اكتشاف نادر لشجرة «السرح» في محمية الملك عبدالعزيز    أرسنال يكتسح أتلتيكو مدريد برباعية في دوري أبطال أوروبا    الهلال يهزم السد بثلاثية تاريخية ويتربع على قمة «نخبة آسيا»    برعاية سمو وزير الثقافة.. منتدى الأفلام السعودي الثالث ينطلق اليوم    مسجد الغمامة.. عراقة العمارة والإرث    إصابة ياسين بونو أمام السد.. واللاعب يعتذر    الشباب يخسر أمام تضامن حضر موت بثنائية في دوري أبطال الخليج للأندية    الرياض يصحح الأخطاء    446 جهة وشركة من 34 دولة يشاركون في المعرض الزراعي السعودي 2025    روسيا تضرب شبكة الطاقة الأوكرانية وأوروبا تتحرك لإجبار بوتين على السلام    «عملية نقل الأتربة» إضافة جديدة لجرائم بشار الأسد    إيران تلغي اتفاق التعاون مع الوكالة الدولية    واشنطن تضغط لإطلاق المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة    سالم الدوسري تألق يتجدد ونجومية مستحقة    نجل كريستيانو رونالدو ينضم لمنتخب البرتغال تحت 16 عامًا    تعليم الطائف يطلق جائزة سمو محافظ الطائف " ملهم" للتميّز التعليمي في دورتها الثانية    الالتزام البيئي يطلق غدا التمرين التعبوي في سواحل المنطقة الشرقية    ختام المشاركة السعودية في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب    إعادة إعمار غزة.. من المسؤول؟    العنزي مديرا للإعلام والاتصال    نائب أمير منطقة مكة يستقبل معالي وزير الحج والعمرة    بين الغرور والغطرسة    اللواء المربع يدشن (4) خدمات إلكترونية للأحوال المدنية عبر منصة أبشر    القبض على 12 مخالفاً لتهريبهم (198) كجم "قات" بجازان    سابقة في فرنسا.. ساركوزي يدخل السجن    خام برنت يتراجع إلى 60.71 دولار للبرميل    وزير الخارجية ونظيره الهولندي يبحثان العلاقات الثنائية    أسواق العثيم تحصد جائزة المسؤولية الاجتماعية 2025 عن فئة الشركات العملاقة    ROX تطلق سيارتها الرائدة الجديدة ADAMAS SUV من أبوظبي    نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    السعودية تؤكد دعمها الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الأمن والسلم    "دله الصحية" شريك تأسيسي في معرض الصحة العالمي 2025 و"عيادات دله" ترعى الحدث طبيّاً    العلا.. وجهة عشاق الطبيعة والفن والتاريخ    أمير القصيم يبارك للدكتور الحربي اختياره ضمن اقوى قادة الرعاية الصحية في الشرق الأوسط لعام 2025م    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (11545) نقطة    ملتقى سعودي مجري لتعزيز الشراكة الاستثمارية في الرياض    وفد غرفة جازان يفتح قنوات صناعية مع كبرى شركات الإضاءة والطاقة في الصين    بيع شاهين فرخ ب 120 ألف ريال في مزاد نادي الصقور السعودي 2025    نائب أمير الشرقية يطّلع على إنجازات وبرامج جامعة الأمير محمد بن فهد    محافظ بيش يستقبل شيخ شمل السادة الخلاوية والشابين المبدعين الشعفي    جمعية التطوع تطلق مركز (مفاز للإعلام الاجتماعي)    سعد سفر آل زميع للمرتبة الخامسة عشر    التدريبات الرياضية هي أفضل علاج لأوجاع التهاب مفاصل الركبة    صانع المحتوى وردة الفعل    تستهدف تصحيح أوضاع العاملين في هذه الأنشطة.. إطلاق اشتراطات أنشطة المياه غير الشبكية    بجانب 20 موظفاً أممياً.. الحوثيون يحتجزون ممثل اليونيسف في صنعاء    استقبل وزير الحج والعمرة.. نائب أمير مكة: العمل التكاملي يعزز جودة خدمات ضيوف الرحمن    نائب ترمب: وقف إطلاق النار أمام تحديات كبيرة    استقبل الفائز بالمركز الأول بمسابقة تلاوة القرآن بكازاخستان.. آل الشيخ: دعم القيادة لحفظة كتاب الله يحقق الإنجازات    تسجيل 184 موقعاً أثرياً جديداً في السعودية    المساعدة القهرية    متلازمة المبيض متعدد الكييسات (2)    علماء يطورون ذكاء اصطناعياً لتشخيص ورم الدماغ    الوقت في المدن الكبرى: السباق مع الزمن    أمير القصيم يدشن مشروعي "التاريخ الشفوي" و"تاريخنا قصة"    خطر بطاريات ألعاب الأطفال    نائب أمير مكة يترأس اجتماع محافظي المنطقة لمتابعة مشاريع التنمية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي, المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن .
