بين انشغال القوى السياسية بتأليف الحكومة واستعداد لبنان الشعبي والرسمي للاحتفال بالعيد الثالث والسبعين لاستقلال لبنان، تأتي زيارة الموفد السعودي مستشار خادم الحرمين الشريفين وأمير مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل لتضع لبنان من جديد على سكة العلاقات الأخوية مع مملكة الخير والدول العربية، خصوصاً بعد الدعوة التي نقلها سمو الأمير الى الرئيس ميشال عون بزيارة المملكة، في أقرب وقت ممكن، والتي تعد الزيارة الأولى له في العهد الرئاسي. إذاً، ما المعاني التي تضمنتها وما انعكاسات ذلك على الصعيد الداخلي وعلاقات لبنان مع محيطه العربي التي سعت بندقية «حزب الله» الى تشويهها؟. من جهته، لفت الوزير السابق ماريو عون في تصريح خاص ل«اليوم» الى ان «الأمير خالد والوفد المرافق له شرفنا بزيارة بلدهم الثاني لبنان وبزيارة الرئيس ميشال عون لتقديم التهاني له ولدعوته لزيارة المملكة»، مشدداً على ان «الرئيس عون ينتهج سياسة الانفتاح والتواصل مع كافة الدول العربية وخصوصاً مع المملكة التي طالما قدمت الكثير من الدعم للبنان، وهذا امر معتادة عليه كونها دولة شقيقة للبنان». وأكد أن «الرئيس عون سيلبي هذه الدعوة في القريب العاجل». وقال: لقد مر لبنان بمرحلة صعبة جرّاء الفراغ الرئاسي الذي دام سنتين الا ان المشهد الجامع والتواصلي السياسي الذي نراه اليوم بين الجميع سيكون نهج الرئيس عون بشكل أساسي ورئيسي للتعامل في المرحلة المقبلة». دلالة رفيعة ورأى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الغز في تصريح ل(اليوم)، «أنه لا بد من الوقوف عند مستوى الزيارة التي أراد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن تكون ذات دلالة رفيعة في تكليف صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وهو العليم تماماً بلبنان وتاريخه وله حضور مميز فيه، خلال العهود الماضية، بزيارة لبنان وتوجيه دعوة الى الرئيس ميشال عون بزيارة السعودية، أضف الى ذلك أن تكون هذه الزيارة بالتوقيت عشية الاستقلال بالإضافة الى ما تضمنته رسالة الملك لجهة وحدة لبنان وسيادته واستقلاله واحترام خصوصيته وعيشه المشترك، كل هذه المعاني تجسدت من خلال هذه الزيارة». وشدد على ان «لبنان تجاوز مرحلة الهبات»، مؤكداً أن «لبنان يحتاج الى مواقف سياسية أكثر مما يحتاج الى مواقف مالية وقتصادية». وختم: «عندما قال الأمير الفيصل ان زيارة فخامة الرئيس ميشال عون ستكون أول زيارة في المنطقة أي على المستوى الإقليمي والعربي للمملكة العربية السعودية، فهذا يعني أنها ستكون أول زيارة، ولو لم يؤكد له الرئيس هذه المعلومة لما كان حريصاً على إعلانها من قصر بعبدا تحديداً». زيارات وعشاء الحريري واستهلّ وفد خادم الحرمين الشريفين الذي تقدّمه مستشاره الأمير خالد الفيصل يرافقه وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار مدني والمشرف العام على مكتب أمير مكة المستشار عبدالله بن عابد الحارثي، إلى جانب القائم بالأعمال السعودي في بيروت وليد البخاري، جولته اللبنانية من قصر بعبدا حيث اجتمع برئيس الجمهورية الذي أكد للوفد الحرص على تعزيز العلاقات اللبنانية السعودية، معرباً عن «تقدير المواقف التي يتخذها العاهل السعودي تجاه لبنان، مع تشديد عون على أن لبنان حريص على الاستمرار في الدور الإيجابي الذي لطالما أداه في خدمة القضايا العربية المشتركة». وإذ التقى كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة ورئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام في المصيطبة، اختتم وفد خادم الحرمين زيارته في بيت الوسط حيث كان في استقباله الرئيس المكلف سعد الحريري الذي أقام مأدبة عشاء تكريمية على شرف الأمير الفيصل والوفد المرافق حضرها حشد من القيادات السياسية والروحية والأمنية والسفراء العرب المعتمدون في لبنان إلى جانب شخصيات وطنية واقتصادية واجتماعية وإعلامية. وخلال العشاء توجه الحريري إلى الأمير الفيصل بالقول: «إنّ توقيت الزيارة عشية عيد الاستقلال، إنما هو تعبير عن تمسك المملكة باستقلال لبنان وسيادته وازدهاره، تماماً كما أن رسالة هذه الأمسية الطيبة هي أن لبنان ملتزم بكل القضايا التي تحمل المملكة رايتها، بدءاً من استعادة الحقوق العربية وصولاً لمكافحة التطرف والإرهاب بكل أشكاله». مأدبة عشاء الحريري على شرف مبعوث خادم الحرمين لبنان ملتقى وفاق عربي بدوره، رد الأمير الفيصل على كلمة الحريري الترحيبية بالقول: «أحمل إليكم تحية خادم الحرمين الشريفين متمنياً لكم عيداً مباركاً وفاتحة خير إلى مستقبل عظيم لشعب عظيم وقيادات حكيمة»، مشيراً إلى أنه نقل إلى رئيس الجمهورية رسالتين من الملك سلمان، الأولى لتهنئته باختياره وانتخابه رئيساً، والثانية لتقديم الدعوة لفخامته لزيارة المملكة العربية السعودية، كاشفاً في هذا المجال أنّ «عون رحب وقبل الدعوة» على أن تبدأ بعد استكمال مشاورات تشكيل الحكومة وأن زيارته للمملكة سوف تكون الأولى من لبنان إلى أي بلد عربي. وفي حين أشاد بقدرة الشعب اللبناني «على صنع المستحيل»، ختم كلمته قائلا:«انقل لكم رغبة وتمنيات اخوانكم وأخواتكم السعوديين والسعوديات بأننا لا نريد لبنان ساحة خلاف عربي بل ملتقى وفاق عربي». ولاحقاً غادر الأمير الفيصل والوفد المرافق إلى جدّة عبر مطار رفيق الحريري الدولي حيث كان في وداعه ممثل الرئيس عون الوزير الياس بو صعب، بعد ما كان الوزير جبران باسيل في استقبال وفد خادم الحرمين لدى وصوله ظهراً ورافقه من المطار إلى قصر بعبدا.