عندما نتأمل ذواتنا ندرك حجم الشبه الكبير بيننا وبين هذه الأرض بما فيها من تضاريس فما السطح إلا (الأنا) وما العوامل المناخية إلا (عواطفنا) ، هذا التناغم الكوني يثير تساؤلاً عميقاً حول محاولة انعتاق الإنسان من طينة الأرض، أحيانا نصبح أنا وأنت في القمم ، ونسقط أحيانآ أخرى في الهاوية، ثم ننهض لنستكمل عمليات الترميم وردم الحفريات ونحول عقبات الهدم إلى محطات بناء . وبين مد وجزر ، ورغم حدوث تشققات الزلزال لضعف قشرتنا الأرضية وتحكم الهوى فينا إلا أنه تبقى في باطننا براكين خامدة لم تثر وتجاويف لم نعبرها وكهوف لم ندخلها ونستكشف كنهها ووديان لم نجوبها وطرق كثيرة لم نسلكها، كل هذا الخلق العظيم فينا ومع هذا نخاف أن تطأ أقدامنا عتبة التساؤل لنفتح بوابة الفكر ونلج عبر نافذة الشعور، ترى .. لماذا نخاف من المجهول؟ لماذا الإنسان عدو ما يجهل؟، حين يستثار تساؤل ويولد فكر نجعله بخوفنا يموت في مهده، لماذا يعتقل التساؤل ويقيد التفكير؟ من رسم الحدود في العقل؟ ومن كبل القيود؟ كل سؤال يخطر على البال هو قدر من الله وكل رغبة ما أوجدها الله فينا إلا لأنه سيستجيب، فلم نهرب من الأسئلة ؟ علينا التجاوب معها والبحث عن إجابات فالاجابة مفتاح لسؤال آخر وهذا مدعاة للتفكر والتأمل والتبصر. أيها العاقل لا تسد فوهة سيل الأسئلة فما سالت إلا لتروي العقول ونخرج منها بقوة أكبر وأكثر وخبرة أعمق وأصدق وحكمة أبلغ وأرشد، كن شجاعاً واقتحم حصون وقلاع الأسئلة ، ولا تهاب الحيرة ، فما التفكير إلا سلاحاً ثقيلاً مُنهِكاً ، ولكن الضغط على الزناد كفيل بأن تقتنص الحق من الباطل وتصل إلى النور (والله نور السموات والأرض) ففي دواخلنا كتب غير مكتوبة.