عشرات الموهوبين ينتقلون للمرحلة الثانية من "مصنع الكوميديا"    دولة ملهمة    نائب أمير مكة يطلع على تمويلات التنمية الاجتماعية    أمير الرياض يحضر احتفالية البنك الإسلامي للتنمية باليوبيل الذهبي    الإبراهيم: المملكة منصة عالمية للنقاش والابتكار والأعمال    منتدى الرياض يناقش الاستدامة.. السعودية تتفوق في الأمن المائي رغم الندرة    دشن أسبوع البيئة بالمنطقة.. أمير الباحة يؤكد أهمية الغطاء النباتي    «رابطة العالم الإسلامي» تُعرِب عن قلقها جرّاء تصاعد التوترات العسكرية في شمال دارفور    مطار الملك خالد يوضح ملابسات انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي    وزير الإعلام يبحث التعاون مع أرمينيا    اللجنة الوزارية العربية تبحث تنفيذ حل الدولتين    " ميلانو" تعتزم حظر البيتزا بعد منتصف الليل    الأهلي بطلاً لكأس بطولة الغطس للأندية    الفيحاء يتوّج بدوري الدرجة الأولى للشباب    وزير الخارجية يبحث مستجدات غزة    النصر والنهضة والعدالة أبطال الجولة الماسية للمبارزة    تتضمن ضم " باريوس" مقابل "فيجا".. صفقة تبادلية منتظرة بين الأهلي وأتلتيكو مدريد    الأرصاد تنصح بتأجيل السفر برّا لغير الضرورة    استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    آل طيب وآل ولي يحتفلون بزفاف أحمد    اللواء الزهراني يحتفل بزفاف نجله صلاح الدين    منصور يحتفل بزواجه في الدمام    فيصل بن بندر يؤدي الصلاة على عبدالرحمن بن معمر ويستقبل مجلس جمعية كبار السن    ديوانية الراجحي الثقافيه تستعرض التراث العريق للمملكة    النقد وعصبية المسؤول    مهنة مستباحة    فئران ذكية مثل البشر    إستشاري يدعو للتفاعل مع حملة «التطعيم التنفسي»    %47 من الذكور تلقوا العلاج على نفقة وزارة الصحة    غزة.. النزف مستمر والمجاعة وشيكة    منجزات البلدية خلال الربع الأول بحاضرة الدمام    تعليق الدراسة اليوم الاثنين بالمدينة المنورة    ميتروفيتش ومالكوم يشاركان في التدريبات    اكتمال جاهزية كانتي.. وبنزيما انتظار    شوبير: صلاح يقترب من الدوري السعودي    محمية الإمام عبدالعزيز تشارك في معرض أسبوع البيئة    جامعة «نورة» تفتتح منافسات الدورة الرياضية لطالبات الجامعات الخليجية    أمير المدينة المنورة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب في دورته ال 12    د. اليامي: إهتمام القيادة بتنمية مهارات الشباب يخفض معدل البطالة    هاكثون الأمن السيبراني بالتعاون مع "موهبة"    المصاعد تقصر العمر والسلالم بديلا أفضل    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    جائزة الأميرة صيتة تُعلن أسماء الفائزين بجائزة المواطنة المسؤولة    أمير الرياض يؤدي الصلاة على عبدالرحمن بن معمر    صحن طائر بسماء نيويورك    أول صورة للحطام الفضائي في العالم    ذكاء اصطناعي يتنبأ بخصائص النبات    تطبيق علمي لعبارة أنا وأنت واحد    معالي الرئيس العام يشارك في "المؤتمر الدولي لدور الجامعات في تعزيز قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي"    أمير تبوك يواسي أبناء أحمد الغبان في وفاة والدهم    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية    أمطار تؤدي لجريان السيول بعدد من المناطق    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    وزير الدفاع يرعى تخريج الدفعة (82) حربية    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    المسلسل    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصبحت شوكة في الحلق فأجبرت على الاستقالة
