«مؤتمر الاستثمار» يعيد صياغة العلاقة بين الاقتصاد والثقافة وصولاً للاستدامة    جمعية الاقتصاد تعقد مؤتمرها العلمي السنوي الثاني والعشرين في جدة    وفدٌ من كلية القيادة والأركان للخدمات الدفاعية البنغلادشية يزور "التحالف الإسلامي"    مملكة الإنسانية.. ريادة وعطاء    (إسرائيل) تستبدل التسمية الرسمية لحائط البراق ب«حائط المبكى»    في الشباك    كانسيلو: مرتاح مع الهلال.. واللعب في السعودية ليس سهلاً    قطرة من ولي العهد نبض وطن بأكمله    التنمّر المدرسي.. الوقاية أول الحلول    الجاسر يشارك في مهرجان بغداد السينمائي    نائب أمير الرياض يكرم الفائزين بجائزة التواصل الحضاري    المملكة التاسعة عالمياً في إصابات السكري الأول    «بنك التنمية الاجتماعية» و«فنون الرياض» يستعرضان نجاحات «بنك الفن»    صلاة الخسوف من المسجد النبوي    ولي العهد يهنئ السيد أنوتين تشارنفيراكول بمناسبة تعيينه رئيسًا للوزراء في تايلند    موعد مباراة السعودية واليمن في نهائي كأس الخليج للشباب    الفتح يتعاقد مع المدرب الوطني أحمد التريكي لقيادة فريق تحت 21 عامًا    أكبر هجوم جوي روسي على كييف يشعل مخاوف فقدان السلام    مغبات في وسائل التواصل    تقرير يحذر من مخاطر Gemini    الجوازات تواصل استقبال المعتمرين    مجتمع الذوق" في الخبر ينطلق في مرحلته الثالثة    معرض توعوي تثقيفي للإدارة العامة للدفاع المدني بمحافظة الأحساء    مباحثات سعودية - بريطانية حول الأوضاع بالمنطقة    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ أكثر من 28 ألف جولة رقابية على الجوامع والمساجد    لأول مرة.. سباق الهجانة للرجال والسيدات سعودي 100%    تحديد موقف رايكوفيتش من مواجهة الاتحاد والفتح    زين السعودية تطلق برنامج ZGI لتمكين رواد الأعمال والشركات الناشئة    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير شرطة المنطقة ويطلع على التقرير الإحصائي السنوي    أمير القصيم يستقبل سفير كندا لدى المملكة    مدير الأمن العام يشهد حفل تخريج الدورة التأهيلية لأعمال قطاع الأمن العام للضباط الخريجين    عشرات الجهات والخبراء يناقشون مستقبل المزارع الوقفية بالمدينة    تحت شعار "صمم ما لا يُرى" إثراء يعلن عن موعد "تنوين" بنسخته الثامنة    واحات جدة فرصة استثمارية كبرى جديدة تطرحها أدير العقارية في مزاد علني 17 سبتمبر القادم    السعودية تستضيف الاجتماع التنسيقي الأول للهيئات البحرية على هامش SIMC25    اللجنة القطاعية للسياحة والترفيه بغرفة جازان تزور قيادة حرس الحدود بالمنطقة    مايكروسوفت: انقطاعات في كابلات بالبحر الأحمر قد تؤثر في خدمة (أزور)    300 ألف وفاة سنوياً باللوكيميا.. وحملات سبتمبر ترفع الوعي العالمي    6 حالات لا يحتسب فيها المشروع خبرة ل «المقاول»    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 121 خريجًا من الدورة التأهيلية ال54 للضباط الجامعيين    «الجوهر ولمنور» يحييان ليلة طربية بجدة    تقديراً لجهودها في مهرجان التراث والحرف.. محافظ بني حسن يكرم اللجنة الاستشارية    إدراج منهج الإسعافات الأولية للمرحلة الثانوية    القيادة تعزي رئيس البرتغال في ضحايا حادث انحراف قطار جبلي عن مساره    باشامي وباواكد يزفان بندر لعش الزوجية    الشهري إلى الرابعة عشرة    1400 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ خلال أسبوع    بعد خطة للجيش لتنفيذ خارطة طريق أمريكية.. حزب الله يرفض نزع سلاحه    بناء على مقترح قدمته السعودية.. الأمم المتحدة تقر استئناف مؤتمر حل الدولتين    رشقات غير مرئية تمهّد للبرق    مراهقة تسافر عبر الزمن ذهنيا    مصر تتصدر عالميًا بالولادات القيصرية    3 دقائق تكشف ألزهايمر    السفر للفضاء يسرع شيخوخة الخلايا    إلا إذا.. إلا إذا    حين تتحول المواساة إلى مأساة    القيادة تعزّي رئيس مجلس السيادة الانتقالي بجمهورية السودان    أربعون عاما في مسيرة ولي العهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نساء يلدن في البحر
نزوح إجباري لأهالي قماح .. والإسعاف العائم لا يسعف المصابين

يعرف أهالي جزيرة قماح التابعة لمحافظة فرسان أن عددهم لا يشفع لهم في تصعيد المطالبة بتوفير إدارات حكومية وبنوك في المنطقة، لكنهم يعتبرون أن غياب الرعاية الصحية هو الضالة التي يبحثون عنها صباح مساء، حيث لا إسعاف لكافة الحالات المرضية سوى تلك القوارب التي لا تعرف طريقا ممهدا ولا إشارات مرورية لتتخطاها مسرعة لإنقاذ الحالات المرضية، بل تخضع لسرعة الرياح وتقلبات الطقس لتجعل من رحلة المرافقين للمرضى مخاطرة، ناهيك عن الجانب النفسي للمرضى.
