أمير جازان يعزي في وفاة معافا    16 سؤالا حول انتهاء مهلة التوصيلات غير النظامية    أوروبا تسعى للتأثير على موقف ترمب قبل قمته مع بوتين    مجزرة جديدة في دارفور ..القوات تهاجم مخيم أبوشوك وتقتل 40 نازحا    العالمي يكسر القاعدة برهان العجوز    القادسية يواصل مفاوضات العمري    العربي والأهلي يقصان شريط كأس الملك    بيسوما يغيب عن توتنهام أمام باريس سان جيرمان    استثناء 4 مدن ومحافظات من عودة الإداريين للمدارس    سفير صربيا يزور المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    فيصل بن فرحان يتلقى اتصالًا هاتفيًّا من وزير خارجية الأردن    3 أبطال جدد وإنجازات تاريخية مع ختام الأسبوع الخامس من كأس العالم للرياضات الإلكترونية    إحباط تهريب 36,600 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    برعاية الملك... الرياض تستضيف النسخة الخامسة من مؤتمر التعدين الدولي    «الغذاء والدواء» تعتمد تسجيل دواء «الريکسيفيو» لعلاج الورم النقوي المتعدد    "ابتسم" تُجري أربع عمليات أسنان لأطفال خلال 24 ساعة    "فلكية جدة": تساقط شهب البرشاويات 2025 بدءًا من اليوم    أمير تبوك يواسي أسرة الغيثي في وفاة فقيدها    التطور الرقمي في المملكة : تحقيق النمو المستقبلي يتطلب بناء شبكات آمنة وجاهزة للذكاء الاصطناعي    استثناء ذوي الإعاقة من رسوم دخول معارض هيئة المتاحف    تجمع الرياض الصحي الأول يطلق حملة توعوية للتعريف بخدمة "العيادات عن بُعد"    وكيل إمارة جازان يلتقي "محافظي" المنطقة    نائب أمير الرياض يرعى ورشة العمل التطويرية لجائزة الرياض للتميز    نائب أمير القصيم يطلع على جهود الجمعية الأهلية بعنيزة    برنامج تعاون بين "كاوست" والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد قوة أمن المنشآت أمير الفوج التاسع    سوق الأسهم السعودية يغلق متراجعا ب 21 نقطة    أمير الشرقية يستقبل منسوبي هيئة الأوقاف ورئيس اللجنة الوطنية وقائد قوة أمن المنشآت    "كرنفال التمور" في بريدة يوفّر فرصًا ريادية ويعزز حضور الشباب في القطاع الزراعي    مساعد الوزير للخدمات المشتركة يرعى إطلاق النسخة الأولى من جائزة التنمية الشبابية    سيرة من ذاكرة جازان.. الفريق ركن عمر حمزي رحمه الله    مفردات من قلب الجنوب 10    تعرف على دوكوري لاعب نيوم الجديد    مجلس الوزراء: تعديل بعض مواد تنظيم الهيئة السعودية للمحامين    مدير الشؤون الإسلامية في جازان يناقش شؤون المساجد والجوامع ويطلع على أعمال مؤسسات الصيانة    خيط الحكمة الذهبي: شعرة معاوية التي لا تنقطع    شركة "البحري" السعودية تنفي نقل شحنات أسلحة إلى إسرائيل    الإدارة الروحية لمسلمي روسيا تحدد شروط تعدد الزوجات    محافظ الطائف يستقبل المدير التنفيذي للجنة "تراحم" بمنطقة مكة المكرمة    امطار خفيفة الى متوسطة وغزيرة في عدة مناطق بالمملكة    وزير لبناني حليف لحزب الله: أولويتنا حصر السلاح بيد الدولة    عشرات القتلى بينهم صحافيون.. مجازر إسرائيلية جديدة في غزة    افتتاح معرض الرياض للكتاب أكتوبر المقبل    «ترحال» يجمع المواهب السعودية والعالمية    «الزرفة» السعودي يتصدر شباك التذاكر    الشعب السعودي.. تلاحم لا يهزم    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير الصومال    السنة التأهيلية.. فرصة قبول متاحة    مباهاة    المفتي يستعرض أعمال «الصاعقة» في إدارة الأزمات    موجز    تعزيز الأمن الغذائي وسلاسل الإمداد للمملكة.. "سالك".. 13 استثماراً إستراتيجياً في قارات العالم    السعودية ترحب بالإجماع الدولي على حل الدولتين.. أستراليا تعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين    حقنة خلايا مناعية تعالج «الأمراض المستعصية»    الحكومة اليمنية تمنع التعاملات والعقود التجارية والمالية بالعملة الأجنبية    ثقب أسود هائل يدهش العلماء    أخطاء تحول الشاي إلى سم    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر البلوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماتطيح السقيفة إلا على الضعيفة
نشر في شرق يوم 16 - 01 - 2013

نعمة عجوز السبعين بلغت من العمر أرذله ليس لها عائل أو أهل وأقارب وليس لها أحد مقطوعة من شجرة . ولاتملك من حطام الدنيا أي شيء سوى غنماتها ودجاجاتها التي تقتات منها الفتات وهي تصارع الحر الشديد والبرد القارس مع مرض الربو الذي يخنق أنفاسها وعوز الحاجة وسعير الفقر الكافر الذي انهك جسدها ،،
نعمة ياجماعة تعيش في العراء وحيدة اتخذت لها بيتا من صفيح الزنك لكي يقيها ويكنها حر الصيف وبرد الشتاء ومطر الخريف وخوف الليل وتلصص عيون المتطفلين فهي لاتعرف الكهرباء ولا الهاتف ولا الجوال ولا الانترنت والفيس بوك ولا التويتر في عصر العولمة والتقنية الحديثة في القرن الواحد والعشرين .
