في الوقت الذي بدأ فيه «الفتح التدريجي» في لبنان وفقاً للتقارير الرسمية حول انحسار جائحة كورونا، تواجه حكومة حسان دياب «إغلاقا» يبدو تدريجياً لكل الآفاق الممكنة والفرص المتاحة في «مواجهة التحديات» كما ادعت يوم تشكيلها. فاستمرار الحكومة أو السلطة التي تديرها بوتيرة عملها الراهن، وتصاعد الضغوطات عليها، إذ إن المجتمع الدولي الذي لم يمارس حتى الآن أية ضغوط علنية عليها، إلا أن عدم تجاوبه مع إصلاحاتها المزعومة يعتبر ضغطا مبطناً على وضعها الحرج الذي يحتاج إلى سيولة في أسرع وقت ممكن وهذا ما لن تحصل عليه عاجلاً أم آجلاً وفقاً للمعطيات التي سربها دبلوماسيون غربيون في بيروت. أما الضغط الداخلي فبدأ يتعاظم مع استعادة اللبنانيين زخم تحركاتهم في ساحات بيروت وطرابلس والبقاع وصيدا، وهذه التحركات الموجهة ضد الحكومة والسلطة من شأنها إضعاف موقف لبنان التفاوضي مع صندوق النقد الدولي مايعرض الخطة الإنقاذية لخطر السقوط، فالإصلاحات المذكورة يبدو أنها غير قابلة للتنفيذ وهي مجرد بنود «حشو» لدعم الخطة المزعومة. وعليه فإن الحكومة باتت قاب قوسين أو أدنى من الوقوع تحت الحصار، لأنها ما زالت تمارس المراوحة في ملف التعيينات الإدارية والمالية لأسباب وذرائع مختلفة، وخضوعها للتهديدات المتلاحقة التي تتعرض لها من مكوناتها بالانسحاب، بدءا من الرئيس نبيه بري مروراً بجبران باسيل ثم سليمان فرنجية وصولا إلى طلال أرسلان لفرض شروطهم وضمان مغانمهم من جسد لبنان المنهك، بالإضافة إلى ضعف الموقف خلال المفاوضات الجارية مع صندوق النقد نتيجة عدم توحيد الأرقام والتأخر في الإصلاحات ودخول أطرافها في نزاعات وخلافات سياسية مصلحية. ومن أسباب وقوعها تحت الحصار أيضا، ضعفها في تنفيذ الإصلاحات بدءا من ملف الكهرباء والتهريب عبر المعابر غير الشرعية، وتحذير أمين عام حزب الله من اللمس بأي معبر يستخدم لتهريب المقاتلين والسلاح، فضلا عن استعادة اللبنانيين زخم تحركاتهم وثورتهم بعد هدنة قسرية فرضتها أزمة كورونا. ويبدو أن الشارع عائد بمعطيات جديدة، فالأزمة الاقتصادية والتغيير المنشود للطبقة السياسية لم يعد وحده مطلبهم، فالعين الآن على سلاح حزب الله تطبيقاً للقرار 1559، وما يمكن أن ينتج عن هذا المطلب من تداعيات قد لا تكون في الحسبان. حكومة حسان دياب ومنذ تشكيلها تفتقر إلى التماسك والاستقرار والرؤية والخطة الإنقاذية وآلياتها الإصلاحية الحقيقية، فمن دون هذه المقومات لا مجال لكسب ثقة الداخل أو الخارج، وكل ما حصل خلال المئة يوم الأولى لها في الحكم نال من صدقيتها وصورتها، على عكس ما أشاع رئيسها ووزراؤه الذين انبروا يتحدثون في كل مناسبة عن الإنجازات التي حققوها.