وإذا كان أهالي الجزيرة التابعة لمحافظة فرسان، لا يعرفون من الخدمات إلا مدرستين للبنين والبنات، فإن رحلة المواليد التي باتت صرخاتهم تمتزج بأمواج البحر تمثل لهم معاناة من نوع آخر: فكيف نتعامل مع حالات الولادة المفاجئة ونحن في عرض البحر، ننقل حالة ولادة من قماح إلى جزيرة فرسان حيث تتوفر المستشفيات، أظن أنه لا يستطيع أحد أن يلتقط أنفاسه طيلة الرحلة.
هكذا يروي حسن مساوى رحلة العلاج التي يتجرعها بألم سكان قماح، مضيفا: مواليدنا لا يطلقون صرخاتهم إلا في وسط البحر، والأمثلة عديدة فقبل فترة كانت إحدى نساء الجزيرة بحاجة إلى رعاية طبية عاجلة خلال لحظة ولادتها، ووجد زوجها نفسه مجبرا على نقلها في ساعة متأخرة إلى مستشفى فرسان، وقام بوضع زوجته داخل القارب إلا أنها وضعت وليدها في وسط البحر وعلى متن القارب، قبل وصولهم إلى شواطئ فرسان، الأمر الذي دعا الزوج لإعادتها من منتصف البحر إلى منزله، حاملا طفله، لكنه متألما على الحالة النفسية التي تعرض لها وزوجته، فأين الرعاية الصحية للولادات على أقل تقدير.
الوسيلة الوحيدة
لكن مساوى يعرف أن «الفلوكة» ربما باتت الوسيلة الوحيدة لإسعاف مرضاهم، لكن هناك أطفال يصابون بالحمى ولا تجد أسرهم حلا إلا بنقلهم عبر القارب الصغير في أوقات متأخرة من الليل، وفي ذلك مخاطرة كبيرة على رب الأسرة وابنه المريض، مشيرا إلى أن قماح هي الأرض التي تربوا عليها ولا يمكن مغادرتها: وما دامت تضم مواطنين فلماذا تتأخر الخدمات الصحية حتى الآن، ويصبح انتظار الطبيب الزائر مرة واحدة أسبوعيا هو الحل، حيث يستقبل وبرفقته الممرض الحالات عند شيخ القرية ويتم علاج المرضى لمدة لا تتجاوز ساعة في الأسبوع والعودة سريعا لمحافظة فرسان، فهل نطوع مرضانا للانتظار حتى وصول الطبيب.
حالة وفاة
ويتذكر عثمان نسيب أحد أقدم سكان جزيرة قماح، حالة الوفاة لأحد المسنين في عرض البحر، بسبب عدم سرعة إسعافه سريعا، وقال: قبل أقل من عام نقلنا أحد كبار السن على متن أحد القوارب، وكان في حالة صحية صعبة جدا، واتجهنا إلى محافظة فرسان وحين وصلنا إلى مرسى الغدير بفرسان، واجهنا صعوبة في إنزال المريض نظرا لوجود حواجز خرسانية وضعتها هيئة السياحة لتغلق الممر الوحيد الذي يمكن سيارة الإسعاف من الاقتراب إلى الشاطئ واستلام المريض من على متن القارب، والهدف من وضع تلك الحواجز الخرسانية في بداية المرسى هو منع دخول مركبات الصيادين، وتفريغ الموقع للسياح والمتنزهين، فرغم المعاناة التي يعاني منها الصيادون للوصول إلى قواربهم وحمل (دبات الوقود) على ظهورهم لتعبئة القوارب، إلا أنها تعتبر معاناة بسيطة مقارنة بعدم تمكن أهالي المرضى من نقلهم إلى سيارات الإسعاف التي تقف بعيدا عن الشاطئ بمئات الأمتار، ومع فشل عملية نقل المريض إلى سيارة الإسعاف تم الحصول على إذن عاجل من حرس الحدود بوقوف القارب في المرسى الخاص بهم والذي لا يبعد كثيرا عن مرسى الغدير، فتوجه القارب إلى هناك وكذلك سيارة الإسعاف، ولكن المريض لفظ أنفاسه قبل أن يتم نقله في الإسعاف، فعاد به أبناؤه إلى قماح لدفنه.
ويعتبر أن المعاناة كثيرة والوعود التي سمعنا بها لم تنفذ، فقبل أعوام استبشرنا خيرا بمشروع ربط جزيرة قماح بمحافظة فرسان بجسر طوله ثلاثة كيلو مترات تقريبا، ولكن لم يحدث شيء، ولكن جميع أهالي القرية يستغربون من عدم توفر مركز صحي يخدم الأهالي، فكم من أرواح أزهقت كانت في أمس الحاجة للرعاية الطبية السريعة.
الهجرة من الجزيرة
ربما تعتبر رحلات المخاطرة اليومية للطلاب والمعلمين والمعلمات معاناة أخرى لأهالي الجزيرة، والذين استبشروا خيرا عندما شكلت لجان لبحث الاحتياجات والخدمات التي تحتاجها الجزيرة، حيث كانت التوصيات بالجسر الرابط مع محافظة فرسان، لكن اللجان غادرت الجزيرة قبل أعوام بوعود لم تتحقق وفرحة لم تكتمل، ليبقى مشروع الجسر حلما يراود السكان، الأمر الذي تسبب في هجرة عدد كبير من أبناء قماح، لعدم توفر المقومات الأساسية للحياة، كالمستشفيات والإدارات الحكومية والخدمية.
ويشير أبو عثمان والعم حسن إلى أن بعض أهالي الجزيرة التي لا يتجاوز عددهم 700 نسمة، هاجر منها طلبا للعلم أو لقمة العيش وهناك من تركها لعدم توفر كثير من الخدمات، ولعل أهمها وأبسطها مستوصف صحي وليس مستشفى، مؤكدين أن الأهالي لم يطالبوا بفروع للبنوك أو الوزارات الحكومية بمختلف أنواعها، ولكن طالبنا بحق من حقوقنا وهو مركز صحي.
السياحة والصيادون
ويرى محمد العبسي إلى أن مرسى الغدير في فرسان من المواقع المهمة، لما يمثله من أهمية كبيرة في التنشيط السياحي في المحافظة وخدمة الأهالي في نقل احتياجاتهم الخاصة والعامة إلى الجزر الأخرى القريبة وهو مرسى لقوارب الصيادين أصلا، بالإضافة إلى أنه نقطة التقاء لهواة الصيد والتنزه البحري، إلا أن هذا المرسى أصبح مرفقا مشتركا يشهد زحاما شديدا غير كثيرا من واقعه الجميل، لذا نأمل من الجهات المعنية في هذا الأمر تقنين المرسى وتقسيمه إلى جزئين، أحدهما للصيادين وقواربهم الخاصة، والآخر يبقى للمتنزهين وأصحاب الهوايات البحرية الأخرى مثل الصيد والسباحة والغوص، ويكون مرفقا سياحيا بمواصفات رائدة، وهناك مقترح آخر بأن يبنى مرسى متخصص لأهالي المحافظة للخدمات على أن يكون في جانب آخر بعيدا عن المرسى السياحي.

قماح .. الألمان بنوا أول قلعة أثناء الحرب العالمية

عكاظ (جازان)
تقع جزيرة قماح في الجزء الجنوبي الغربي من فرسان، وتبعد عنها نحو ستة كيلو مترات بحرية جنوبا، فيما يعمل أهلها بصيد الأسماك، كما أنها محطة تتجمع فيها سفن الصيد في الوقت الحاضر، ومساحتها 12 كيلو مترا مربعا تقريبا، ويعد موقعها استراتيجيا مهما فهي تشرف على الممر الدولي للبحر الأحمر.
وعدد سكان الجزيرة قليل بسبب عدم توفر المياه العذبة، وقد كانوا قبل إنشاء محطة تحلية مياه فرسان يجلبون المياه من جازان على بعد أكثر من 75 كيلو مترا بواسطة قوارب الصيد، فيما يعتبر صيد الأسماك مهنة الأهالي الرئيسة.
وتشتهر قماح بقلعة تعرف ببيت الجرمل أو القلعة الألمانية، ويذكر المؤرخون أن الألمان بنوها لتكون مستودعا للأسلحة والذخيرة نظرا لما يمثله موقع الجزيرة الاستراتيجي من أهمية لتوفير الذخيرة لسفنهم المتجولة في البحر الأحمر أثناء الحرب العالمية الأولى.
ويعتقد المؤرخون أن السبب في عدم إنهاء بنائها هو انتهاء الحرب سنة 1918م وعلى الرغم من الجهد المبذول في إنشائها إلا أن الكثير من أعمدتها انهارت نتيجة تآكلها بسبب عوامل التعرية، ويبلغ طولها حوالى 107 أمتار وعرضها حوالى 34 مترا.
فيما يذكر الأديب إبراهيم مفتاح أن الجزيرة كانت مركزا لتجمع سفن الغوص وصيد اللؤلؤ الشراعية، وأدرك الألمان عام 1901 أهمية موقع قماح الاستراتيجي فقاموا ببناء مستودع حجري لتخزين الفحم الحجري يزود السفن العابرة للممر الدولي في البحر الأحمر، لكن المستودع لم يكتمل بناؤه لظروف الحرب العالمية الأولى، وتعود تسميته ب «بيت الجرمل» إلى تلك الحقبة التاريخية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.