عمرو درويش وكيل أمين جدة الأسبق يكشف خفايا السنوات العشر لمرحلة الأبواب المغلقة في الأمانة :
نشر في عكاظ يوم 03 - 09 - 2010

لأول مرة يتحدث المهندس عمرو درويش وكيل أمانة جدة لشؤون الخدمات في فترة الدكتور خالد عبدالغني ويخرج عن صمته .. وللأمانة فهو لم يبادر لهذه الخطوة وإنما جاءت ردود أقواله استجابة للاستثارة التي بحثت عنها قاصدا؛ للإجابة على كثير من التساؤلات والاستفهامات والإشارات التي شابت عمل بعض المسؤولين في أمانة جدة، فانعكست قراراتهم على مصلحة المدينة ومواطنها والمقيم فيها بالإيجاب حينا وبالسلب في أحايين أخرى.. درويش أسقط القناع عن تفاصيل علاقته بالأمين وأسباب استقالته وأعلن بجرأة خفايا ما دار من وراء ستار الأبواب المغلقة داخل الأمانة.. وقف مع الفارسي ضد الكوشك، وألقى باللائمة على اللوائح والتعليمات الشفهية والضمنية اللارسمية لعرقلة مشروع تصريف الأمطار في جدة وكشف النقاب عن نقض مصلحة المياه والصرف الصحي لاتفاقها مع الأمانة مما تسبب في بقاء بحيرة المسك لأكثر من عقدين ونصف دون حل.. الرجل الذي أوكلت إليه مهمة تنظيم مدينة تبوك اعترف بعدوانيته وعنفه في تطبيق النظام، ولم يتراجع عن مواقفه فقرر الانسحاب من مدينته الفاضلة بعد اصطدامه بفكرة نقل تبوك من موقعها الحالي.. تركته يتحدث عن بداياته باختصار بعد أن قرر التفرغ لأعماله الخاصة ولم يكمل سن التقاعد بعد لأفسح المجال لأطروحاته التي تزرع الشك والشوك في كل مكان فقال: نشأت في بيت الكيكي بالقرب من مسجد المغربي في وسط البلد ودرست مثل قرنائي في مدرسة الفلاح إلى أن تخرجت من الثانوية العامة فاقترح خالي الفريق عبدالرحمن لنجاوي رحمه الله أن أسافر إلى ألمانيا لدراسة الطب لكنني رفضت لأنني كنت راغبا بشدة في دراسة الهندسة المعمارية وقد يكون لوجودي في منطقة البلد دور في تشكيل رؤية فنية في ذاكرتي للتوجه الهندسي فسافرت إلى مصر لأدرس على نفقة الوالد في جامعة القاهرة لمدة سنتين ثم تم تحويلي إلى البعثة السعودية وعندما تخرجت أبلغني الملحق التعليمي عبدالحميد مشخص رحمه الله بأن لي مبلغا من المال يخص السنتين الأولى قبل انضمامي للبعثة فأخذته وقررت الذهاب إلى أمريكا التي كانت أشبه بالحلم آنذاك فتجولت في جميع ولاياتها لأكثر من شهر بصحبة أخي الذي كان يدرس هناك وقد غيرت تلك الزيارة رؤيتي الهندسية والمعمارية وحتى الفكرية أيضا فانطلقت في تخصصي متحملا المسؤولية مبكرا .

• الغريب أنك غادرت الأمانة بعد محمد سعيد فارسي وعدت إليها بطلب من خالد عبدالغني رغم معارضتك لفكره وأسلوبه؟
- الحقيقة أنني أخذت إعارة وعملت مع شركة بن لادن سنتين ثم قدمت استقالتي من الدولة فرفض إبراهيم العنقري رحمه الله خروجي من العمل الحكومي فعدت إلى الأمانة مع خالد عبدالغني الذي طلبني في بداية استلامه للأمانة عندما رشحني له معالي الدكتور ناصر السلوم وهو من الرجال الذين أعتز بهم كثيرا فقد دعمنا بكل ما يستطيع في تبوك لكنني رفضت، ومنذ اليوم الأول لوصولي اتفقت مع خالد عبدالغني على أن يبلغني بالمغادرة عندما يجد أنني أصبحت شوكة في حلقه وأن نتعامل بطريقة حضارية مع بعضنا فلا يحفر لي ولا أحفر له، وهذا ما حصل فبعد أربع سنوات من العمل سويا قال لي في ثالث أيام شهر رمضان من عام 1412ه بأن الوزارة قبلت استقالتي ففهمت الرسالة وغادرت بهدوء.