تعيش مع ضوء القمر وتنام على نباح الكلاب وتصحو على صوت الطيور ولهيب الشمس ، هل أحد يصدق هذا ؟.
وهي في ذلك المكان المنزو البعيد عن الانظار ،
اتخذت نعمة من هذا المكان الخالي جزءا لها وأصبحت هي والوحدة أصدقاء وعندما رجعت من المستشفى مشيا على الاقدام لما يسمى بيتها تتوكأ على عكازها المنحني مثل انحناء كاهلها وظهرها الذي احنته السنين ،
لتفاجأ بتراكتورات وشيولات البلدية قد اقتحمت عزلتها وهدمت بيتها المبني من الصفيح وتقول لجنة التعديات إن المكان الذي بنت عليه نعمه بيتها هو مخطط للبلدية ولابد من الإزالة فورا لأن في ذلك تعدي على أملاك الدولة ،،
تعالت صرخاتها في ذلك المكان الخالي والتي لا احد يسمعها ، وهي وحدها التي تسمع صدى صوتها فقط . فمن يسمع لها ومن يغيثها وينقذها ،
وقد انطبق عليها المثل الحجازي ماتطيح السقيفة إلا على الضعيفة .
ولأنها عجوز لاتستطيع ان تقطب حواجبها في وجوه لجنة التعديات سلمت امرها لله .
نعمة لم تعترض على قرار الإزالة والهدم وطردها من ذلك المكان ولم تقف احتجاجا على القرار ولكنها تعترض على ذلك التوقيت السيئ حين خروجها من المستشفى حيث لم تمهلها لجنة التعديات مزيدا من الوقت لكي تسترد عافيتها وتلملم حاجياتها وصفيحها وغنماتها ثم ترحل بسلام لتبحث لها عن مكان أخر وأمن بعيدا عن عيون لجنة التعديات ومعداتهم التي افزعت غنماتها وروعت دجاجاتها الذي تطاير في المكان
حيث كان يعيش في هدوء وسكينة بعيدا عن الضوضاء والصخب والضجيج ،
فلجنة التعديات المتقاعسين تركوا كل المتعدين والمغتصبين على الأراضي في كل مكان وباتوا يطاردون نعمة التي لاحيل لها ولا قوة ..
فأين الانسانية المفقودة عند هؤلاء بتخاذلهم الذين لم يرحموا عجزها وضعفها ولم يقدروا مرضها ولم يراعوا كبر سنها ومعاناتها اليومية في البحث عن لقمة العيش ،
فنعمة لم تتسول في الاسواق وأمام المحلات التجارية والمطاعم وأبواب المساجد وعند اشارات المرور مثل بقية المتسولين الذين امتهنوا التسول واتخذوه مهنة وأصبح يدر عليهم دخلا وفيرا وذاقوا حلاوته.
ونعمة لا تعرف الضمان الاجتماعي بل تعيش على صدقات ومساعدات أهل الخير المتقطعة التي تصلها من حين لآخر فأين التكافل الاجتماعي وأين جمعيات البر الخيرية التي عجزت على ترقيع النسيج الاجتماعي في مجتمعنا وأين المسئولين وأين رجال الاعمال وأصحاب رؤوس الأموال من اهل هذه البلاد .
وأين العطف والرحمة والإحسان وحب الخير والألفة والتآلف بين أفراد المجتمع .
فمن حق نعمة أن تعيش حياة كريمة تكفل لها كرامتها وإنسانيتها بعيدا عن مذلة السؤال مثل بقية خلق الله الذين يعيشون على تراب هذا الوطن لكي تقضي ماتبقى من عمرها في أمان ،
فهناك أناس ابتلعوا مخططات بالكامل وامتلكوها وهناك أناس حصلوا على عدة منح بالباطل وعدة اراضي بالتحايل واستثمروها ولم يلتفت لهم احد ولم يعترض طريقهم أحد وهناك اناس تلعب بالفلوس ، كما ان هناك اناس تلعب بالنفوس ،
وبالمقابل ايضا هناك اناس مطلوب منها تعيش مثل التيوس ، أمثال نعمة وغيرها ..
ونعمة لم تعتدي على المكان الذي هي فيه بل اتخذت منه مكانا مؤقتا يكفل لها ذل السؤال ونظرة العطف التي تسدد لها مثل السهم المميت والقاتل فهي الآن اتخذت من الارض فراشا ومن السماء لحافا وتعيش بين غنماتها في هدوء وسكينة الى أن ترحل الى الآخرة في موته لائقة بهدوء وسلام دون أن يلتفت لها أحد .
أو يشعر ويعلم عنها أحد ويحقق حلمها بجدران تضمها لكي تشعر إنها إنسانة لكي يزول حزنها وهمها ويندمل جرحها ، وستموت نعمة وتموت معها حكايتها ..
نايف الخمري / كاتب صحفي
للتواصل /[email protected]
- - - - - - - - - - - - - - - - -
تم إضافة المرفق التالي :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.