بما أن الأساس في حل أي مشكلة هو التوصل لتشخيص صحيح لها، لذا فسبب أساسي من أسباب استعصاء معالجة المعضلات الخاصة والعامة التي أصلها الإنسان هو الافتقار للثقافة النفسية، ومن أهم المصطلحات في هذا المجال «التماهي» وهو يتراوح ما بين محاكاة أنماط شخص أو شخصية معينة إلى تقمص تلك الشخصية. والتماهي يحصل أحيانا بدوافع فطرية مثل التعاطف وهو تماهٍ جزئي مؤقت مع حالة فرد أو جماعة في وضع مؤسف فيتماهى مع معاناتهم ويشعر أنها صارت تعنيه كما لو أنها أمر شخصي بالنسبة له، وهناك ما يحدث لغايات نرجسية مثل تقليد المشاهير وشراء البضائع ذات الماركات التي ترتبط بها صورة ذهنية جذابة عن من يقتنيها ويريد المستهلك أن يتقمص تلك الصورة الذهنية بامتلاكه بضاعة تلك الماركة، وقد يكون التماهي مع آراء ومعتقدات معينة أو مع انتماء ما كالنسب والقبيلة والعرق والجغرافيا أو مع المنصب والحالة الاجتماعية والاقتصادية، فيصبح الإنسان لا يشعر بنفسه على أنه الفرد فلان إنما أنه مكانته الاجتماعية أو أنه منصبه، وأعقد وجه للتماهي هو تماهي الضحية مع الجاني وهي ما يعرف «بمتلازمة ستوكهولم» حيث تصل الضحية عبر التماهي مع الجاني عليها لدرجة الدفاع عن الجاني ضد من يحاولون إنقاذها منه وهذا يرى كثيرا في قضايا العنف الأسري، ورصده العلماء في قضايا الاختطاف والتي من أحدها اكتسبت المتلازمة اسمها، وأبرز أمثلتها في واقع الثورة السورية مواطنون باختيارهم يدافعون عن الطاغية الذي ربما أصابهم ضرر شخصي منه، ولهذا يجب توعيتهم بحقيقة الدافع اللاوعي لديهم للدفاع عن الطاغية ضد من يحاول إنقاذهم منه، بينما هناك من يتماهى مع الطاغية لغايات نرجسية شخصية. [email protected]