• يبدو أنه كلما جاءت أمة لعنت أختها في أمانة جدة، فالتقرير الذي صدر من أمانة جدة عام 1430ه ردا على مطالبات بعض الكتاب بإنقاذ الأمانة ألقى باللائمة على ما حدث من إخفاقات خلال العشرين سنة الماضية التي كنت فيها وكيلا للأمين من عام 1408 إلى 1412ه ؟
- المشكلة ليست في الأمانة وإنما في النظام الإداري وفي الاعتمادات المالية فالمعروف أن لكل وزارة مخصصات مالية ليست مرتبطة بمنطقة وإنما بالوزارة التي تضع أولوياتها في تنفيذ مشاريعها حسب رؤيتها بدون تنسيق مع الأمانات ثم يأتي دور لجنة التنسيق الداخلية أثناء التنفيذ وهذا هو الخطأ الجذري فالمفترض أن يكون التنسيق الأساسي من خلال مجلس المنطقة الذي يتصرف في الميزانية والإنفاق على المحافظات بالكامل في جميع المجالات التعليمية والصحية والبلدية والمجاري والكهرباء وغيرها. والآن الأمانة تلام على مشاريع ليس لها دخل بها وهو ليس دفاعا عن فترة وجودنا لأن المشكلات موجودة وستستمر إلى قيام الساعة لغياب النظرة بعيدة المدى ولكن إقرارا للواقع فعلى سبيل المثال يظن أغلب الناس أن الأمانة مسؤولة عن مشكلة المجاري والصرف الصحي فيتهمونها ليل نهار مع أنها ليست من مسؤوليتها وإنما لها مصلحة قائمة بذاتها تتبع لوزارة الشؤون البلدية والقروية لكنها لا تتبع لأمين المدينة، ويقتصر دور الأمانات في كل مدن المملكة على تصريف مياه الأمطار في داخل المدن بسبب مناسيب الشوارع.
• وأين كنت من هذا الواقع عندما كنت وكيلا للأمين؟
- كانت هناك أفكار أخرى تعرض لكننا كنا نعاني من اللاتنسيق المسبق في المشاريع قبل التنفيذ ونفس الواقع يتكرر كما أن نظرتي الشمولية للأمور من الخارج تختلف عن الواقع عندما كنت منغمسا في العمل وللأسف أن أسلوبنا في العمل داخل الأمانة كان خاطئا بنسبة كبيرة وأكثر من ثمانين في المائة من أوقات المديرين لا تذهب للتخطيط وإنما تضيع في العمل اليومي الروتيني ونحن لم ندرب من داخل الجهاز الحكومي بهذه الأمور ولم أعرفها إلا بعد خروجي من الأمانة فكنت أحضر دورات تدريبية على حسابي الخاص في دول خليجية فأجد أن زملائي في كل الدورات التي حضرتها من السعودية من القطاع الخاص فيما تجد أن مديري الإدارات الحكومية في دول قطر والبحرين والإمارات وسلطنة عمان يحضرون هذه الدورات، ولا أنسى أن أضيف المشكلات التي تقوم بها جهات أخرى وتعاني منها البلديات.
• والحل ؟
- يجب أن تكون لدينا في جدة أنفاق خدمية تحت الشوارع كالتي طبقت في المنطقة المركزية في المدينة المنورة فإذا أرادوا تمديد كيبل أومعالجة مشكلة صرف صحي أوتمديد تليفونات لا يحفرون الشوارع من الأعلى وإنما تتم الأمور بواسطة سيارات الخدمات من تحت الشوارع عبر الأنفاق، والحل ليس نمطيا ولا يتم خلال يوم وليلة وإنما على مدى عشرين عاما تقريبا فنأتي في منتهى البساطة لأوطأ شيء موجود من الخدمات تحت الشوارع الرئيسة فننزل تحته بحيث نبدأ من خارج المدينة من نقطة ما ولو على عمق عشرين مترا تحت الأرض فنبدأ بالشوارع الرئيسة في جدة ثم العرضيات منها فيتم عمل أنفاق، ثم نبدأ بكل شارع لا يقل عرضه عن ثلاثين مترا في مربعات شوارع التقاطعات الرئيسة إلى أن نصل إلى الشوارع الفرعية ما بين بيتي وبيتك.
