نستثني كاتبات لامعات ك(جهيرالمساعد وسهيلة زين العابدين ونورة السعد وانتصار العقيل) لتميزهن بكتابة المقالة والبحوث الاجتماعية وفي مرحلة التنفس الطبيعي من رنة الواقع المعاش نشطت القاصة رقية الشبيب ونشرت مجموعة كبيرة من قصصها القصيرة في الصحف والمجلات المحلية وشاركت في كتابة زاوية (هوامش صحفية) في جريدة الجزيرة وزاوية (السياج) في جريدة الشرق الاوسط وأصدرت مجموعتين قصصيتين هما (حلم) و(الحزن الرمادي).
(ما أسعد شعباً تؤرخه امرأة)
رغم اصرار المبدعات في فن القصة الا انهن لم يتوقفن صدامات فأصبحن عنصرا سخيا في احياء مكنوناتهن الابداعية وكما قال محمد رداوي في اصداره دراسات في القصة السعودية والخليج العربي ان القصة فن من الفنون الادبية التي هي كذلك لابد لها من صانع ماهر يمتلك عدة صناعتها يعرف اسسها وقواعدها ويعرف كيف يبني بثقة وكيف يخلق بنجاح يعرف اين يدق حروفه وأين يغرس كلمته وكيف يصور بطلة ويعرف طبيعة الشخصية وابعادها وجوانبها وأعماقها واضحة مشرقة في ذهنه كما يعرف كيف ستنطلق تلك الشخصية وتتصرف حين يلتقطها من بين الألوف والارقام ويضعها في مكانها من حالة الحدث يعرف كيف يسير بشخصيته من خلال التأزم والصراع وإلى نهاية محتمة نتيجة لما قد مورس من فن، يقال هذا الكلام بعدما استوحينا اثر مطالعة مجموعة قصصية (الزحف الابيض) للقاصة لطيفة السالم وفعلا ان القاصة لطيفة تعرف طبيعة عملها وما يتضمنه من مواد وأدوات تعرف كيف تتناولها وتستخدمها ان هذا الصوت القصصي النسائي له صداه في ذات القارئ، لأن القصة لدى لطيفة السالم تقوم على صنعة فنية محكمة، تخلو مما يشوه جمال ابداعها بالاضافة إلى ان ثمة شغفا عفويا من الرجل المثقف بمطالعة ما تبدعه الاديبات أي أن اثر الصوت الادبي النسائي كبير في عقل الرجل وبخاصة إذا كن يعبرن عن معاناتهن وتجاربهن وهمومهن,, ويطرحن قضايا وشخصيات نسائية وعرفت حينها الكاتبة فوزية البكر بمقالاتها الاجتماعية الوجدانية الساخنة المتفردة وبقصصها القصيرة التي تمزج الحدث الواقعي بالرؤية الوجدانية ونشطت قاصات جدد مثل شريفة الشملان التي صدر لها مجموعتان قصصيتان الاولى عن نادي القصة السعودي التابع لجمعية الثقافة والفنون في الرياض وكتبت قماشة السيف عددا منتخبا من قصصها القصيرة ونشرت كل من عهود الشبل وجوهرة المزيد مجموعة طيبة من قصصهما كما نشرت الكاتبة تمام عبدالله أكثر من 15 قصة قصيرة في جريدة الرياض كما كتبت حصة العمار عددا من القصص القصيرة واتضحت اهتمامات الكاتبة بهية بوسبيت بالشؤون الاعلامية والصحفية بخاصة عبر نشاطها مع جريدة الجزيرة، وسطع نجم الكاتبة رجاء علم كأول فتاة سعودية تفوز بجائزة (ابن طفيل) من المعهد الاسباني في مدريد عن روايتها الناجحة (أربعة صفر) التي طبعها النادي الادبي الثقافي في جدة وقد تميزت مقالات رجاء التي كانت تنشرها اسبوعيا بجريدة الرياض بنكهتها الاسطورية التي تمزج فيها الاحداث الصغيرة بحلقات جميلة من اخيلة اللامعقول، وتكمل حديثها ليلى محمد صالح حول قول العلامة الشيخ حمد الجاسر رحمه الله عن المرأة السعودية (المرأة عندنا تمسك بالقلم تجد طبيعتها اللطف والرقة والنعومة تتمتع بصفاء الذهن ولهذا كثيرا ما يأتي أدبها أوقع في النفس,, والنفس تميل وتطمئن إلى ما تبديه الفتاة من اراء لأنها تحاول الدخول عن طريق العاطفة اضافة إلى ايجاد الوسائل التي يستوعبها العقل بسهولة ما اسعد شعبا يؤرخه امرأة) ويعتبر الشيخ حمد الجاسر رحمه الله أول من خصص للمرأة صفحة في جريدة اليمامة وجعل من اليمامة منبراً للدولة لتعليم الفتاة قبل ان تفتح المدارس في المملكة ومن الاسماء التي كانت تشرف على صفحة المرأة (حصة الفضل وخيرية السقاف)، وفي المملكة كاتبات بلغن مرحلة النضج والتمكن وتمتاز كتابتهن بسمة الابداع الذي هو ثمرة المثابرة، وقد عبرت بعض كتابتهن عن الاحاسيس الوجدانية والرومانسية التي لا تقف عند التغني بالعواطف الذاتية بل تتجاوز ذلك إلى معالجة قضايا الواقع مثل التعبير عن الشعور بالقلق والحزن والغموض والحلم والتمني ثم الشعور بالظلم الاجتماعي والفكري لهن، نتيجة للصراع العنيف بين العقليات الجامدة والعقليات الشابة المتطورة من جراء التطور الذي جد على الحياة الاجتماعية والثقافية في المملكة واتصال ابنائهم بالعالم الخارجي وامتزاجهم بحضارته وثقافته وانتقالهم الى حياة جديدة حديثة هذه النقلة السريعة حملتهم على رفض الواقع الذي يعيشونه والسعي نحوما هو افضل من اجل نهضة فكرية وأدبية تواكب النهضة الحضارية في البلاد.