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ), وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباَ كما بدأ، فطوبى للغرباء )، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: «الذين يَصلُحون إذا فسد الناس» وفي رواية أخرى، قيل: ومن الغرباء يا رسول الله قال // ناس صالحون قليل في ناسِ سوء كثير، ومن يعصيهم أكثرُ ممن يطيعهم //, وقد تحقق ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم تحققا بينا لا خفاء فيه؛ فقد بدأ الإسلام غريبا ثم ظهر وعلا وعز أهله ودخل الناس في دين الله أفواجا، ثم عادت غربته مرة أخرى واشتدت وتجلت مظاهرها بوضوح .
وأوضح أن هذه الغربة ازدادت شيئاً فشيئاً بسبب دخول فتنة الشبهات والشهوات على الناس، حتى استحكمت مكيدةُ الشيطان وأطاعه أكثر الخلق فعظمت الفتن والابتلاءات وتغيرت الأحوال والتبست الأمور، ولكن مع هذا فطريق الخلاص وسبيل النجاة من الفتن معلوم .
وبين الشيخ غزاوي, أن هناك حكمةً عظيمةً لابتلاء المؤمنين بالغربة ألا وهي تمييز الخبيث من الطيب ومعرفة الصادق من الكاذب وتبيين المؤمن من المنافق، وبذلك يتساقط الأدعياء وأهل الباطل ويثبت أهل الحق، مستشهدا بقوله تعلى / مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ / , وقال : ذلك أن الغرباء حياتُهم طيبة وهم كرماء على الله ينالون تلك البشارة العظيمة التي بشر بها النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بقوله: (فطوبى للغرباء) فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "ولا يقتضي هذا أنه إذا صار غريبا أي الإسلام أن المتمسك به يكون في شر، بل هو أسعد الناس؛ كما قال في تمام الحديث: (فطوبى للغرباء) وطوبى من الطيب؛ قال تعالى : (طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنَ مَآبٍ) فإنه يكون من جنس السابقين الأولين الذين اتبعوه لما كان غريبًا وهم أسعد الناس".
ولفت إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أنه عندما يقل الناصر ويعز المعين، يأتي دور الغرباءِ المصلحين الذين يقومون بأمر الله ولا يجدون مؤيدا ولا ظهيرا من الناس بل صدودا ومعاداة ، فإنهم والحالة هذه يعظم أجرهم وترتفع عند الله منزلتهم وأن لهؤلاء الغرباء صفات خاصة تدل على تميزهم وخيريتهم وثباتهم على مبدئهم وعلو همتهم وقوة إرادتهم فمن صفاتهم التي تستفاد من الأحاديث الواردة في الغربة تمسكهم بالسنة عند رغبة الناس عنها وزهدهم فيها ، وفي المقابل ترْكُ ما أحدثه الناس من محدثات، وهؤلاء هم القابضون على الجمر حقاً فلغربتهم بيْن الخلق يعُدُّونهم أهلَ شذوذ وبدعة لكن يكفيهم شرفا تمسكهُم بدين الله وثباتُهم ومضاعفة أجرهم .
