خلال الحصار الذي فرض على العراق أيام صدام حسين قام بعض التجار بزيادة أسعار المواد الاستهلاكية فلم يتردد في إصدار حكم بالإعدام الجماعي نفذ أمام الجمهور. ربما كان قرارا صائبا لأن ظروف الناس لم تكن تتحمل مزيدا من المعاناة، لكننا لا نطالب بمثله مع أن المتلاعبين بقوت الناس يستحقون أشد العقوبات لاسيما حين تقدم الدولة دعما كبيرا لهم وتعفيهم من الضرائب وتسخر لهم كافة التسهيلات التي تجعل تجارتهم متعة نفسية ومادية.. يوم أمس تضاربت الأخبار حول التزام نقاط البيع بقرار وزارة التجارة بشأن أسعار الألبان التي قررت شركتان رفعها دون إبداء أسباب منطقية. أخبار تقول إن بعض المتاجر لما زالت تبيع بسعر الزيادة، وأخبار أخرى تفيد بأن السعر عاد إلى ما كان عليه، ولكن ليس بسبب تهديد وزارة التجارة وإنما بسبب الخوف من سلاح المقاطعة الذي أشهره المجتمع في وجه الحيتان التي تريد التهام كل قرش لدى المواطن، وأنا أميل إلى هذا التعليل لأن سلاح العقوبات النظامية أوهى من أن يخاف منه تاجر، خصوصا الكبار الذين لا يأبهون بأحد.. وإذا كانت وزارة التجارة تريد إثبات مصداقيتها بأنها قادرة على الردع فأمامنا شهر رمضان بعد أيام قليلة وهو الشهر الذي لا يفكر فيه مجتمعنا في شيء مثلما يفكر في التسوق، وبالتالي هو الفرصة الذهبية لامتصاص الجيوب بزيادة الأسعار، وهي زيادة ليس بالضرورة أن تكون كبيرة في كل سلعة، ولكنها حتى لو كانت بضعة قروش فإنها في النهاية زيادة، ومحصلتها التراكمية أرقام ضخمة في حسابات التجار.. وللمعلومية فقد بدأ بعض المسؤولين (وليس التجار) في التلميح إلى زيادة سعر المواشي وبعض السلع الخاصة برمضان، أي أنهم يمهدون الطريق للتجار في بدء حملتهم الرمضانية على جيوب المواطنين التي لم تعد قادرة على الاحتفاظ بأي قرش يدخل فيها.. وفي ذات الوقت أفادتنا الأخبار أن وزارتي الداخلية والتجارة (تعكفان) على إعداد لائحة عقوبات جديدة ستفرض على المتلاعبين بالأسعار من التجار والشركات التجارية في المملكة، وهذا خبر جيد في حد ذاته، لكننا نتمنى ألا يطول عكوف الوزارتين ليتحول إلى اعتكاف يستنفر خلاله مصاصو الجيوب كل قواهم لتفريغها، وإذا خرجت إلى النور هذه اللائحة المنتظرة فإننا نرجو ألا تطبق على أصحاب البقالات فقط وتغض الطرف عن القطط السمان التي تعيث فسادا في قوت المجتمع. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة