إني لأستغرب بعض الآراء السلبية التي تصدر من البعض حول سوق الأسهم السعودية التي تصف أرباح السوق بأنها نتاج مضاربة، وأنها ستتحول في اتجاه خلق فقاعة مالية، ويدور لدى الكثيرين اعتقاد بأن من يبدون الآراء ينبغي أن يكون أولئك الذين يستوعبون جيدا أن سوق الأسهم ينبغي أن يعكس سلامة وقوة الاقتصاد السعودي. إن الارتفاع الأخير لسوق الأسهم هو ببساطة نتيجة لقوة الاقتصاد السعودي والمستقبل المبشر للشركات بنمو إيجابي، وأن لا ينسى البعض أن الأرباح التاريخية لسوق الأسهم كانت دون نموه السابق، وكذلك ما يتوقع من نمو مستقبلي ولذلك نستطيع أن نسمي المال الحديث الدخول لسوق الأسهم (بالمال الذكي)، وإذا نظرنا لبعض القطاعات على سبيل المثال كالبنوك التي كانت تحوز على الكثير من السيولة وتحاول تحقيق نمو يفوق المتوسط عبر نمو تمويل القطاع الخاص ولا يغيب عنا جميعنا مواءمة وسلامة القوائم المالية لبنوكنا الوطنية والتي ترغب في رفع وتيرة نموها. ومثال آخر وهو القطاع البتروكميائي الذي جذب استثمارات وتقنية حول العالم، و لما يتمتبع به من مواد خام محليا ويوجد به شركات استطاعت اختراق وخلق شبكة عالية لمنتجاتها وما كان هذا ليكون لولا إدارة جيدة، وكذلك ذكر قطاعات أخرى مثل التجزئة والتي تنمو مع الطلب المحلي حيث يرتبط الطلب المحلي بأرباح ونمو الناتج القومي الذي يقوده الإنفاق الحكومي بنسب إيجابية ووتيرة تدعو بالتفاؤل. وبعد التطرق للجوانب الاقتصادية العامة أود توضيح الجزء التنظيمي وأثره الإيجابي حيث إن هيئة سوق المال قامت بتغيرات هيكلية جعلت السوق اليوم أكثر تنظيما عما كان عليه عام 2006 ، حيث تم تغيير طريقة حساب المؤشر لتقليص تذبذب السوق وإضافة شركات جديدة للمؤشر وحماية السوق من عبث المضاربين بحزم وشدة لما فيه مصلحة صغار المستثمرين عبر طرح درجة أعلى من الشفافية وزيادة الحوكمة للشركات والكثير في هذا الجانب. أما من ناحية المستثمرين في السوق حيث إن أغلبهم كان ممن شارك في عام 2006 ، ولا أظنهم ذوي نظر قصير أو لم يستفيدوا من عبر وتجارب الماضي، وأكبر دليل على ما أقول هو أن السوق لم يرتفع إلا 22.24% (بتاريخ نهاية الربع الأول) فقط هذا العام ومع ذلك نجد مستثمرين يطالبون بضمانات تؤكد عدم ذهاب هذه المكاسب، مع أننا إذا نظرنا لمؤشر مورجن ستانلي لأسواق الناشئة لهذا العام فهو (بتاريخ نهاية الربع الأول) 16.84%، وباختلاف بقدر 5.4% لسوق مشابه، فهل من المنطق تسمية هذا النمو كذلك بالفقاعة وأن يقلق المستثمرون، لا أنسى أن أقول لكم أن أرباح سوق الأسهم السعودي على مدار الخمس سنوات الماضية لم تتجاوز 0.66% (بتاريخ نهاية الربع الأول) فقط، فلماذا نقلق الجميع بدلا من أن ننفق الوقت للشرح للجميع عن فن الاستثمار في أصول تكسب ثروتك النمو والتوازن وكذلك من أدوات أخرى عبر أبحاث منظمة توضح الفرص الأنسب للاستثمار في شركات تعمل بكفاءة وإيجابة و يمكن للمستثمر المساهمة فيها برأس مال متواضع. لماذا لا نعلم المستثمر القرار الذكي وتشكيل المحفظة المناسبة لاحتياجاته المستقبلية ولأبنائه بل وللصرف على تعليم أبنائه في أفضل المراكز واحتياجاته بعد التقاعد. وفي النهاية أود ختم حديثي بسؤال مفتوح، وهو إذا ربطت عدة أبعاد وهي عمق السوق والتغيرات الهيكلية للتنظيم في السوق وآخر خمس سنوات من نمو السوق وكذلك النمو الاقتصادي السعودي فهل يوجد أي شك عقلاني أن سوق الأسهم قد ارتقى لمكانه الأفضل. * مدير إدارة الأصول في الخير كابيتال