(قلم يلمع كأسنة الرماح)
ومن الكاتبات البارزات في الساحة الادبية الصحفية خيرية السقاف فتتناول كتاباتها القضايا التربوية والاجتماعية بكثير من المباشرة اما خواطرها فتمتاز بسلاسة الاسلوب وترابط العبارات مع التداعي الصوري كذلك هيا المنيع حينما تولت الاشراف على الادارة النسائية بجريدة الرياض حاليا وهي تناقش قضايا المرأة عبر مقالاتها، وتعتبر الكاتبة جهير المساعد وهناء المطلق من كاتبات المقالات الاجتماعية والادبية التي تتصف بالجرأة والصراحة والتدفق اللفظي الذي يبلغ من الغنى والخصوبة مبلغا عظيما وإذا ما قرأنا اي مقال لهن نحس ان الصدق هو حقا امل قوي للرقي بالانسان العربي ومن كاتبات القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية اللواتي تعبر قصصهن عن وجدان المجتمع باستخدام تيار الوعي والتدفق من منظور شعري (خيرية السقاف ورقية الشبيب وفوزية البكر وقماشة السيف وعهود الشبل ولطيفة السالم وشريفة الشملان) تطرح بعض قصصهن مواقف من قضايا المرحلة الحديثة فكرية وفنية واجتماعية بموضوعية وتصور قصصهن الرومانسية انهيار الحلم في تحقيق عاطفة الحب التي تجمع بين الرجل والمرأة فالبطل في بعض تلك القصص يخوض الصراع بين عواطفه ومواقفه الفردية المحدودة وبين الوجود الاجتماعي من حوله بكل اثقاله وأعبائه، وضمت اوراق ليلى اثنتا عشرة أديبة سعودية هن (خيرية السقاف وجهير المساعد وعهود الشبل ورقية الشبيب وفوزية البكر وفوزية أبو خالد ولطيفة السالم ومنيرة المسعود وسلطانة السديري والجوهرة العلي والبندري بنت ناصر وقماشة السيف)، وقد كان الكتاب عبارة عن لملمات موجزة عن حياة وأدب الاديبات المذكورات إذ كان الغرض من الكتاب كما يبدو هوالتعريف بهؤلاء الكاتبات وبإنتاجهن وتقديمهن إلى القراء بصورة اعلامية وعن الكاتبة السعودية قالت ليلى: (كان قلم المرأة في الصحف السعودية يلمع كأسنة الرماح في ليلة انتصار عربية فهو بحق يعبر عن عالم الانسان بثقافة عميقة متمكنة وعزيزة وتبشر بمستقبل مبدع ومن خلال الحوار معهن لمست كما قالت انهن اقوى من تحديات المجتمع يقفن في مواجهته ليؤكدن حقيقة المرأة القوية المستقلة).
(الانطلاقة الثالثة)
ويتابع راشد عيسى الانطلاقة الثالثة في السنوات الخمس الماضية: برزت اصوات نسائية تبشر بعطاءات ابداعية مشرقة يكتبن القصة القصيرة والمقالات الأدبية والاجتماعية وهن اميمة الخميس، وفاء الطيب ومريم محمد الغامدي، وتعمل مذيعة بإذاعة الرياض وأصدرت (أحبك ولكن) قصص قصيرة عام 1408ه كما لها إعداد وإنتاج تلفزيوني لبرنامج (موسوعة الطفل) وفوزية الجارالله ونجوى هاشم التي اصدرت (السفر في ليل الاحزان) مجموعة قصص قصيرة ونجاة عمر ومريم عبدالرحمن الغامدي وفاطمة بنت طالب وفاطمة العتيبي والجوهرة العنقري وايمان الدباغ وهدى الدغفق وهدى الدباغ التي كان لها ,,, في الاشراف على الصفحات النسائية في الصحف المحلية والجوهرة العلي وبهية بوسبيت صحفية شاركت في نشر مقالاتها ومساهماتها الإعلامية في جريدة الجزيرة والرياض وبعض الصحف الاخرى واصدرت (درة الأحساء) قصة طويلة عام 1407ه وهند باغفار وناهد باشطح، وبدرية البشر وليلى الأحيدب وقماشة العليان التي حازت على المركز الاول بجائزة أبها كما حصلت على المركز الثاني بجائزة المبدعات العربيات في الشارقة عن روايتها (أنثى العنكبوت) التي تتصف بروح الجرأة الصادقة وقصصها الاجتماعية التي تتسم بالفرادة وروح المنطق، وفاطمة القرني وروضة الجيزاني وعبير البكر ولا ننسى ان نذكر ليلى الهلالي التي تعتبر اول كاتبة درامية سعودية في اعمال تلفزيونية مثل الحاسة السادسة وابو رويشد والعو عولمة والديرة نت.
