قدمت فرقة مسرح الشباب السعودية الجمعة الماضية عرض مسرحية «ليس إلا» على مسرح كيفان بدولة الكويت، وهي من تأليف الكاتب الإماراتي عبدالله صالح وإعداد وإخراج وسينوغرافيا علي الغوينم، فيما مثّل شخصياتها عبدالله الفهيد وحسن الحرز وخالد الهويدي وعبدالإله المذن وعبدالله الشمري وعبدالرحمن العلي، وإضاءة عبدالله الغوينم، وذلك ضمن مهرجان الكويت لمسرح الشباب العربي. وكشف العرض عن ثلاث شخصيات تختبئ في مكان أشبه بقبو تحت الأرض وهم «شخص سكير» و«شيخ» و«مهندس إلكترونيات»، هربوا من حالة الضياع التي عاشوها في المجتمع ليكون قرارهم بالهروب والانزواء عن الجميع. حاول المخرج عبر «الفلاش باك» كشف الماضي الخاص بشخصيات العمل بحيل إخراجية وبقع ضوئية كسرت الرتابة التي يمكن أن تتسرب إلى المشاهد مع طول الحوارات، فحول الجزء العلوي من الخشبة إلى مسرح عرائس أثناء تذكر السكير لابنته، التي جسدت على شكل دمية، فيما استحضرت قصة المهندس عبر تقنية خيال الظل، فيما كشفت لوحة الشيخ عن معاناته وعيشه في أسرة مفككة. وبعد الاستهلال بالتعريف بالشخصيات تدخل الشخصية الرابعة، التي حاول مؤديها أن يمنحهم الامل للخروج من هذا القبو، لكن الشخصيات الثلاث ظلت أسيرة أحلامها وكوابيسها التي جسدها أيضا المخرج بشكل جمالي محسوس في صورة أشباح تبدو كتماثيل بيضاء لكن تحت إضاءة حمراء، وموسيقى هادرة لنراهم يتشحون بالسواد ويهاجمون المهندس ويشنقونه فى صورة كابوس. وفي الندوة التطبيقية، التي تلت العرض، قال د. محمد مبارك: من الواضح ان النص استوجب على المخرج ان يجد الكثير من الحلول لكسر رتابة مسرحيات الفصل الواحد، وهو مسرح ذو طبيعة خاصة من حيث محدودية المكان والزمان، وهذا ما فرض سلطته على هذا العرض المسرحي، الذي يبدأ بديكور عال ومرتفع يخيم عليه الكثير من السواد، مع تواجد كرسي أبيض واحد فقط، وهو يشير للتضاد والتناقض، فالسواد المتواجد يدل على الفراغ الذي يعيشه الجمهور، والشخصيات الثلاث التي تعاني من انفصال كامل عن بعضهم البعض وأيضاً عن واقعهم ومجتمعهم الذي يعيشوه، ولكي يؤكد المخرج هذه العزلة التي يعيش فيها أبطاله الثلاثة استخدم الحزم الضوئية لكل فرد منهم على حدة، التي كانت تتداخل فقط عندما يتم طرح قضية عامة تجمع الشخصيات الثلاث، والتماثيل الثلاثة الموضوعة في أماكن الشخصيات التي اتشحت بالبياض كما لو أنها أشباح، وكانت دلالة للكوابيس التي عاشها الشباب، والتي سنكتشف بمرور النص بأنها بالفعل كذلك، وبأنها ستعود للحياة لتعيش ضمن حياة حمراء، وهذا أيضاً يؤكد ما أشرنا له الى أن النص يحمل الكثير من الرتابة، ما جعل المخرج يلجأ للكثير من الحيل حتى يتغلب عليها. أما المؤلف عبدالله صالح الرميثي، فقال في كلمته: سعيد جدا بتواجدي في المهرجان، فلم يتسنّ لي حين عرض النص في المملكة العربية السعودية مشاهدته، فالظروف حالت دون ذلك، لكن عندما علمت بمشاركته في هذا المهرجان المهم كانت الظروف أفضل لأحضر وأشارك الجميع في مشاهدته، وكان نص العمل الذي يحمل في الاساس عنوان «كشته» من بين النصوص الكثيرة التي قدمتها للمخرج علي الغوينم، الذي استهواه وأكد أنه الأنسب بالنسبة له للعمل عليه، ووضع رؤيته الإخراجية عليه وهذا حق له. وقال المخرج علي الغوينم: نحن كأبناء الخليج مترابطون، لذا لم يكن هناك أي مشكلة في الاطلاع على الكثير من النصوص من كل دول الخليج، ولكن الصداقة الكبيرة والممتدة منذ عام 1988 مع المؤلف الرميثي جعلتني أتوقف عند التيمة الموجودة في نص «كشته»، التي تدور حول الحيرة التي يعيشها الشباب حول إيجاد الطريق والنور الذي يمشي عليه ليصل لأهدافه، وهو ما شجعني على تقديمها. وأجمع كل مَنْ عقبوا في الندوة على العرض بأنه بالفعل يستحق الاشادة لما يحمله من مضمون يستعرض واقعا يعيشه أغلب الشباب.