ومر الوقت.. ولم تتبق سوى رائحة المسك العالقة في زوايا حجرتك، وسوى الذكريات التي تواسي كسرتي في فقدك.. أبتسم تارة على صدى ضحكاتك وأنتحب أخرى.. على رحيلك.. وأدعو لك وأحن.. كم هو موجع فراق الأحبة.. يتركنا خارج نطاق الزمن البشري، خارج أنفسنا غير مصدقين، في انتظار مرير.. معلقين بين السماوات والأرض. لعل من غاب سيرجع.. سامحيني. هي أرض غربة، ومسافات متطاولة منعتني من أن ألقي السلام الأخير وأن أهمس لك كم أحببتك يا جدتي، ولكنني أخالك تعرفين: أحبك.. وإن طال ترحالي، كنتِ موطني.. ومستقري وقوت سفري.. هي هبة الخالق إذ خلق لنا بشرا أضاء حياتنا وأسمته «عائشة».. وكأن الكون عرف بأن هنالك أناسا لا يغيبهم الموت.. وبأن ذكراهم الحسنة تخلد.. إلى الأبد.. كم أشتاق لصوتك وبسمتك المطمئنة.. ودعائك لي.. ولعطر الجنة في كفيك.. اشتقت تقبيل جبينك المؤمن.. أوحشت زوايا البيت، وفقد ضياءه برحيلك.. يا جدتي.. عزائي أن أخبارنا تصلك وبأن استغفاراتنا تزف إليك على صحائف من نور وبأن جنات الخلد هي دارك وبأنها اللقيا السرمدية هناك.. في دار لا تعب فيها ولا شقاء ولا فرقة.. نوف فؤاد حلواني