يا رب امسك بيدها
ولا يختلف اثنان على ما وصلت اليه المرأة السعودية في شخصيتها المهمة وليس من السهل على الكاتب ان يتحدث عن الجد والتحدي الكبير الذي عم مكانتها في وطنها ومازال الباحثون يكتشفون في كل يوم شيئا جديدا وفي إصدار الصحافة النسائية في الوطن العربي للدكتور اسماعيل ابراهيم قال فيه بالنسبة للمجلات التي ساهمت فيها المرأة الصحفية (مجلة الضياء) وهي مجلة نسائية شهرية تصدرها جمعية النهضة النسائية بالرياض وصدر العدد الأول منها سنة 1397ه وهي محدودة الانتشار وتعنى بشؤون المرأة والطفل و(مجلة الأمل) هي مجلة يصدرها معهد التربية الفكرية للبنات بالرياض بشكل سنوي وترأس تحريرها فريدة عبدالله الخيال وهي تعليمية اكثر منها نسائية وتوزع مجانا وقد صدر العدد الاول منها سنة 1399ه و(مجلة الشرقية) التي تمثل بحق حالة فريدة بين المجلات النسائية فهي مجلة اصدرتها امرأة سعودية آمنت بالمرأة وضرورة ان يكون هناك صوت اعلامي يعبر عن قضاياها التي طالما عبرت عنها في كتاباتها وإبداعاتها التي كانت توقعها باسم (بنت الجزيرة) ولذلك عملت جاهدة على ان تصدر مجلتها معبرة عن كل نساء العرب وبالفعل صدر العد الاول من الشرقية في يناير سة 1974م بمدينة بيروت كمجلة نسائية سعودية شهرية تصدر عن الشركة الشرقية العالمية وصاحبتها ورئيسة تحريرها سميرة محمد خاشقجي رحمها الله وعن فلسفة المجلة والهدف من إصدارها قالت (سميرة خاشقجي) في افتتاحية العدد الاول: (يا رب امسك بيدها الصغيرة وهي تعبر مراحل الحياة اريد ان تعيش وتنمو وتكبر وتمسك بدورها الأيدي الصغيرة التي يحاول اصحابها ان يغيروا مراحل الحياة,, يا رب ان ابنتي الصغيرة لا تحمل مجرد اسمي إنها تحمل روحي ودمي واحلامي واهدافي وعصارة قلبي,, يا رب املأ شفتيها بالأخبار الحلوة العذبة التي تفرح الناس وتؤنس وحدتهم وتفعم قلوبهم بالمسرات لاتجعلها تثير هموم الناس ودموعهم بل ساعدها على ان تضيء شمعة وسط الظلام وترسم ضحكة على عين باكية, يارب علمها معنى الكبرياء فالكبرياء ليس العناد في الخطأ وإنما لا غنى عنه لانسان ضعيف يحمل الحق في يده والحق هو العدالة,, يارب احمها من غرور النجاح وعلمها ان النجاح هو عمل فريق ومجموعة والفشل هو العمل الفردي,, يارب لا تجعلها ببغاء تردد ما يقوله الناس بل اجعلها كروانا يردد للناس ألحان الحب ونغمات الامل,, يارب علمها معنى الجهاد والطموح والازدهار علمها نشر التسامح بين الناس وأقنعهم دائما بأن الانتقام سلاح الضعيف وان التسامح سلاح الأقوياء,, يارب علمها اختيار الكلمات التي تضمد جروح الناس والمشاعر التي تجفف دموعهم علمها كيف تجد دائما حلا لمشكلة مظلوم وأملا لقلب اعماه اليأس وحبا وحنانا وعطفا تقدمه لمحروم نسيته الايام في عجلتها,, يارب امسك بيد ابنتي مجلة (الشرقية) وفي سنة 1978م غيرت المجلة شعارها، فبعد ان كانت تطلق على نفسها (مجلة نسائية سعودية) اصبحت تقول انها (مجلة المرأة العربية) وقد اكدت الشرقية هذه الهوية بقولها: (الشرقية هي كلمة كل امرأة عربية على امتداد رقعة الوطن العربي الكبير من المحيط إلى الخليج,, ليست لامرأة معينة في بلد معين، وإنما هي لكل النساء في جميع الاقطار، ثم قال راشد عيسى اهتمت المجلات الصادرة في المملكة اهتماما جيدا بأدب المرأة وأولته عناية ملحوظة فقد خصصت مجلة (عالم الكتب) عدداً خاصا بالقصة السعودية كان من ضمن بحوثه (دراسات في أدب المرأة السعودية القصصي) للاستاذ نسيم الصمادي وخصصت (المجلة العربية) بابا شهريا تحت عنوان (دراسات في