• هذا الكلام لم يطبق على مشكلة الصرف الصحي فكيف سنطبقه لنحل كل مشكلات المدينة العتيقة ؟
- المشروع يجب أن تقوم به جهة واحدة لا عدة جهات وترصد لها مبالغ على مدى عشرين سنة مقبلة لنحل الفوضى التي تحدث في المدينة على مدى عدة عقود وستستمر مشكلات المدينة للأجيال المقبلة إذا لم يتخذ قرار جريء بهذه الخطوة من الآن فسوف تلعنا الأجيال المقبلة.
• الحديث يدور دائما عن مشكلة التربة في جدة؟
- تقدر تقول لي إنهم عندما عمروا تحت بحر المانش بين فرنسا وإنجلترا لم تكن هناك مياه. بصراحة هناك قرارات خاطئة اتخذت ودفعنا ثمنها، وأعطيك مثالا فعندما أوقف نمو جازان بسبب تقرير يقول إن المدينة تحتها جبل ملحي قبل ثلاثين سنة مع بداية الطفرة التي نمت من خلالها مدن المملكة وتوقفت جازان ثم أراد الله أن يأتي للمدينة المهندس محمد شنقيطي وعنده ماجستير في التربة فرفع تقريرا لوزير الشؤون البلدية والقروية في تلك الفترة يؤكد فيه عدم وجود تربة غير قابلة للبناء عليها لكن هناك فرقا في التكلفة فقط فأقترح زيادة قرض صندوق التنمية لمواطني جازان بنسبة من 10 إلى 20 في المائة والسماح للناس بالبناء فصدر قرار ببقاء جازان في مكانها .
• لكن الكل يعلم أن مصلحة المياه والصرف الصحي عرضت إنشاء شبكة للمجاري ورفض طلبها من الفارسي؟
- هذا غير صحيح، وقد عاتبت المهندس يحيى كوشك على الخطاب الذي خرج به على طريقة (لاتقربوا الصلاة) وأنا أعرف أن الفارسي طلب منه حل مشكلات المناطق السكانية التي توجد فيها مجاري سيئة ويمكن أن تحدث فيها كارثة من الطفح بدءا من منطقة وسط البلد قبل أن ينتقل إلى المناطق الجديدة التي بدأ فيها التنظيم شمال شارع فلسطين.
• بمعنى أن المجاري الأولى التي نفذت وفرح بها الناس كانت سيئة أيضا؟
- للأسف أن الواقع تراكمي بالأخطاء والنتيجة واحدة فيكفيك أن نقرأ قبل أيام بتحول شارع قابل إلى مشهد قريب من مدينة فينيسيا الإيطالية ولكن من مياه طفح المجاري والسبب كما أعلم أن الدراسة التي نفذت في وسط البلد داخل الطريق الدائري لشارع الملك خالد تم إعدادها على كثافة سكانية لارتفاعات مباني منطقة وسط البلد القديمة لأربعة وخمسة أدوار وعندما جاء التنفيذ كانت الارتفاعات قد تغيرت والكثافة السكانية زادت فحدثت المشكلات وهذا الكلام موثق ومعروف، والحال نفسه حدث مع مطار جدة أيضا، فكلام الفارسي كان واضحا بطلبه من الكوشك ضرورة البدء في حل المناطق التي تعاني من مشكلات وفيها كثافة سكانية كبيرة قبل الانتقال إلى ما بعد شارع فلسطين حيث لم تكن هناك كثافة سكانية تسبب ضغطا على الصرف الصحي، وأنا استغربت خروج المهندس يحيى كوشك أيام الكارثة وقوله: ليس على رأسي ريشة مع احترامي الشديد له.
