سبق لي كتابة مقال حول شقق التمليك التي اتسعت رقعة التجارة فيها لحاجة الناس إلى تملك شقة سكنية تقيهم حر الإيجارات والانتقال من مسكن لآخر ولأنهم لا يستطيعون امتلاك أرض وبناء دار أو عمارة عليها واعتبرت أن هذا التوسع أمر طبيعي وتطور إيجابي، ودعوت إلى وضع ضوابط واشتراطات وتحديد للحقوق والواجبات بالنسبة لتعامل سكان كل برج سكني أو عمارة سكنية بعضهم مع بعض وحذرت من أن ترك الأمور بلا ضوابط سيؤدي إلى نشوء خلافات بين السكان تقود إلى عداوات وبغضاء بين الجيران الموجودين في مبنى واحد أو مع جيرانهم المجاورين. ويبدو أن هذه المسألة لم تؤخذ بعين الاعتبار وأنه قد ترك الحبل على الغارب لكل مالك عمارة لعرض شقق عمارته للبيع بعد أن يقوم بفرزها عن طريق الأمانات أو البلديات وإعطاء كل مشترٍ سندا وعقدا موقعا يشير فيه إلى أنه قد تملك الشقة ولا شيء غير ذلك، وقد يطلب المشتري من المالك إجراء بعض التعديلات مثل ضم شقتين بعضهما لبعض أو فتح نوافذ جديدة غير نظامية على الجيران أو غيرها فيقوم المالك رغبة في تصريف بضاعته بعمل كل التعديلات غير النظامية فإذا تنبه جيران العمارة لتلك المخالفات وتبينوا ما ينتج عنها من ضرر عليهم، قدموا شكاوى بذلك إلى الأمانة والبلدية فيكون الجواب إن المالك السابق قد باعها شققا ورحل فيتم استدعاء الملاك الجدد للشقق المخالفة فيتبرأ كل منهم من المخالفات وأنهم استلموها على وضعها الحالي وأن النوافذ لم يكونوا يعلمون أنها مخالفة هي التي زادت من سعر الشقة مائة ألف إضافية، وأن الذنب كله يقع على المالك أو المستثمر للعمارة لأنه غشنا وورطنا في شراء شقة مخالفة وجعلنا سببا في أذية الجيران. إنما ذكر مثال بسيط على ما تؤدي إليه عملية الاستخفاف بوضع شروط وضوابط وأنظمة واضحة لبيع وشراء شقق التمليك مع العلم أن نظام التمليك في جميع الدول تقريبا له ضوابط عديدة تخص عملية الصيانة الدائمة والدورية والنظافة وكفاية مواقف السيارات لكل عمارة وشروط الأمن والسلامة وأن يقوم المالك الأساسي للبرج أو العمارة أو الجديد الذي اشترى منه بأي تغييرات داخلية أو خارجية للشقة إلا بإذن رسمي وبناء على تقرير هندسي من الجهة المختصة وهم لا يعطون مثل هذه الترخيصات إلا نادرا حتى عندما يكون الأمر متصلا بعمل ديكورات أو قواطع داخلية فإن هذا العمل لا يتم إلا بتصريح أو مواد مقبولة لذلك تظل عمائرهم نظيفة ومصانة محافظة على شكلها الداخلي والخارجي وجميع الخدمات متوفرة لهم، أما ما هو حاصل لدينا وبالإضافة إلى ما ينشأ عن ذلك من شكاوى وأحقاد فإن العمارة نفسها لا تمر عليها سنوات قليلة إلا وقد أصبحت تحتاج إلى إزالة بسبب تسريبات التمديدات الصحية وسوء الصيانة وتدني درجة النظافة وتحويل المواقف إلى مستودعات وإيقاف السيارات في الشوارع الفرعية وترك الأضواء الرئيسية للعمارة مفتوحة ليل نهار بلا حراسة فتنشأ عن ذلك مشكلات أمنية وأخلاقية، ولذلك فلابد من دراسة أحوال هذه العمائر السكنية المباعة ووضع ضوابط وشروط لها ولغيرها من الجاري تمليكه في المستقبل.. والله الموفق.