أدب المرأة السعودية) وأصل الكتابة فيه المؤلف راشد عيسى وأحيانا بتوقيع (راصد) وكذلك باب (بوح الكلمات) واهتمت كل من (الفيصل) و(المنهل) و(اقرأ) بنتاج الكاتبات وسعت في رعايتها ونشطت مجلة (اليمامة) نشاطا فائقا في استقطاب نخبة من الاديبات وابراز أدبهن وتسليط الاضواء عليه وكان للصحف المحلية دور مشهود في نشر اعمال الاديبات على مختلف اشكاله (قصة ومقالة وخاطرة وشعرا ولقاءات) وبحق ان نجم الكاتبة السعودية كان ينبثق اولا من الصحيفة ثم يتألق ويسطع في المجلة، نفخر حقا حينما حازت الدكتورة (ثريا عبيد) بمنصب رئيسة صندوق السكان في الامم المتحدة عام 1975م أي قبل 25 عاما كمسؤولة في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لدول غربي آسيا والتي تتعامل مع قضايا التنمية في الدول العربية وظلت تعمل في اللجنة وشغلت منصب نائب السكرتير التنفيذي فيها إلى ان التحقت بصندوق السكان عام 1998 وتبدأ مهامها في منصبها الجديد اعتباراً من الاول من كانون الثاني (يناير9 عام 2001م ومن هنا أصبحت السعودية الاولى في منصب رفيع في حكومة العالم للامم المتحدة، ثم تأتي درجة اخرى من اللواتي خلطت بين التمرس التربوي والنضج البحثي مما ساعد في متانة الكتابة والانتقاء فيها امثال الاميرة موضي بنت منصور بن عبدالعزيز آل سعود وهتون الفاسي ودلال الحربي وسعاد المانع ونورة الشملان وعزيزة المانع ومريم بغدادي وأسماء الخميس وعابدين خياط ونورة السعد ومي العيسى وسعاد إبراهيم صالح وفاطمة نصيف وسلوى الخطيب ونورة اليوسف وثرايا حافظ وحصة التويجري وفايزة اكبر وعائشة الحسيني ومصباح الكردي ونجلاء آل شيبي ولطيفة البسام وأميرة المداح وسهام الصويغ ونوال قاضي وفوزية مطر وآمنة عقاد ويمكن اضافة الكاتبة التربوية الادارية (هند الخثيلة) إلى هؤلاء لكونها من الرائدات واحدى نساء التعليم ماضيا وحاضرا وفي هذا الحيز الفذ الذي جمع بين الخبرة والجدية والرسوخ الفكري والتربوي نضع المربية التربوية الفاضلة فاطمة منديلي فهي حقيقة من نجائب المعلمات والاداريات السعوديات اللائي عملن بصمت حتى خرجت اجيالا بعد اجيال ومن الرائدات التربويات البارزات الاميرة الجوهرة بنت فهد ومنيرة العلولا وفادية الصالح ومضاوي الهطلاني، وفي الشعر برزت ثرايا قابل التي اشرفت على تحرير صفحة المرأة في جريدة البلاد حيث كان لها مقال دائم بعنوان (منبري) والشاعرة فوزية أبو خالد لها مفهوم جديد في الشعر وفي شعرها حمى لا هبة عنيفة تعيش قصائدها مرحلة ثورة ورفض تحاول من خلال التعبير عن حقيقة الفطرة في الذات القومية والوطنية بمعان غنية عميقة لا تستنفد بالشرح والتأويل ومريم بغدادي وصدر لها ديوان عن تهامة بعنوان (عواطف انسانية) وشعرها عمودي محافظ في نظامه الموسيقي تأملي وجداني وعزة فؤاد شاكر وشفيقة الجزار وهي مديرة لاحدى الجمعيات النسائية بالاضافة إلى نشاطاتها الاعلامية عن المرأة السعودية وفي جيل الخمسين توجد الشاعرة رقية ناظر التي تكتب الشعر المعبر عن واقع الحياة ومن جانب الشعر النبطي تصور قصائد الشاعرة (سلطانة السديري) الشوق الملحوم والفراق الحاسم والرجاء اللاهث والعتاب والحب والعزلة بفطرة متناهية وإذا ما قرأنا قصائد الشاعرة نلمس بأن الحب عندها دنيا غنية واسعة تتجلى بصورة الإبحار إلى اللانهاية والشاعرة الجوهرة العلي الملقبة بريم الصحراء تقترب اشعارها الشعبية من اللغة الفصحى متخذة اسلوب تهذيب العامية وتبسيط الفصحى كذلك برزت كل من الشاعرة نورة الهوشان ونورة الشبيلي وفتاة الوشم.