• الغريب أن مشروع تصريف مياه الأمطار أيضا فشل رغم أنه من مسؤوليات الأمانة؟
- كانت هناك مشكلة قالها الفارسي وموجودة على مستوى المملكة ولا ينكرها إلا مكابر أو غير مطلع على الواقع، ففي الاجتماعات الدورية التي كانت تتم على مستوى المملكة طرح رأي وافق عليه الجميع كتوجه عام ضمنيا ولم يكن مكتوب رسميا وفحواه: إنه نظرا لشح الموارد المالية كعنصر أساسي وللتكلفة العالية في إنشاء شبكات صرف الأمطار ولقلة مياه الأمطار أيضا الدورية وللتكلفة العالية للصيانة فلا تعطى تصريف الأمطار أولوية أولى للبلديات لكن حسب وضع المشاريع فإن انتهيتم من الأشياء الأهم فيمكن البدء بالأشياء الأقل أهمية كمشاريع تصريف الأمطار فهي لا تأتي في الأهمية القصوى وإنما في المتدنية للاعتبارات التي ذكرتها لك فهذا كان التوجه العام ليس لجدة وحدها والدليل ما حدث في الرياض قبل أشهر رغم تفوق مدرسة الرياض التي ركزت في عهد النعيم على الداخل ثم الانطلاق للخارج على عكس مدرسة جدة التي قادها الفارسي الذي اعتمد على ترك ما هو قائم ووضع البنية الأساسية وليس التحتية لأنها ليست في يد البلديات.
• لماذا اصطدمت مع فهد السليمان وخسرت مساندة عبدالغني في مشاريع الصرف الصحي ؟
- في مرحلة الأوراق المكشوفة مع محمد سعيد فارسي اطلعت على مخططات الأحياء فوجدت أن المجاري المنفذة في مدينة جدة لا تصل إلى 30 في المائة من حجم المدينة فقلت تصريحا في إحدى الصحف أثار المهندس فهد السليمان مدير مصلحة المياه والمجاري آنذاك ورد علي في الصحيفة فرفعت سماعة الهاتف وأوضحت له ما لدي من معلومات وعدم رغبتي في الدخول معه في نشر غسيل علني في وسائل الإعلام ولم أجد منه أي بادرة أمل، فأعددت تقريرا للأمير ماجد رحمه الله بصفته رئيس مجلس إدارة المصلحة وقدمت التقرير لخالد عبدالغني ليوقع عليه بصفته المسؤول الأول في الأمانة فرفض التوقيع على التقرير، وقال لي: أنا بيتي من زجاج ولن أقذف أحدا بالحجارة، فقررت رفع التقرير على مطبوعاتي الشخصية للأمير ماجد فأرسل سموه تقريري لكل من خالد عبدالغني وفهد السليمان لإبداء رأيهما فسفهوا رأيي ثم تأسست بعد فترة شركة على ضوء ما كتبت.
• ولهذا رفضوا مقترحك لمنع صرف مياه المجاري في الحدائق؟
- هذا أهم ما في الموضوع فعندما اجتمعنا مع مندوبين من الأرصاد وحماية البيئة وجامعة الملك عبدالعزيز والإمارة ومصلحة الصرف الصحي اقترحنا أن نرمي الوايتات في محطات المصلحة فقالوا: لا نستطيع لأنها تعمل بالحد الأقصى فاقترحت إنشاء محطة تنقية جديدة بجوار معارض السيارات ووافقوا على الفكرة على أن يبدأ تنفيذها في مهلة مدتها من ثمانية أشهر إلى سنة على أن يحول الصرف مؤقتا في منطقة خارج المدينة بجوار مرمى النفايات خلال مهلة التنفيذ فقط ومن ثم تحول كل الوايتات بعد ذلك إلى المحطة الجديدة فوافقوا وتم توقيع المحضر وبعدها غادرت موقعي في الأمانة وبقي مكب الصرف الصحي من يومها إلى يومنا هذا ليتحول إلى بحيرة ما كان يجب أن تكون ولا أقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.
• هل صحيح أن مرحلة ما سمي ب(عصير الأراضي) كانت القشة التي قصمت ظهر البعير في علاقتك مع الأمين؟
- للأسف الشديد أن كل المكتسبات التي حدثت في جدة تم تشويهها.