وبين فضيلته, أن من صفاتهم التي صرحت بها الأحاديث أنهم يُصلحون أنفسهم عند فساد الناس، ويَلزمون الحقَّ ويعَضُّون عليه بالنواجذ، ويستقيمون على طاعة الله ودينه، كما أنهم كذلك يُصلحون ما أفسد الناس من السنة والدين وينهون عن الفساد في الأرض، وهي صفة الغرباء في كل زمان ومكان، ولا يمنعهم عدم قبول الناس للحق من القيام بدورهم قال أويس القرَني رحمه الله / إن قيام المؤمن بأمر الله لم يبق له صديقاً، والله إنا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيتخذونا أعداءً ، ويجدون على ذلك من الفساق أعواناً، حتى والله لقد رموني بالعظائم، وايم الله لا يمنعني ذلك أن أقوم لله بالحق /.
وأوضح الشيخ غزاوي أن أوصاف الغرباء المذكورة في الأحاديث تدلُّنا على أنهم ليسوا أناسا صالحين فحسب بل هم مصلحون أهل بصيرة وغَيْرة ودعوة وإصلاح، وليسوا ممن عاش لنفسه واهتم بخاصته وانعزل عن مخالطة الناس بسبب ما أصابه من اليأس والقنوط والاستسلام للواقع بل هم من الخيرة الذين امتدحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يتحمل أذاهم ), مشيرا إلى أنهم يدعون إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى ويتضح من أحاديث الغربة أنه ينبغي لأهل الحق عند غربة الإسلام أن يقوموا بدورهم في الإصلاح ويزدادوا نشاطا في بيان أحكام الإسلام والدعوة إليه ونشر الفضائل ومحاربة الرذائل والدفاع عن السنة والتحذير من البدع والمحدثات وأن يشمروا عن ساعد الجد وأن يستقيموا على الدعوة ويصبروا عليها يرجون ما عند الله من المثوبة ، وعليهم أن يستقيموا في أنفسهم على ذلك حتى يكونوا من الصالحين عند فساد الناس ومن المصلحين لما أفسد الناس لما سألت زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟ ) قَالَ: ( نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ ) فالمانع والحائل من نزول العذاب وحلول الهلاك هو الإصلاح لا مجرد الصلاح ، فيجب أن يكون الإنسان صالحا في نفسه مصلحا لغيره .
// يتبع //
15:09ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى
وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام, أن الأمة لا تزال بخير ولله الحمد، وإن تغيرت الأحوال وكثر الاختلاف فهناك من هو على الجادة يعمل على نصرة الإسلام ويضحي بالغالي والرخيص من أجل إعلاء كلمة الله، وشعاره ( من للإسلام إن لم أكن أنا ) وهو لا ينتظر أن يتحرك غيره لنصرة الدين حتى يتحرك هو، ولا أن يَطلبَ منه أحد أن يقدم لأمته ودعوته، بل هو مبادر يعد نفسه هو المؤتمن على دين الله والمسؤول عن إصلاح المجتمع ورد الناس إلى ما كانوا عليه من الهدى ودين الحق
وقال فضليته : إن مما يفهمه أكثر الناس عند سماع أحاديث الغربة وأحاديث الفتن وتغير الأحوال كحديث (ما من عام إلا والذي بعده شر منه ) وحديث (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ) يفهمون من ذلك أن هذا مسوغ لاستمرار الأمة في ضعفها وذلتها وهوانها وبقاء أهلها على الخنوع والانهزامية والانكسار والإحباط وغاب عنهم أو نسوا أن هناك أحاديثَ أخرى تدل على عزة الأمة ودورهِا الرائد ومستقبلِها الباهر كما في قوله صلى الله عليه وسلم ( مثَلُ أمتي مثَلُ المطر لا يُدرى أوله خير أم آخره ) .