(تاريخ اللون واللوحة)
وعندما تنغمس الريشة باللون تبدأ بعدها رحلة المشاعر الصادقة فاللوحة التشكيلية تحاكي واقع المجتمع عبر ملامح تنحتها انامل فنانات سعوديات تمرسن وأصبحن الرداء الاخضر والطابع الحسي الروحي فأصبحت جمعية الثقافة والفنون التي تأسست عام 1392ه لتشمل الثقافة والفنون روحا ومعنى وأصبحت الفنانة تجسد لوحتها ببصمات عالقة واضحة من اصالة يحكيها الوطن واصبحنا نلاحظ تزايدا في انشاء المراسم الفنية للفنانات السعوديات في المملكة ومن الفنانات المتعارف عليهن دوليا الفنانة التشكيلية منيرة موصلي وصفية بن زقر وبدرية الناصر وبعد ذلك ظهرت الفنانة التشكيلية شادية عالم كذلك نشطت كل من الفنانة التشكيلية شريفة السديري واعتدال عطيوي والأميرة هلا بنت خالد والأميرة اضواء بنت يزيد وبرز العديد من الفنانات التشكيليات السعوديات.
إبداعات الطب إلى الألفية الثالثة
ولا تتوقف المرأة عند هذا الجانب بل هناك أخريات يبدعن في العلوم التطبيقية كالطب مثلاً إذ تزخر بوجود طبيبات بارعات ونابغات امتهن هذه المهنة المعقدة والخطيرة فبرزن فيها وتقدم بعضهن حتى على ابناء جنسهن في البلاد العريقة المتقدمة به فأصبحت الإشارة اليهن نافذة في الآفاق ومختلف الاقطار فبرزت الدكتورة سلوى الهزاع التي تخرجت في كلية الطب وكانت الأولى على دفعتها وأول طبيبة سعودية تتخصص في امراض الشبكية والوراثة واول امرأة عربية تعالج أمراض الشبكية الدقيقة بالليزر ونالت الزمالات السعودية، البريطانية والامريكية وقد ابتعثت من قبل مستشفى الملك خالد التخصصي الى مركز العيون في ولاية ميريلاند الامريكية فتخصصت في علم الوراثة وامراض الشبكية وبرزت أيضا الدكتورة هويدا عبيد القثامي وتعتبر المرأة الاولى والوحيدة في العالم العربي في جراحة القلب للاطفال والكبار مع التركيز على الاطفال وبرزت الدكتورة حياة سندي التي نالت اعجاب مشاهير العلماء وفي عام 1998م تلقت دعوة للمشاركة في مؤتمر غوردن لأبحاث المجسات الكيميائية للمرة الثانية قدمت خلاله ملصقا باسمها تحت عنوان (مواصفات مارس) وتم اختيارها عضوا في مجلس الباحثين المتفوقين كما حصلت على اعتراف قسم الفيزياء الفلكية بكانزبري وأصبحت عضوة في هيئة التدريس بكلية الطب في جامعة كمبريدج ومنحت لإنجازاتها ولكونها سعودية العضوية الفخرية بكلية المدرسين بجامعة كمبريدج وذلك لكونها صاحبة افضل اختراع وهو عبارة عن جهاز مجس يساعد في اكتشاف وفهم الأدوية وكيفية عملها في الجسم وهو يساهم في الكشف عن الحالات المبكرة للسرطان ويبين وجود الطعام والشراب وبواسطته يمكن الكشف عن نوع الغاز او التربة على أي كوكب في الكون وأسمته mar والدكتورة وفاء فقيه التي حصلت على الزمالة العربية عام 1989م وعملت استشارية نساء وولادة في مستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة ثم حققت الإنجاز العالمي الأول في التاريخ الطبي لعملها زراعة رحم لامرأة فقدت رحمها قبل ست سنوات، والبروفوسورة سميرة إسلام التي حصلت على جائزة اليونسكو العالمية المخصصة للمرأة التي تحقق انجازا علميا حول العالم من بين أكثر من اربعمائة سيدة تقدمن لنيلها حيث تعمل استاذة في علم الأدوية في كلية الطب والعلوم الطبية في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة كما تشغل وظيفة رئيس وحدة مراقبة الأدوية في مركز الملك فهد للبحوث الطبية التابع للجامعة ويميز الدكتورة سلوى والدكتورة هويدا والدكتورة حياة والدكتورة وفاء والبروفوسورة سميرة انهن ثروة وطنية تستحق الاشادة والاعتزاز لا يمكن تقديرها بثمن ومثل حي على التفوق العلمي للفتاة العربية السعودية بين نساء العالم.
