انتقد أعضاء بمجلس الشورى في جلسة تناولت أداء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة»، انتقدوا الهيئة، ووصف بعض الأعضاء أداءها بعدد من الأوصاف منها ب «الضعيفة» و«البطيئة».. و«المترددة».. مشيرين إلى أنها انشغلت بمسائل فساد هامشية وأن إجراءاتها تضعف من دورها، كما تجاهلت 56% من الجهات الحكومية استفساراتها. *** ما توصل إليه المجلس من ملاحظات وتوصيف لعمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد هو وصف لا يبتعد عن الحقيقة حول أداء «نزاهة»، لكنه أيضاً ينطبق على أداء بعض المؤسسات والهيئات الحكومية الأخرى وعلى رأسها مجلس الشورى نفسه!! وكان أخشى ما أخشاه عندما أنشئت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد هو أن تكون جهازا جديدا يضاف إلى أجهزة الدولة العاملة في مجال الرقابة دون أن يتأتى من إنشائه إلا تشتيتا في الجهود، وزيادة في الأعباء، وتوظيف عدد من شبابنا فتساهم بذلك في حل مشكلة البطالة.. ولا تزيد!! *** لقد أعطى ولاة أمرنا الدعم والمساندة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد حتى تتمكن من القيام بواجبها على الوجه المطلوب. فالهيئة، بموجب الأمر الصادر بإنشائها، ترتبط مباشرة بالملك، وهو ما يعكس مدى حرصه -حفظه الله- على أن لا يكون لإنشاء هذه المؤسسة الرقابية أي عوائق تحدّ من مهمتها في أداء رسالتها ومنحها الدعم المباشر من القيادة. لذا فإذا كان رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، قد عمد إلى سياسة الشفافية في التواصل مع أجهزة الإعلام وكشف بعض جوانب البيروقراطية الإدارية، وبعض مكامن الخلل، "فإن بمقدوره اللجوء مباشرة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، ووضعه في صورة العقبات التي تعترض طريق مكافحة الفساد، ليحظى منه بالدعم اللازم لإنجاز مهامها". *** إن عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد - حتى الآن- لا يتجاوز التصريحات وإلقاء اللوم على الأجهزة الحكومية المخالفة والإعلان عن تقصيرها وعدم تجاوب بعض قطاعات من أجهزة الدولة معها وعدم ردّها على مكاتباتها وملاحظاتها. وهي هنا لا تخرج عن كونها جهاز نصح وإرشاد، خاصة مع توالي رسائل ال SMS على أجهزة الهواتف النقالة لنصح المواطنين بالأمانة والاستقامة والعمل الجاد.. الخ. وهي توجيهات تقوم بها أجهزة أخرى كثيرة. و«نزاهة» إذا اختصرت عملها على النصح والإرشاد فإنها ستتحوّل- مع مرور الوقت - إلى أسد بلا أنياب.!! *** وأنهي بالتأكيد مع الكاتب محمد عبدالواحد بأن «نزاهة» حلم جميل ورائع لو تحقق لاستقامت العديد من أمور حياتنا. ومعركة الفساد مشوار صعب ومعقّد وبالغ الغموض والمحاذير.. ووجوه خفيّة وأقنعة زائفة لا يستبين معها الحق من الباطل.. ولا الراشي من المرتشي ولا الخطأ الذي يلبس وجه الصواب.. ولا المذنب من البرئ. ولن يستقيم الأمر إلا حين يتحوّل هذا الحلم إلى واقع.. وحين تنتقل الهيئة من كونها مجرد "شاهد" على الفساد، لتكون محاربة للفساد.. خاصة وأنها تحظى بالدعم الملكي.. وتحمل آمال وتطلعات المواطنين للعيش في حياة بلا فساد.. ولا محسوبية. * نافذة صغيرة: (كيف يمكن مكافحة الفساد ونحن نادرا ما نرى عقوبات صارمة بعد إثبات وجود مخالفات، ولا نعلم هل يتم استرداد الأموال المنهوبة أم لا.. كيف يمكن مكافحة الفساد، وكل من المؤسسات الرقابية تدور في فلكها بلا تنسيق ولا تعاون مع أن أدوارها متكاملة ومهمّتها تحتاج إلى ترسانة من الأنظمة الصارمة والصلاحيات الواسعة والجهود الحثيثة الجادة).. د. حنان الأحمدي.