وأكد فضيلته: أن ما يصيب الأمة من أزمات وضعف ونكبات، وما يمر بها من محن وهزائمَ وابتلاءات ما هو إلا تذكير وتنبيه لها لتُفيق من رقدتها وتستيقظَ النفوسُ من سباتها وغفلتها، لأن هذه الأمة المباركة قد تمرض وقد تضعف وتتردى أوضاعها وتعصف بها الفتن وتشتد أزمتها، كما هو الحال في الأزمنة المتأخرة، لكنها بالرغم من ذلك كله لا تموت ولا تبيد، بل تظل كما وصفها الله (خيرأمة أخرجت للناس) فهي الأنفع والأصلح لأمم الأرض لأنها تحمل رسالة عالمية ، تفيد كل الناس، مهما كانوا، وأينما كانوا، ومقدار أفضليتها مرتبط بمقدار نفعها لغيرها ولقد أحاط أعداء هذه الأمة برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين في المدينة، إحاطة السوار بالمعصم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه يحفر الخندق، ويعدهم بكنوز فارسَ والروم، فتشربت النفوس المؤمنة هذه البشائر، وتفاءلت رغم تفاقم الأزمة ، ومع تلك الشدة والضيق فقد تحقق وعد الله ( ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا، وكفى الله المؤمنين القتال ) .
وقال : استمرت هذه الأمة المرحومة في مسيرتها تتجاوز العقبات، وتحققت لها بفضل الله تلك الأمجادُ والفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من خلفاء بني أمية وبني العباس، حتى جاءت الكارثة المغولية، وما حدث من رزية في بغداد كانت من أعظم ما حل بالمسلمين من المذابح والنكبات في تأريخهم، حتى جرت أزقة بغداد بأنهار الدم وحتى اختلف العلماء في عدد القتلى حيث أوصله بعضهم إلى ثمانمائة ألف، فأصاب الناس الإحباط ، ورأوا أن راية التوحيد قد نُكست وشوكة الإسلام قد انكسرت، وحتى قيل إن العالم الإسلامي لن تقوم له قائمة بعد ذلك ولكنها سنوات يسيرة جدا وينبض قلبُ الأمة الحي، وتتحرك روحُها الدافقة، وتنهض عزيمتُها الصادقة، فيتحول الضعف إلى قوة ، والذلة إلى عزة، لتَكسر شوكة التتار الوثنيين ويبطل الاعتقاد الذي كان سائدا بأن جيش التتار لا يهزم ، وينحصر المد التتري، ويقضى على أكابر مجرميه، ويدخل أهل بلاد التتار في دين الله أفواجا.
وأضاف فضليته : وبعدها بسنوات عادت الحملات الصليبية، واحتلت بيت المقدس، ودمرت وقتلت في بلاد الشام خلقا لا يحصيهم إلا الله تبارك وتعالى، ولكن بعد سنوات أيضا هيأ الله بفضله القائد صلاحَ الدين الأيوبي فعادت الأمور إلى نصابها وحفظت مقدسات المسلمين واندحر العدو الأثيم ومما يثبته التاريخ أنه جاءت فترات ركود وجمود في العالم أعقبتها أزمنة حركة وتجديد وازدهار بظهور الأئمة المجددين والعلماء المصلحين.
وأبان الشيخ غزاوي أن من المتقرر عند أهل الإسلام أن الله قد تكفل بحفظ دينه وظهوره حتى تبقى حجته قائمة على العباد، قال الله تعالى: ( إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنا لَهُ لَحَافِظُونَ)، وقال سبحانه: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)، وهذا الظهور ليس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فحسب بل في كل الأزمان وهذا كله دليل واضح على أن الدين محفوظ مهما اندرست معالم الحق وانمحت رسوم السنة وأن الغربة قد تقع ثم تزول ويعود الدين إلى قوة ونشاط وانتشار ووظيفة هذه النصوص وأمثالِها إشاعة الأمل في النفوس وزرع بذور التفاؤل في الأرواح التي آلمها ماحل بالمسلمين من المصائب وخيم عليها اليأس والقنوط، وهي بشائر أيضا تثبت اليقين في القلوب وتستحث الهمم من أجل مزيد من العمل للدين .