المملكة عضواً في العالمية
بعد ما تزايدت في السنوات العشر الأخيرة وبشكل مكثف، اعداد الخريجات في مختلف المراحل التعليمية نتيجة لإتاحة فرص التعليم العام والتعليم العالي للمرأة السعودية في إطار اهتمام الدولة بتنمية الموارد البشرية، قدمت الغرفة التجارية الصناعية إدارة البحوث دراسة عن توظيف المرأة السعودية في القطاع الخاص وتستهل اتجاه الراغبات في العمل من هؤلاء الخريجات الى الالتحاق بالوظائف الشاغرة وتركزت في القطاع الحكومي الذي استوعب ما يقارب ثلثي اعدادهن حتى نهاية خطة التنمية الثالثة 1405/1410ه ومع استثمار أعداد الخريجات في التزايد وتضاؤل فرص ومجالات الوظائف الشاغرة لهن في القطاع الحكومي فان التوجه الآن هو صوب القطاع الخاص الذي نما خلال الخمس والعشرين سنة الماضية وتعددت أنشطته وحقق انجازات ملموسة على مستوى كل من الاقتصاد الوطني والقطاعات الاقتصادية الفرعية الانتاجية والخدمية، أهلته لثقة الدولة ليتولى الدور الرئيسي في تحقيق اهداف النمو الاقتصادي في الفترات الحالية والمقبلة ومن هذه الاهداف توظيف العمالة الوطنية وزيادة اسهام المرأة في سوق العمل، ولا يفوتنا هنا ان نتحدث عن الندوة الاقتصادية النسائية الاولى التي افتتحتها الأميرة حصة الشعلان في مكتبة الملك عبدالعزيز عن مساهمة المرأة في حفظ التنمية وتعزيز المشاركات في القطاع الخاص على اثر توظيف رؤوس الأموال النسائية على الاقتصاد الوطني وقدمت الأميرة علياء السديري ورقة عمل عن أهمية النهوض بدور المرأة بالقطاع الخاص وحيث إننا سمعنا عن ملتقى جمعية الاقتصاد السعودي استثمار الأموال النسائية ضرورة اقتصادية وفي إطار هذا الملتقى وما يحويه من مواضيع وتأكيدا لدور المرأة في الكيان الاقتصادي وتشجيعاً لرغبتها في الاستثمار اشارت الدكتورة نادية باعشن المشرفة على قسم إدارة الأعمال جامعة الملك عبدالعزيز ومستشار التدريب النسائي بالغرفة التجارية الصناعية بجدة,, حيث بدأت حديثها قائلة: كثر الحديث عن العولمة والاستراتيجيات التي ترأسها المملكة استعدادا لمواجهة القرن الحادي والعشرين بكل ما يحمله من تحديات سواء كانت على الصعيد الاقتصادي او الاجتماعي وكلاهما وجهان لعملة واحدة وعندما يتعمق المتخصصون في حديثهم عن العملة يتطرقون بطبيعة الحال الى ضرورة تدعيم القطاع التجاري والصناعي والزراعي وغيرها للنهوض بها في مواجهة القرن القادم خصوصاً وان المملكة بسبيلها الآن ان تصبح عضوا رسميا في منظمة التجارة العالمية والتي من أهم شروط عضويتها القدرة على المنافسة العالمية في جميع المجالات والقطاعات الاقتصادية.
المرأة التي جبلت العطاء
والى جانب ذلك نرى العمل التطوعي في الوقت الحاضر الدعامة الأساسية للمشاركة الأهلية التي تتطلبها الجهود التنموية الموجهة الى الإنسان خاصة, قال فيه الاستاذ عبدالله النعيم في إصداره التابع للمجلة العربية وحيث اسرد في حديثه عن العمل التطوعي على انه عمل لا يشكل ظاهرة جديدة طارئة على المجتمعات الإنسانية التي عرفته في فترة مبكرة ومن خلال ظروف الحياة اليومية البسيطة في الماضي، والتي أوجبت التكاتف والتكافل الاجتماعي الذي دعت إليه الاديان السماوية الثلاثة, ومن جهة اخرى فلقد ادت التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومتطلبات الحياة المعاصرة وما نتج عن ذلك من ضرورة تنظيم وتخطيط أساليب عمل جديد الى تحول العمل الاجتماعي التطوعي من صيغة الفردية التقليدية الى صيغة جماعية في شكل جمعيات ومؤسسات حديثة كما انه لابد من ان يؤدي هذا العمل الاجتماعي التطوعي الى تحوله لوظيفة لمجالات هذا العمل الإنساني حتى يتناسب واحتياجات خدمة المجتمع وتنميته وظروفه المستجدة, ان العمل التطوعي في المجال الاجتماعي نشأ بنشأة الإنسان فقد نشأ في كل مجتمع انساني وفي كل مكان نشأت فيه حضارة من الحضارات او ديانة من الديانات وقد تطور العمل الاجتماعي بتطور المجتمعات الإنسانية ولم يكن العمل التطوعي في المجال الاجتماعي قاصرا على الرجل، فقد شاركت المرأة السعودية الرجل في هذا المجال وقامت بدورها الفاعل في مجال النشاط الاجتماعي التطوعي، فالجمعيات النسائية هي أولى الجمعيات التي سجلت رسميا في المملكة وكان عددها آنذاك أربع جمعيات وقد بلغ عدد الجمعيات الآن 173 جمعية ومؤسسة ومنها جمعية البر وجمعية النهضة وجمعية الوفاء وجمعية الجنوب الخيرية وجمعية خدمة المجتمع وجمعيات رعاية المعاقين والمسنين وجمعيات نسائية تزيد على العشرين تعنى عناية خاصة بالأمومة والطفولة ورعاية الفتيات وتقدم الخدمات الصحية والثقافية والتربوية وغير ذلك من الخدمات ومن أبرز هذه الجمعيات:
1 مؤسسة الملك عبدالعزيز الخيرية.
