هي الذكرى... ذكرى الرجال، رجال حين يأتون تتغير الدنيا على يديهم، ويشاء الله أن يأتي إلى الدنيا الدكتور غازي القصيبي، ليصنع ملحمة خلال سني عمره ويرحل بهدوء، غريب أمر هذا الرجل، رجل من الطراز الأول في إنجازاته، إن شئت فسمه المدير أو الأكاديمي أو الدكتور أو الوزير أو السفير أو الأديب أو الراوي أو الكاتب، حين تجتمع كل هذه الصفات في رجل من الرجال ترى فيه روح التعالي والكبرياء، على الأقل لما أنجزه في حياته، لكن فقيد الوطن اتصف مع كل هذه المسميات بالتواضع والإخلاص والوطنية والأمانة والنزاهة وحب الناس وحسن الإدارة وحب القراءة وتنظيم الوقت، جامعاً كل هذه الصفات في قالب من البشاشة الدائمة وحسن الأخلاق؛ ليصبح بعد ذلك علماً من أعلام المملكة، ورجلاً من رجالاتها الذين يشار إليهم بالبنان. كتابنا لهذا اليوم، هو كتاب يتحدث حول هذه الشخصية الكاريزمية، كتبه الصديق الوفي لفقيد الوطن الدكتور جميل بن عبد الله الجشي، كتاب يحكي قصة وفاء من جميل لأجمل، ومن وفي لأوفى، قصة امتدت عبر سني العمر بين الرجلين، كانت تكبر كل يوم عن سابقه، وتزيد كبراً كلما جمعت الأيام بين هذين الرجلين، هو كتاب من القطع المتوسط، بلغت عدد صفحاته اثنتين وأربعين صفحة، بدأ المؤلف الكتاب بنبذة مختصرة عن حياة الفقيد فبين أن الفقيد ولد في الهفوف عام 1359ه ونشأ وتعلم في البحرين، وحصل على البكالوريوس في القاهرة، بينما حصل على الماجستير في أمريكا، أما الدكتوراة فحصل عليها في إنجلترا في تخصص القانون والعلاقات الدولية. اتصف بالتواضع والإخلاص والوطنية والأمانة والنزاهة وحب الناس وحسن الإدارة وحب القراءة وتنظيم الوقت، جامعاً كل هذه الصفات في قالب من البشاشة الدائمة وحسن الأخلاق؛ ليصبح بعد ذلك علماً من أعلام المملكة شغل الفقيد وظائف كثيرة ومتتالية منها: أستاذاً مساعداً وعميداً لكلية التجارة فمديراً عاماً لسكة الحديد بالدمام فوزيراً للصناعة والكهرباء فوزيراً للصحة فسفيراً للمملكة في البحرين فوزيراً للمياه والكهرباء وأخيراً وزيراً للعمل، ألف ما يناهز الستين كتاباً في الشعر والرواية والتنمية والسيرة، وكان محاضراً من الطراز الأول، اختاره الله في اليوم الخامس من رمضان للعام 1431ه. أكد المؤلف أن»هوس غازي بالنزاهة جعله يذهب إلى حدود قلما اهتم لها غيره وسياسته أربكت أصحاب المصالح الخاصة»سمع المؤلف باسم غازي في بداية عمله بالرياض أواخر الستينات، والتقى به لأول مرة في مبنى سكة الحديد من باب الفضول الزائد لمعرفة هذا الرجل لتبدأ بعد هذا اللقاء قصة حب وإخلاص وتفانٍ بين الرجلين. تحدث الدكتور جميل بعد ذلك عما حدث بعد اللقاء الأول، وعن الضائقة المالية التي ألمت به، والعتاب اللطيف بينه وبين الفقيد، والعمل الجديد الذي كلف به، وترشيح الفقيد للمؤلف لقيادة المشروع العملاق في الجبيل، والتوجيهات والملاحظات التي كان يتلقاها من الفقيد، ومؤسسة الكهرباء وقصة، تراب الوطن، وإغلاق المؤسسة، ووكالة الوزارة، ووزارة الصحة. تحدث بعد ذلك عن مستشفى الهيئة، والمبدأ الذي أسسه الفقيد للخدمات الصحية، حتى أن جميل لم ينس الوصفة الطبية التي أرسلها لها القصيبي رحمه الله والروح الديمقراطية التي كان يتمتع بها فقيد الوطن، وسياسة إدارته وآلية تعامله مع شكاوي المواطنين والزيارات المفاجئة التي يقوم بها وقصة مستشفى القطيف المركزي، وأفرد الجزء الأخير من الكتاب عن الصداقة التي جمعت الفقيد مع الجشي، وأزمة الكويت ومنجزات الوطن وإنتاجه الأدبي والتحديات الكبيرة.