وشدد فضيلته على أن ما شهده التأريخ منذ بزوغ فجر هذا الدين العظيم من مؤامرات للقضاء عليه أمر لم يتعرض له أي دين آخر وأي ملة أخرى من محاولات الاجتثاث والإقصاء والتشويه، ومع ذلك نرى هذا الدين - بفضل الله -لا يزداد إلا انتشارا وقبولا لأنه هو دين الفطرة الذي ارتضاه الله للناس وأنه مهما سعى أعداء الإسلام جاهدين في محاربته، وطمس معالمه، والصد عن سبيله وأذية أهله ، فلن يقف دوره ، وسوف يظهر نوره، ويمتد أثره، ويبقى ما بقي الليل والنهار وهذا ما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم بقوله: ( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو ذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر) .
وأوصى إمام وخطيب المسجد الحرام, دعاة الحق ببذل المزيد من الجهود في سبيل إصلاح مجتمعاتهم والدعوة إلى الحق وتبصير الناس بدينهم بالحكمة والموعظة الحسنة, كما أوصى المصلحين والمربين بالحرص على النشء وتعليمهم عقائد التوحيد الصحيحة ومنهجه السليم وتحذيرهم من الاعتقادات الباطلة والتصورات المنحرفة والمناهج الزائغة والأفكار الضالة والدعوة إلى فضائل الإسلام والتحذير من الرذائل والآثام .
// يتبع //
15:09ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي/ إضافة ثانية واخيرة
وفي المدينة المنورة, أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ المسلمين بتقوى الله تعالى .
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم : إن المتبصر في حال بعض اليوم يجد فيهم ركون إلى الدنيا وأن الهوى في نيل الدنيا والسعي لها فلا هم لهم إلا هذه الدنيا, مشيرا إلى أن هؤلاء يرضون ويسخطون للدنيا إذا أعطوا رضو وإذا منعوا سخطوا مستشهداً بقول ابن المبارك وَمِن البَلاءِ وَللَبلاءِ عَلاَمة ٌ أنْ لا يرَى لك عنْ هواكَ نزوعُ .
وأوضح أن المؤمن الموفق يغلب آخرته على دنياه والسير في الحياة على ضوء ما رسمه له الله تعالى قال جل من قائل ((وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ? )) .
وبين فضيلته أن المؤمن يأخذ بالأسباب ويبذل وسعه في تحصيل الرزق الحلال ويعمر الأرض بما يرضي الله قال تعالى (( وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )) قال ابن كثير أن هذه الآية جمعت كل خير في الدنيا وصرفت كل شر .
وأكد أن من جعل همه الأكبر الآخرة، والعمل لها كفاه الله هم الدنيا، ومن استولت الدنيا على قلبه وجعلها همّه عاش عبداً أسيراً، مفرق الهم، مشتت البال، لا يقنع بكثير، ولا يسعد بيسير، قال صلى الله عليه وسلم : (مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلا مَا قُدِّرَ لَهُ ).
ولفت إلى أن المسلم شعاره في هذه الدنيا قوله تعالى : (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ ) فالمسلم يتخذ من حياته مزرعة لآخرته، لا يغلب عليها دنيا، ولا يقدم عليها شهوة ولا هوى استجابة لقوله تعالى : (قلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ) .
ونبه فضيلته المسلم من الاغترار بهذه الدنيا وأن يكون على وقاية من الغفلة والشهوة والهوى، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) .
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف أن من ألهته دنياه عن آخرته، واتبع شهوته ولو خالفت شرع ربه وقع في الخسارة الكبرى، وانتكس في الشقاوة العظمى قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) .
وقال فضيلته : إن في هذا الزمن تمكنت مغريات الدنيا في قلوب الناس، واشرأبت لملذاتها وشهواتها نفوس جمع من المسلمين، فالواجب في هذا الحال أن يقف المسلم وقفة محاسبة ويتأمل الحقائق ويتصبر العواقب قال تعالى : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا )، وفي الحديث : ( مَالِي وَلِلدُّنْيَا ، إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رَاكِبٍ سار في يَوْمٍ صَائِفٍ ، فاستضل تحت شَجَرَةٍ ساعة ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا ).
وأشار إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف إلى الوصية النبوية , كما جاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي فَقَالَ كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ لموتك ) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.