المملكة ترتقي بجهود التنمية المستدامة عبر 45 اتفاقية ومذكرة تفاهم    النفط يتراجع مع عودة التركيز إلى محادثات السلام في أوكرانيا    ترامب: سنشارك في اجتماع أوكرانيا بشرط وجود فرصة جيدة لإحراز تقدم    بوتين يعلن الاستيلاء على بلدة سيفيرسك الأوكرانية    الاتحاد الدولي يختار"كنو" رجل مباراة السعودية وفلسطين    كنو: سعيد بتسجيل هدف الفوز على فلسطين وهدفنا تحقيق كأس العرب    الأدب وذاكرة التاريخ    قلم وشمعة وإدارة    أسبوع الفرص والمخاطر للسوق السعودي    الجريمة والعنف والهجرة تتصدر مخاوف العالم في 2025    معرض جدة للكتاب 2025 يسجل إقبالا كبيرا في يومه الأول    المرونة والثقة تحرك القطاع الخاص خلال 10 سنوات    العمل التطوعي.. عقود من المشاركة المجتمعية    القبض على 7 إثيوبيين في عسير لتهريبهم (140) كجم "قات"    مشروعات نفطية عالمية ب25 مليون برميل يومياً لتوازن السوق    نائب أمير الرياض يعزي أبناء علي بن عبدالرحمن البرغش في وفاة والدهم    السعودية تتفوق على فلسطين وتتأهل لنصف نهائي كأس العرب    مدينون للمرأة بحياتنا كلها    المغرب لنصف نهائي كأس العرب    بيلينجهام يثق في قدرة ألونسو وريال مدريد على التعافي رغم الضغوط    كتاب جدة يستهل ندواته الحوارية بالفلسفة للجميع    وفاة طفلة رضيعة في غزة بسبب البرد الشديد    القصبي يشرف مهرجان المونودراما بالدمام.. وتتويج عشرة فائزين في ليلة مسرحية لافتة    نائب أمير جازان يستقبل الدكتور الملا    خوجة في مكة يستعرض تاريخ الصحافة السعودية ومستقبلها الرقمي    يوم الجبال الدولي مشاركة واسعة لإبراز جمال تضاريس السعودية    القيادة تهنئ رئيس بوركينا فاسو بذكرى يوم الجمهورية لبلاده    روضة إكرام تختتم دورتها النسائية المتخصصة بالأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز    رئيس الخلود: صلاح غير مناسب لدوري روشن    برعاية محافظ صبيا المكلف"برّ العالية" تُدشّن مشروع قوارب الصيد لتمكين الأسر المنتجة    طرق ذكية لاستخدام ChatGPT    ريما مسمار: المخرجات السعوديات مبدعات    فعاليات ترفيهية لذوي الإعاقة بمزرعة غيم    ممدوح بن طلال.. إرثٌ لا يرحل    مهرجان البحر الأحمر.. برنامج الأفلام الطويلة    أمير المدينة المنورة يستقبل تنفيذي حقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي    استضعاف المرأة    مستشفى الملك فهد الجامعي يعزّز التأهيل السمعي للبالغين    «طبية الداخلية» تقيم ورشتي عمل حول الرعاية الصحية    تطعيم بلا بروتين بيض    في سادس جولات اليورباليج.. مواجهة حاسمة بين سيلتيك غلاسكو وروما    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    المملكة تعزز ريادتها العالمية في مكافحة الجفاف    اتفاقيات مليارية لدعم القطاعات التنموية    «مسألة حياة أو موت».. كوميديا رومانسية مختلفة    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    أمير الشرقية يسلّم اعتماد "حياك" لجمعية «بناء»    زواج يوسف    الأرض على موعد مع شهب التوأميات    في ذمة الله    ترفض الإجراءات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي.. السعودية تكثف مساعيها لتهدئة حضرموت    وسط ضغوط الحرب الأوكرانية.. موسكو تنفي تجنيد إيرانيين وتهاجم أوروبا    بيروت تؤكد سيادتها واستقلال قرارها الداخلي.. رفض لبناني رسمي لدعوة إيران    دراسة تكشف دور «الحب» في الحماية من السمنة    استئصال البروستاتا بتقنية الهوليب لمريض سبعيني في الخبر دون شق جراحي    ضمن المشاريع الإستراتيجية لتعزيز الجاهزية القتالية للقوات الملكية.. ولي العهد يرعى حفل افتتاح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يكتئب السعودي ويشتكي من وطنه؟

لا شك أننا نفسد حياتنا بأيدينا عندما نمارس ازدواجيتنا في حياة داخلية محلية مختلفة تماما عن حياتنا السياحية الخارجية، سنظل حزانى في وطننا نتحين كل إجازة طالت أو قصرت لكي نشد الرحال بحثا عن سعة الصدر
نعاني في هذا الوطن الكريم من مآخذ عدة على مستوى التعليم أو الصحة أو الخدمات أو الفساد والواسطة والمحسوبية، أو سواها من المتطلبات التي نرفع بها عقيرتنا، وننهك فيها حبالنا الصوتية، ونسكب عنها الأحبار، ونسود بها الصفحات في ال"فيس بوك" وال"تويتر".. وكل ذلك إنما هو أحيانا نتيجة التزيد في المطالبات طمعاً في الأفضل والأكثر والأكبر في كل شيء، لكننا صرنا نعاني أحياناً من الجأر بالشكوى من كل شيء، ولا نرى من الإيجابيات والإنجازات شيئاً.. لكأن أبصارنا أصابها الضر.