• لماذا لم تعترض على هذا الوضع ؟
- أنا اعترضت على ما يحدث وكنت أرى أشياء كثيرة وأحترق من الداخل لكن عملي كان يشغلني في وكالة الخدمات بينما هذه الأمور تخص وكالة الشؤون الفنية التي كان يتولاها المهندس حسن مغربل. وحدث ما توقعته عندما قلت له في بداية عملي معه بأن إذا شعرت أنني شوكة في الحلق، فقل لي: مع السلامة، وقالها لي فعلا بعد أربع سنوات: بأن الوزارة تريدك أن تستقيل فقلت له: شكرا.. وفي تلك الفترة كان وزيرنا محمد آل الشيخ والرجل لا يعرفني ولا أعرفه فذهبت لمقابلته في اليوم التالي وأعددت خطاب الاستقالة في الطائرة، وعندما قابلت معاليه أخبرته بكلام خالد عبدالغني فقال لي: هو من قال ذلك . فقلت له: نعم ، فضحك وقال: نحن لم نطلب منه ذلك، فأخبرته بالاتفاق الذي اشترطته مع خالد عبدالغني ورغبتي في المغادرة لأن الأجواء أصبحت غير صحية فلم يعترض.
• ألم تكن الأوراق مكشوفة داخل وكالات الأمانة أمام أي مسؤول؟
- للأسف أن هذه المرحلة انتهت مع محمد سعيد فارسي عندما كان يعمل اجتماعات دورية والوكلاء يساعدون بعضهم البعض، أما بعد ذلك فظلت كل وكالة مغلقة الأبواب وسرنا في طريقين متوازيين لايلتقيان ولا يعلم أحدنا بشيء عن ما يفعله الآخر، وكنت أتمنى لو كنا في مفترق طرق لكنا على الأقل التقينا في نقطة معينة وهو ما لم يحدث وهذه مصيبة، ولذلك اتخذت قراري الصائب بالمغادرة في التوقيت المناسب.
• وأين دور الأمين في معالجة هذه التقاطعات الحادة؟
- المفروض أن دور المسؤول الأعلى أن يأخذ من إداراته الأقصى لمصلحة المدينة أما أن يشتغل كل في معزل عن الآخر فهنا يكمن الخلل.
• البعض يقول إن البيت الداخلي كان خربا قبل ذلك؟
- للأمانة فعندما عدت من تبوك وعملت مع الفارسي في السنة الأخيرة قبل مغادرته كنت صريحا معه، وقلت له: جزاك الله خيرا بأن رتبت الأمور في الخارج لكن بيتك من الداخل يحتاج إلى إعادة ترتيب، فقال لي: تولاها، ووقتها كان وكيل البرامج والتخطيط في الوزارة الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي حاليا وأخبرته بأنني أخذت ضوءا أخضرا من الفارسي فقال لي: توكل على الله، فبدأنا نعيد ترتيب الأوضاع الداخلية في الأمانة بإعادة الهيكلة الإدارية بالكامل والنظام الداخلي وقطعنا مشوارا جيدا وفجأة جاءت مغادرة الفارسي فتوقف المشروع.
• رغم أنك لم تستدع من قبل لجان التحقيق في كارثة جدة إلا أنك قمت بمبادرة وكأنك تبرئ نفسك؟
- أولا لم يكن لي علاقة بموضوع الأراضي والمنح ولا الدراسات الفنية أو دراسة المشاريع لأنها لم تكن من مسؤولياتي في الأمانة وإنما كانت تتبع وكالة الشؤون الفنية، وثانيا أبديت استعدادي لإفادة اللجنة بأي معلومات مفيدة في هذا الجانب فلم أستدع ولم يرد علي.
• يقال إن مشكلة الأمانة من الداخل وليس من الخارج؟
- وهل كل ما يقال صحيح عن موظف الأمانة. الحقيقة هذا غير صحيح. وأنا عشت تجربة شخصية جميلة في منطقة تبوك حيث رفعت شكوى في شخصي لسمو وزير الداخلية وفيها أكثر من أربعين اتهاما أخطرها أنني خريج وثنية جدة ويقصدون أمانة جدة لأنني وضعت لهم مجسمات في الشوارع فجاءت لجنة تحقيق على مستوى عال وكتب إبراهيم العنقري رحمه الله لسمو وزير الداخلية أن كل ما وجده علي أنني رجل شديد في تطبيق النظام وحريص عليه مما أدى إلى تضجر من تعطلت مصالحهم، والمشكلة ليست في موظفي الأمانة فقط وإنما فيما يريده الناس من الأمانة.
