يستعد لبنان لدخول حقبة جديدة مع انطلاق المفاوضات المباشرة مع مسؤولي صندوق النقد الدولي الهادفة إلى عقد اتفاق برنامج تمويل بقيمة 10 مليارات دولار، توازيا مع الشروع المزعوم بتنفيذ خطة التعافي المالي والاقتصادي التي أقرتها حكومة حسان دياب، التي سيتم اعتماد صيغتها النهائية في ضوء ملاحظات المؤسسة الدولية والمرجعيات المحلية المعنية بالتشريع والتنفيذ وإدارة النقد والمصارف على مدار السنوات ال5 القادمة. ويثار السؤال حول جدية السلطة وما إذا كانت هذه الطموحات ستصطدم بقدرة الدولة على الالتزام بالبرنامج الإصلاحي الشامل، في ضوء التجارب غير المشجعة التي اختبرها المجتمع الدولي سابقا؟ وقد حذر مراقب مالي السلطات اللبنانية، من أن عليها أن تدرك أن التعاقد مع الصندوق يختلف عن التعاملات السابقة مع الدول والمؤسسات المانحة التي لبّت طلبات الإعانات والدعم في مؤتمرات باريس الثلاثة. ولفت إلى أنه سيكون على أجندة الصندوق اهتمامات أخرى من خلال عملية التقصي عن مدى استجابة المجلس النيابي وكتله الرئيسية لإقرار القوانين المتعلقة بتغطية الفجوة المالية والتركيز على دور القطاع المالي، وخصوصا السلطة النقدية والجهاز المصرفي، وتفاعلهما مع المعادلة المقترحة لتوزيع الخسائر. الجولة الأولى ستتبعها جولات مكوكية ولن تبقى محصورة بالمفاوضات بين الصندوق والحكومة وإنما ستشمل لاحقا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف والهيئات الاقتصادية لما لكل هؤلاء من ملاحظات. يذكر أن موقف حاكم المصرف بعدم مشاركة السلطة النقدية في إعداد الخطة الحكومية سيثير تساؤلات إضافية بشأن انسجام الأطراف الموكلة بتنفيذ الآليات المالية والنقدية للخطة، فيما تعكف جمعية المصارف على إنجاز خطة بديلة، تنشد أن تلقى تأييدا من قبل أعضاء وكتل في المجلس النيابي، كما ستسلمها إلى مسؤولي الصندوق خلال الاجتماع بهم في بيروت، أو ترسلها مباشرة إلى الإدارة المركزية للمؤسسة في واشنطن. وبحسب مصادر مطلعة، فإن جمعية المصارف تركز على وصف خطة الحكومة بأنها ليست اقتصادية، بل محاسبية، وهي بصيغتها الحالية غير دستورية، وستنتج تحديات قانونية من شأنها أن تؤدي إلى أحكام قضائية تحجب جوانب حاسمة فيها، وبالتالي لا يمكن تنفيذ خطة مشكوك فيها قانونيا بأي طريقة ممكنة.