بقلب صابر ونفسٍ راضية استقبلت أم عبدالله أبناءها الخمسة التوحديين لتنتقل معهم إلى رحلة من المعاناة والألم، إلى عالم من الحزن والقلق، رحلة بدأت منذ أن عرفت أن ابنها الكبير عبدالله مصاب بالتوحد فكانت هذه الصدمة هي منطلقاً للعائلة بأكملها إلى الخوف من المستقبل القادم، هذا الخوف بدأ يتفاقم عندما أنجبت أم عبدالله ابنها الثاني جهاد الذي لم يبتعد كثيراً عن أخيه عبدالله في مرض التوحد، ولم يتوقف الأمر إلى هذه المرحلة حيث إن الأسرة موعودة بأمر الله تعالى بطفل ثالث ورابع وخامس وجميعهم توحديون .. اللهم لك الحمد، أنت الرازق ! بهذه العبارة بدأت أم عبدالله حيدثها « لليوم» قائلة من أين أبدأ الكلام وكيف أشرح لكم ما أعيشه من مأساة وهم ؟! فالأسرة إذا كان فيها ابناً معاقاً أو توحدياً واحداً لا تكاد تطيق العيش فما بالكم بخمسة أطفال!، عبدالله ومحمد وجهاد وتركي وسعد كلهم أبنائي وكلهم توحديون ولا أقول إلا اللهم لك الحمد ولك الشكر، ولا أخفيكم سراً إذا قلت أن علاقتي مع والدتي واخواتي وأسرتي انقطعت فلا زيارات ولا حضور مناسبات ولا أماكن ترفيه والسبب أن أطفالي يحتاجون إلى متابعة ورعاية دقيقة في كل ما يفعلونه، فهذا يبكي وهذا يتبول على ملابسه وهذا يعبث بالأشياء الخطيرة وذاك يخرج إلى الشارع وذاك مريض ويصرخ من الألم .. وأنا بين هذا وذاك أصبحت مثل المجنونة فلا أكاد أجمعهم ولا أكاد أطيق الحياة لولا أن الله عز وجل يلقي علي الصبر . أمنيتي أن يلتحقوا في مراكز شموع الأمل لأنها المحضن المناسب للتوحديين وذلك لما فيها من برامج تخفف من حaدة التوحد، وتجعل الطفل على الأقل يستطيع أن يتكيف مع بيئته وتضيف أم عبدالله: لا أعلم في المملكة بكاملها أم لديها خمسة توحديين إلا أنا، وهذا بحسب كلام المسؤولين، وعن أعمار الأطفال تقول أم عبدالله: يبلغ عبدالله من العمر عشر سنوات، ومحمد تسع سنوات، وجهاد سبع سنوات، وتركي خمس سنوات، وسعد ثلاث سنوات، وليس لي أطفال غيرهم. وعن أوضاعها المادية تقول أم عبدالله: إن زوجها موظف في القطاع الأمني وراتبه لا يكاد يكفي لمتطلبات الأسرة فالإيجار السنوي بثمانية عشر ألف ريال، رغم أن المنزل شعبي ولا أخفيكم سراً فإن عمل زوجي تكفل بمتابعة ثلاث حالات وهم عبدالله ومحمد وجهاد، وبقي في المنزل سعد وتركي فهم لا يجدون الرعاية وأمنيتي أن يلتحقوا في مراكز شموع الأمل لأنها المحضن المناسب للتوحديين وذلك لما فيها من برامج تخفف من حدة التوحد، وتجعل الطفل على الأقل يستطيع أن يتكيف مع بيئته، والمشكلة في الأمر أن تكلفة انضمام الواحد من الأطفال هي 40 ألف ريال للسنة أي أن الطفلين بقيمة 80 ألف ريال، ونحن لا نملك قيمة الإيجار ولا قيمة المصروفات اليومية ولا قيمة الفواتير فكيف نستطيع توفير رسوم التحاق أطفالي في مركز شموع الأمل . وقد ناشدت أم عبدالله سمو أمير المنطقة الشرقية -حفظه الله- وأهل الخير ورجال الأعمال في أن يقفوا معها في مأساتها وأن يتكفلوا بضم أبنائها تركي وسعد إلى مراكز شموع الأمل مشيرة أنها تعاني من الأمراض النفسية جراء ما تلاقيه من صعوبة في رعاية أبنائها التوحديين.