2 مؤسسة الأمير سلطان الخيرية.
3 مركز الأمير سلمان الاجتماعي.
4 مكتبة الملك فهد الوطنية.
5 مؤسسة الملك فيصل الخيرية.
6 مؤسسة البراهيم الخيرية.
7 المؤسسة العالمية لمساعدة الطلبة العرب.
8 الجمعيات الخيرية الصالحية ومركز ابن صالح الثقافي.
9 جمعية رعاية الاطفال المعاقين ذوي الاحتياجات الخاصة ,وفي أحد اللقاءات التي اجرتها هداية درويش في مجلة اليمامة مع حرم خادم الحرمين الشريفين سمو الأميرة الجوهرة آل براهيم عن دور المرأة في مجال العمل الخيري والتطوعي في المملكة كيف تقيمه وهل قامت المرأة السعودية بالدور المطلوب منها في هذا المجال؟
أجابت سمو الأميرة الجوهرة: للمرأة السعودية دور مهم في العمل التطوعي وهذا ما نشاهده في الجمعيات الخيرية المنتشرة في مختلف مدن المملكة والتي شهد بحسن أدائها وفعاليتها كل من زارها وشاهد نشاطتها سواء من داخل المملكة او من خارجها ولقد قامت بالدور المطلوب منها على الوجه الاكمل وهو ليس جديدا على المرأة السعودية التي جبلت على العطاء .
وعن دور الجمعيات الخيرية في رفع مستوى البيئة ماديا ومعنويا قالت سلطانة السديري في اصدارها بين العقل والقلب منذ عشر سنوات وأنا عضوة في جمعية النهضة ومنذ خمس سنوات عضوة في جمعية الوفاء, وتقولها كلمة حق صادقة بلا أي تأثيرات خارجية ان العمل الصادق الهادف الذي تقوم به سيدات متطوعات لخدمة مجتمعهن ووطنهن قد بدأ يثمر بشكل ملموس وواضح، فقد رأينا ارتفاع الوعي في أحياء كثيرة وابتداء روح العمل في اللائي تساعد الجمعيات على تشغيلهن في مشاغل الخياطة والتدريس كما أن جمعية الوفاء تحتضن أسراً ليست لها عائل وفي دار الوفاء التي اصبح سكانها شبه أسرة واحدة ويقوم بالاشراف عليها سيدات فاضلات كما ان عندهن اخصائية اجتماعية وممرضة هذا ما عدا الموظفات في هذا الدار وهن يلاقين العناية الكاملة وهي تساهم مساهمة فعالة في توعية ونشر الثقافة.
لا تخافوا على نسائنا
ويأتي دور الإعلام والإعلاميين وبالذات دور الإذاعيات في هذا المجال، فقد كانت إذاعة جدة أول من ساهم في مشوار الخير والعطاء وبروز اسماء إذاعية نسائية منها فبرزت آنذاك أول مذيعة سعودية انطلق صوتها عبر برنامج المرأة سلوى الحجيلان وقدمت المذيعة اسماء زعزوع برامج الطفل وجهاد الأموي وعائشة حماد والمرحومة شيرين شحاته ونجاة حسن عواد، ويرتقي قلم الدكتور عمر الطيب الساسي في اصداره الموجز في تاريخ الأدب العربي السعودي حيث قال عن فاتنة أمين شاكر انها اول من قدم برنامج البيت السعيد وهي من اشهر الأديبات الأكاديميات وتعتبر من الشديدي الحماس للمرأة السعودية وكتاباتها تعبر عن فخر بمنجزاتها، كما كتبت في مقال لها بعنوان لا تخافوا على نسائنا قالت: انني اشعر بفخر غير قليل بالمرأة السعودية واعترافي هذا قد يكون بمثابة المفاجأة لمن يعرفونني، فهم يعرفون في حكمي القسوة على المرأة السعودية طالبة وزميلة وقسوتي في الحكم تنتج من حجم تطلعاتي وتوقعاتي منها انني اتوقع الكثير تجاه نفسها وتجاه مجتمعها لأنه قد ضاع علينا النساء وعلى مجتمعنا الكثير ونحن نرزح تحت وطأة الجهل بحقوقنا وإمكاناتنا الفكرية والنفسية وبالرغم من احساسي بأنه ما زال أمام المرأة السعودية شوط كبير لاعتلاء قمة الجدية والإحساس بالمسؤولية الوطنية سواء كان ذلك في دورها داخل نطاق اسرتها او خارجه في نطاق مجتمعها الكبير إلا انني اشعر بالاعتزاز لما استطاعت ان تحققه آخذة في الاعتبار حدود الإمكانات المادية والمعنوية المتاحة لها ، ومع بداية عمل المرأة المستمر تأتي درجة من الإذاعيات اللواتي شهدت لهن مسيرتهن الإذاعية دورهن الرائد في هذا المجال المسموع