• نجحت بقوة في تبوك وغادرت أمانة جدة مغضوبا عليك ما الفارق بين هذين المتناقضين في رأيك؟
- في تبوك دعمني الأمير عبدالمجيد رحمه الله بقوة لا تتخيلها في تطبيق الأنظمة، وعندما بدأت قمت بتشميع قسم الأراضي في البلدية وتعاملت بعنف مع المخالفين وأتذكر أنني طلبت في أول اجتماع لي من الأشخاص الذين لا يستطيعون العمل بنظافة أن يتركوا ورقة استقالتهم عند مدير مكتبي، فوجدت بعد الاجتماع ثلاث استقالات مباشرة، فكان لها وقع كبير بين الناس ونجحنا في إيقاف التعديات لأنه لم تكن لدينا لجنة من عدة جهات حكومية وإنما كانت البلدية هي الجهاز الوحيد المنفذ، وتمكنت من قيادة وإدارة فرق العمل في بلديات منطقة تبوك ( ست مدن ومجموعة كبيرة من القرى)، إضافة لرئاسة بلدية تبوك، التي كانت تضم أكثر من 1800 موظف وعامل، كما وضعنا أول مخطط شامل لمدن وقرى المنطقة (تبوك، ضباء، أملج، الوجه، تيماء، البدع)، وتم تطوير وتنمية مدن المنطقة على أعلى مستوى من خلال أكبر ميزانية تم رصدها في تاريخ المنطقة فأصبحت مدنها تضاهي في تخطيطها وجمالها مدن المملكة الرئيسة، وأفتخر أن صاحب السمو الملكي ولي العهد (عندما كان نائبا ثانيا) في أحد زيارات للمنطقة قال (أنا لا أصدق أني في تبوك.. كأني في الرياض أو جدة )، فكانت كلماته سلمه الله وساما لي ولفريق العمل ولا أنسى أننا أخذنا المركز الأول في النظافة والثاني في تخطيط المدن على مستوى المملكة .
• ولماذا تركتها ؟
- لعدم الوفاق مع بعض ما طرح من أفكار خصوصا فكرة نقل المدينة من مكانها التي تبرع بها بعض الأشخاص.
• كنت أول من عمل على دراسة المنطقة التاريخية التي تتساقط بيوتها الأثرية من يوم لآخر فما الذي حدث وما هي أسباب ما يحدث الآن ؟
- توصية دراسة المنطقة التاريخية التي أعدت في عهد الفارسي ركزت على إنشاء فرع بلدية خاص بها لا تتجاوز مسؤوليته حدود المنطقة وكلفت بالإشراف على التنفيذ وبدأنا بدعم من أصحاب البيوت في عملية الترميم ورأست فريق عمل مكون من حوالي 600 موظف وعامل، في إدارة قلب جدة النابض (أكبر مدينة تجارية في المملكة) بوابة الحرمين الشريفين ومتابعة تطبيق المخطط العام للمنطقة التاريخية وتجميل المنطقة حتى أضحت كما نراها اليوم (قبل أن تتلاشى بعض المباني الأثرية المهمة بفعل الإهمال أو الحرائق والانهيارات لاحقا وإقناع الملاك في قبول مبدأ المحافظة على المباني التاريخية وترميمها، وإعادة إحياء بعض الحرف اليدوية القديمة وإنشاء مطاعم شعبية، لتتحول معها المنطقة لمدينة تاريخية عالمية وتحفيز رجال الأعمال للاستثمار في إنشاء مشاريع تجارية متميزة (خارج نطاق المنطقة التاريخية) تنعكس على إحياء المنطقة وكنا مشغولين بالسفر إلى الأماكن التاريخية في الدول العربية والأجنبية للاستفادة من تجاربهم وبدأنا العمل بما يرضي الله ثم جاء قرار نقلي رئيسا لبلدية تبوك فتركت المشروع وسلمت لسعود القفيدي 1200 بيت أثري في ذلك الوقت فيما لا تتجاوز 600 بيت حاليا، وما أعرفه أنه تمت توسعة صلاحيات الفرع لتخرج عن إطار المنطقة التاريخية فضعف الاهتمام، ولا أنسى أن أضيف وأفتخر بأني من اكتشف وجود قلعة سور جدة، الذي كان داخل نطاق المستشفى العام في باب شريف ومحاط بمجموعة من المباني الحديثة حيث تم إزالة المباني الحديثة من حول القلعة وتم تحويل الموقع لساحة عامة وإظهار القلعة كمعلم تاريخي وإقناع الشركة المخططة لتحويل ميناء جدة القديم (البنط) لمتحف عام.
