بدأ العراقيون الإدلاء بأصواتهم الثلاثاء لاختيار برلمان جديد، في انتخابات تراقبها عن كثب طهران وواشنطن ومن شأنها أن تحدد مستقبل البلاد إبّان مرحلة إقليمية حاسمة. وتجري الانتخابات التشريعية السادسة منذ الغزو الأميركي الذي أطاح نظام صدام حسين في 2003، وسط استقرار نسبي يشهده العراق الغني بالموارد النفطية بعد عقود من نزاعات نسفت بنيته التحتية وخلّفت فساداً مستشرياً. ويرى عراقيون كثر أن لا أمل في أن تؤدي الانتخابات إلى تغيير حقيقي في حياتهم اليومية، معتبرين أن الاقتراع يشكّل مساحة للتصارع السياسي الذي سيصبّ أخيراً في مصلحة كبار السياسيين واللاعبين الإقليميين. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة 07,00 (04,00 ت غ) أمام ما يزيد عن 21,4 مليون ناخب مسجّلين لاختيار البرلمان لولاية تمتدّ أربع سنوات، على أن تُغلق في السادسة مساء (15,00 ت غ). وشوهد في مركز اقتراع قائم في فندق الرشيد في العاصمة بغداد، سياسيين بارزين يدلون بأصواتهم بُعيد بدء الاقتراع، ويتوقع أن تُعلن النتائج الأولية خلال 24 ساعة من إغلاق المراكز. ويتنافس أكثر من 7740 مرشحاً ثلثهم تقريبا من النساء ومعظمهم ضمن تحالفات وأحزاب سياسية كبيرة إذ يشارك 75 مستقلّا فقط هذا العام، على 329 مقعدا لتمثيل أكثر من 46 مليون نسمة. وتبقى الانتخابات مدخلا لاختيار رئيس جديد للجمهورية، وهو منصب رمزي بدرجة كبيرة مخصص للأكراد، وتسمية رئيس جديد للوزراء، وهما عمليتان تتمان عادة عن طريق التوافق وقد تستغرقان أشهرا. ويتوقع محللون أن يحصل ائتلاف الإعمار والتنمية الذي يقوده رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني، على عدد جيد من المقاعد، من دون أن يعني ذلك بالضرورة عودته إلى منصبه. ووصل السوداني إلى سدّة رئاسة الحكومة في 2022 بعد جمود استمرّ أكثر من عام من جانب تحالف "الإطار التنسيقي" صاحب أكبر كتلة برلمانية حاليا، وهو يضمّ أحزابا شيعية. ولطالما أشاد بجهود حكومته في إبقاء العراق بمنأى عن الاضطرابات التي شهدها الشرق الأوسط منذ استلامه منصبه. ورغم خوضها الانتخابات بشكل منفصل، يُتوقّع أن تتّحد بعد الاقتراع الأحزاب المنضوية ضمن "الإطار التنسيقي" لتشكيل أكبر كتلة. من جهته أكد محمد الحسان، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، الثلاثاء، أنهم "راضون كل الرضا على مسار الانتخابات التشريعية، متمنيا أن تجرى الانتخابات بامتياز ". وقال الحسان للصحفيين في بغداد: "هذا اليوم عرس ديمقراطي يحتفي به جميع الشعب العراقي بممارسة حقه المكفول دستوريا لاختيار ممثليهم بكل حرية ومسؤولية وتمسكه بالخيار الديمقراطي نحو مستقبل أكثر أمنا واستقراراً". وأضاف: "اليوم يؤكد فيه العراقيون على أن صوت المواطن هو مصدر الشرعية وهذه المشاركة هي أساس ترسيخ الديمقراطية وتعزيز الثقة حيث لا مكان للفساد أو المحسوبية وآن الأوان لعراق خال من الظواهر السلبية". هذا ولقي عنصران من الشرطة العراقية حتفهما، الثلاثاء، في إطلاق نار أمام أحد مكاتب المرشحين للانتخابات البرلمانية في محافظة كركوك، وفق بيان للداخلية . وأكدت وزارة الداخلية العراقية مقتل اثنين من شرطة النجدة في محافظة كركوك أثناء أدائهما الواجب في حماية المواطنين وحفظ الأمن، فجر الثلاثاء أثناء مشاجرة أمام أحد المقار التابعة لاحد المرشحين في محافظة كركوك وتطورت إلى اعتداء مسلح من قبل حرس المرشحين. وأوضحت الوزارة أن الحادث أسفر أيضاً عن إصابة مواطنين تم نقلهما إلى المستشفى لتلقي العلاج.