المكثف لبرامج الطفل الموجه المطورة من قبل مذيعات تمرست اصواتهن الإذاعية لأذن المستمع فبرزت المذيعة مريم الغامدي ودلال عزيز ضياء،وهند علي الشيخ وليلى علي الشيخ وعائشة فرحان ونجوى مؤمنة وعزة شاكر ومنى فؤاد شاكر وجواهر بنا، وبعدما لوحظ ازدياد نسبة كمية المستمعين كانت فكرة انشاء وتطور فروع للإذاعة السعودية ليس من جدة فقط بل بدأت إذاعة الرياض بإنشاء هيكل إذاعي آخر لاستكمال المسيرة الإذاعية فظهرت كل من سلوى شاكر ونوال بخش وهداية درويش ودنيا بكر يونس ووفاء بكر يونس وهانية الخالدي وزكية الحجي وفاطمة العنزي وسارة القريني وغادة محمد وباسمة محمد, ثم برز في السنوات العشر من إذاعة جدة المذيعة نجوى غرباوي وسلوى خميس ونادية حسن وخديجة الوعل وصباح الدباغ وعالية مشيخ وليلى محمد، بعد ذلك تبدع في الافلام الوثائقية التي تتميز من خلالها بتوظيف أناملها لأبعاد دقيقة جداً هدفها استقطاب العديد من المشاهدين المخرجة هيام الكيلاني التي تعتبر أول مخرجة سعودية اكاديمية والمخرجة نجاح ابا الخيل.
لازلنا نعيش المئوية والثقافية
وشاركت المرأة السعودية في المؤتمر المئوي الذي اقيم في شهر شوال بمناسبة الذكرى المئوية للمملكة بتقديم صور رائعة لحياة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وما وصلت اليه هذه الدولة من نماء, كذلك تزامنت المناسبة مع مهرجان الجنادرية الذي يعتبر ظاهرة تراثية ثقافية وحضارية ليتعانق فيها القديم والحديث من اروع التظاهرات التي تفخر بها المملكة في جميع المستويات الثقافية والعلمية والأدبية والإعلامية وفي ذلك واصلت الإنجاز المنشود في الأوبريت أقبل الخير الاسطوة الشعرية المسرحية الرائعة، ويأتي بعد ذلك رياض الثقافة, فالى ماذا تعود فكرة العواصم الثقافية كما جاء في الدليل العام لرياض الثقافة الذي تقدمه اللجنة العليا لبرامج الأمانة العامة على ان المؤتمر الذي عقد بالمكسيك تحت مظلة الأمم المتحدة عام 1982م حول السياسات الثقافية، انطلاقا من فكرة رئيسة تستند الى ان الثقافة عنصر أساسي في حياة كل فرد وكل مجتمع وان التنمية تنطوي على بُعد ثقافي جوهري ما دامت تستهدف في غاياتها خير الإنسان، وفي الإعلان الختامي لهذا المؤتمر، تبنى المشاركون فيه استراتيجية للسياسات الثقافية في إطار ما اطلق عليه عقد عالمي للتنمية الثقافية يكون بمثابة العقد الاخلاقي والاجتماعي الذي سوف يمكن الاسرة الدولية من شق طريق المستقبل في عالم ستحول فيه التكنولوجيا الرقمية ظروف العيش بأكملها، وكان للمرأة في الرياض عاصمة الثقافة العربية لعام 2000م الاحتفال بهذه المناسبة دور فعال فلم تقتصر فقط على الندوات والأمسيات، بل ساهمت في كل عطاءات المجتمع المتميزة منها المحلية والعربية في كل من الوزارات والهيئات الحكومية وغير الحكومية والجهات الأخرى والأفراد في تقديم برامج تم تنفيذها وأخرى لا تزال تحت التنفيذ، وفي أحد اللقاءات التي اجرتها هداية درويش في مجلة اليمامة مع المستشرقة الايطالية بروفوسورة ايزابيلا كاميرا دافليتو حول ما الذي يثير اهتمامها في أدب المرأة بشكل خاص؟
اجابت: لان صورة المرأة عند الغرب صورة سلبية للغاية، لذا اريد من خلال ترجمتي للأدب النسائي في المنطقة العربية أن اعرض ابداعات المرأة لأساعد على تغيير هذه الصورة التي سبق وقالت إنها نمطية وقد تكون ظالمة خاصة بعد ان لمست بنفسي ما وصلت اليه المرأة هنا من علم وثقافة ، فهذه المرأة عملت وواصلت عطاءاتها رغم ما كانت تتعرض له وأصبحت عضوا رسميا فاعلا لا غنى عنه في المجتمع السعودي وفي كل المجتمعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.