أروى الشيخي - مكةالمكرمة تحكي تفاصيل العمارة في المدينةالمنورة قصة إرث عمراني عريق يعكس هوية المملكة الثقافية واعتزازها بماضيها العريق، حيث تتجلى على جدران المنازل القديمة ونوافذها ملامح فن العمارة السعودية، التي تمزج بين جماليات الماضي وروح الحاضر. وتُعد الرواشين من أبرز السمات المعمارية التقليدية التي تميزت بها مباني المدينة، سواء القديمة أو الحديثة. وهي نوافذ خشبية بارزة تُستخدم لتغطية الفتحات الخارجية، وتُضفي على الواجهات لمسة فنية فريدة، إلى جانب وظيفتها العملية في تهوية المنازل وتلطيف أجوائها، بفضل تصميمها الذكي الذي يسمح بدخول الهواء دون التأثير على خصوصية المنزل. ويعود استخدام الرواشين إلى القرن السادس الهجري، حيث كانت تُشكّل عنصرًا أساسيًا في البناء، ويُصمم كل منها وفقًا لمتطلبات البيئة والمناخ. وتنقسم الرواشين إلى ثلاثة أنواع رئيسية:روشان مسمّط: يُغطّي واجهة المنزل من الأعلى حتى الأساس، ويتميز بإطارات تحوي نوافذ مستطيلة أو قوسية الشكل مزينة بمصبعات حديدية منقوشة، دون وجود زخارف بارزة. روشان بارز: يُستخدم غالبًا فوق مداخل المنازل، ويضم نقوشًا وزخارف هندسية معقدة، تظهر على شكل وحدات خشبية عمودية أو أفقية، يعلوها أحيانًا تاج أو مظلة مفرغة. روشان بشرفة: يمتد إلى الخارج ليشكل ما يشبه "البلكونة"، ويأتي بتصاميم وأحجام مختلفة، تتضمن أحيانًا مظلات مائلة أو مستوية، ويُعد أكثر تميزًا من حيث التنوع والشكل. وتتميّز الرواشين بوظائف متعددة؛ فهي تسمح بدخول الضوء، وتعمل كوسيلة تهوية طبيعية، وتمتد أحيانًا إلى خارج الغرفة لتشكّل صلة بين الداخل والخارج، وتساعد على التحكم في الإضاءة والرؤية وتدفق الهواء. وغالبًا ما ترافقها "الدكة"، وهي مقاعد حجرية منخفضة يفضلها كبار السن للجلوس أمام المنازل، وتُعد جزءًا من المشهد العمراني التقليدي. أما الألوان، فتتراوح بين درجات البني والأخضر واللون الخشبي الطبيعي، وتُظهر الرواشين مهارة النجارين في التفاصيل الدقيقة، من المشغولات الخشبية المتشابكة إلى الستائر الشبكية الصغيرة التي تغطي النوافذ. ومن أبرز مكونات الرواشين "المشربيات"، وهي الأجزاء البارزة التي تُستخدم لتبريد الهواء داخل المنازل، من خلال وضع جرار فخارية مملوءة بالماء، تعمل على ترطيب الهواء الداخل بفضل خاصية التبخر، ما يُظهر الذكاء البيئي في العمارة الإسلامية التقليدية. يُشار إلى أن الطراز العمراني السعودي يضم 19 نمطًا مختلفًا، يعكس كل منها الطبيعة الجغرافية والثقافية لمناطق المملكة، جامعًا بين الأصالة والحداثة، بما يسهم في تعزيز جودة الحياة وجاذبية المدن، ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تُعنى بالحفاظ على الهوية المعمارية وتعزيزها في الحاضر والمستقبل.