ولا شك أن هذه الوتيرة الوطنية الشعبية من التطلب والتطلع تحمل كثيرا من الحق في ذلك، لعلمها بمقدرات الوطن الفائضة والرحبة، لكنني مع ذلك كله أظن أن مد الشكوى والتذمر من كل شيء قد تجاوز الحد، على نحو صار يفقد المواطن لذة العيش في وطنه، ويحرمه الشعور بالقناعة في كون حاله موجبا للشكر بالنظر إلى حال كثير من الشعوب والأقطار. فليس من المنطق في شيء أن نعمد من فورنا إلى مقارنة حالنا في هذه الدولة الشاسعة وفي هذا الحشد السكاني بأي دولة خليجية لا تتعدى في مجمل مساحتها إحدى مدننا الكبرى، ولا يشكل سكانها مقارنة إلا كما تقارن بين عدد سكان إحدى هذه الدول المجاورة مع سكان إحدى المدن السعودية المتوسطة.
أعلم أن كلامي هذا قد يجر عليّ حشدا من المتذمرين المتعجلين الذين يمكن لهم إدراجي – على الفور- في عداد المطبلين، المنافقين، لكن بشيء من العقل والمنطق الرياضي والمقارنة المنصفة ستجعل كل فرد منهم يدرك أن الرياض لوحدها تتجاوز الدوحة والمنامة ومسقط في نهضتها العمرانية مجتمعة، وتفوقهم في مساحتها وسكانها وما يقتضيه ذلك من طرق وبنية تحتية ومياه وكهرباء وطاقة.. ونفس الأمر ينطبق في حال المقارنة كمياً بين مدينة كالرياض ومدينة جميلة كدبي يتوافد إليها السعوديون أفرادا وركبانا في كل سانحة، وما سبب ذلك إلا شأن اجتماعي ليس له علاقة بالنماء والتطور المادي، فإن سعادتنا التي نستشعرها في دبي أو المنامة وكآبتنا التي نشعرها في الرياض أو جدة أو الدمام لا سبب لها إلا ازدواجيتنا التي تسعد وهي ترتاد السينما في المنامة، وتشاهد أحدث الأفلام في دبي بصحبة العائلة في أجواء منضبطة تخلو من التحرش وترضخ للانضباط القانوني السائد. يضاف إلى ذلك تلك الجولات العائلية المكوكية على الأسواق والمخازن الكبرى والمولات التي تتواصى بذكرها الأسر السعودية في دبي رغم توفر مثيلاتها في الرياض وجدة والدمام، لكن الحال الاجتماعي والبساطة العفوية تجعل للسوق هناك بصحبة العائلة التي تجلس متجاورة في المطعم والمقهى طعماً فارقاً، فيما يسود التوجس والحذر والخوف والحرج والعيب في الرياض، وإن على نحو أقل في جدة، وتنتشر "القواطع" أو "البارتشنات" بين العوائل وكأن العوائل في الرياض تخرج لتعاقب نفسها عندما تنعزل لمجرد أن تأخذ صاحبة الصون والجلال راحتها وتكشف عن وجهها حتى وهي قد تجاوزت حد الفتنة ودخلت منذ أمد طويل نطاق القواعد!!
لا شك أننا نفسد حياتنا بأيدينا عندما نمارس ازدواجيتنا في حياة داخلية محلية مختلفة تماماً عن حياتنا السياحية الخارجية، والشواهد على ذلك تعرفها وتلمسها أنت يا من تقرأ المقال، ويدركها كل مواطن تعود السفر في أرض الله مثل كل السعوديين الذين تراهم في لندن وباريس وجنيف وبيروت ودبي والمنامة خلاف ما هم عليه في الرياض ومكة وجدة والدمام والخبر وبريدة وتبوك.. وقد أسمح لمن لم يدمن السفر أو لم يغادر الوطن أن يختلف معي لأنه محق في إنكار ما لم يشاهده، فليس من قعد كمن سافر، وليس من رأى كمن سمع، ولست ضد الشكوى لكنني ضدها إذا كنا سببها، وضد أن نكتئب ونحن جالبو الكآبة، وضد أن نلوم الحكومة فيما لا شأن لها فيه، فهي منسجمة مع المد السائد والعرف العام، وستنحاز دائما لمن لهم الغلبة فهي تحقق رغباتهم باعتبارهم الأكثرية، ولأن الأكثرية فينا مزدوجون ولدى كل منهم شخصيتان، واحدة سعودية محلية وأخرى خارجية، فإننا سنظل حزانى في وطننا نتحين كل إجازة طالت أو قصرت لكي نشد الرحال بحثاً عن سعة الصدر، ونجعل الوطن مجرد ورشة عمل وموطن ارتزاق، حالنا في ذلك كحال كل الوافدين والعمالة الذين يأتون إلينا ليتزودوا ويبعثوا بمحصولهم للوطن.
دعونا نترك التذمر ومر الشكوى من أوضاعنا ثم تعالوا بنا نبحث عن عناصر الهروب التي تدفعنا للخارج في كل فرصة، فنقطع جذورها، ونحدد أسباب السعادة التي تجعلنا نحلق في الحبور خارج الحدود ولنجلبها إلى الداخل لتكون مدننا أرحب ونكون فيها وبها أسعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.