• الكل يرى أنكم فشلتم في معالجة مشكلات جنوب جدة المتأزم دائما؟
- جنوب جدة عانى من مشكلة تخطيطية رئيسة وتشخيص خاطئ التفت إليه الآن وهو عدم وجود مدخل رئيس والمشكلة وجود الميناء ثم بترومين ثم القاعدة البحرية وكلها قطاعات أمنية، ولم تكن هناك مداخل واضحة وصريحة والآن شارع الأمير ماجد سيخترق وينفذ للجنوب كما أن الخط الشرقي الجديد سينفذ من جهة مستشفى الحرس الوطني إلى الكورنيش الجنوبي وستغير هذه المسارب من الوضع.
• لماذا رفضت ترشيح نفسك للمجلس البلدي رغم الدعم الذي تلقيته من الناخبين ؟
- الحقيقة أنني استلمت بطاقة الترشيح للمجلس البلدي لكنني بعد الاطلاع على النظام رفضت ترشيح نفسي لأنه لا يصح أن يرفع جهاز رقابي توصياته للجهة التي يتبع لها فهنا لا يكون للعمل فعالية، ومن الأولى أن يرفع الجهاز الرقابي توصياته لجهة رقابية وإلا أصبح وقتنا مهدر بلا فائدة .
• اعترضت على فكرة تحويل حي الكندرة إلى ما يشبه سوليدير بيروت وقلت إن منطقة الحمراء أولى بهذا الاهتمام وأنه قرار صحيح في مكان خاطئ ؟
- الحمراء منطقة بكر وجديدة وتستطيع أن تشكلها بالطريقة التي تريدها وامتداد طبيعي لمنطقة البلد وكان يمكن لها أن تكون أجمل من الآن بكثير وللأسف أنها أصبحت اليوم منطقة شقق مفروشة وبطريقة متكدسة ومشوهة.
• كنت تبصم على قرارات غير مقتنع بها؟
- لم يحدث وأتذكر في أحد الاجتماعات في الوزارة أن طرحت فكرة إنشاء هيئة خاصة بالأراضي في معزل عن البلديات فاعترضت على الفكرة بصفتي رئيس بلدية تبوك واتضح أن المعترض الثاني المهندس محمد سعيد فارسي فيما هز البقية رؤوسهم بالموافقة والحمد لله أنها فكرة لم تتم .
• بصراحة.. هل خرجت بصداقات أم بعداوات أكثر من عملك؟
- أنا خسرت أهل وأصدقاء بسبب العمل في البلديات ولذلك نجحت في تبوك لأنني لا أعرف فيها أحد ولم أستطع ذلك في جدة لكن المثل اللي يقول «جرب غيري تعرف خيري» عرفه الناس بعد أن تركنا مواقعنا فقد كنا نطبق النظام على الكل دون استثناء، ولا أخفيك أنه كان هناك من يحفر لي بطريقة عجيبة خصوصا في الفترة الأخيرة من عملي في الأمانة ووجود قلة من الصادقين معي إلا أنني كنت مقتنعا بأنني أؤدي عملي بما يرضي الله سخط من سخط ورضي من رضي.
• وكيف ترى جدة قبل وبعد عادل فقيه ؟
- أنا أحترم في عادل فقيه أنه نظم الأمانة داخليا بمستوى عال وأصبح إنجاز المعاملات سهلا عن طريق النت، وأكبر فيه المشاريع القائمة حاليا في الطرق وينسب له التنفيذ وليس التخطيط المعد من قبله، وأخذ عليه المركزية بسحب الصلاحيات من البلديات مما تسبب في تعقيد كروكيات البناء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.