عقد المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي مؤخراً، الجلسة الأولى من الدورة الثانية والعشرين للمجمع، التي بدأت أعمالها في مقر رابطة العالم الإسلامي برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وافتتحها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكةالمكرمة. وعُقدت الجلسة برئاسة سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية، بحضور معالي الأمين العام للرابطة الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، والأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي فضيلة الدكتور صالح بن زابن المرزوقي، وأعضاء المجمع المشاركين في هذه الدورة. وتم في الجلسة مناقشة الموضوع الأول من موضوعات الدورة وذلك بعنوان : التعويض المادي عن الضرر الأدبي أو المادي غير المباشر الناتج عن الجناية أو الشكوى الكيدية، حيث عُرضت خلال الجلسة خمسة بحوث في الموضوع تمت مناقشتها من قبل أصحاب الفضيلة أعضاء المجمع، وقام بعرضها كل من أصحاب الفضيلة الدكتور وهبة الزحيلي ومعالي الدكتور سعد بن ناصر الشثري، ومعالي الدكتور عبدالله بن محمد بن خنين، وفضيلة الدكتور محمد بن مصطفى الزحيلي، وفضيلة الدكتور محمد بن سنان سيف الجلال الدكتور عبدالله الغطيمل، مقرراً للجلسة . وقال المشاركون في هذه الجلسة: إن الشريعة الإسلامية ممثلة بالفقه الرصين ذات الشمول والتطور في مجالات الاجتهاد المبني على قداسة النصوص الشرعية الخاصة والعامة الكلية، تراعي ظروف الزمان والمكان, لتحقيق الاستقرار والوئام في المعاملات ودرء المفاسد والمنازعات، وانتزاع الأحقاد وتصفية رواسب الخصومات القائمة على الحق المادي والمعنوي في الأصل, والناشئة عن أهواء النفوس وشهواتها بمحاولة دفع الضرر, وتسوية الخلافات المادية والأدبية، واستئصال شرارات النزاع، والعمل على إطفائها وإنهائها، بمختلف الوسائل الودية والمصالحات، وترميم الأضرار الواقعة، سواء على المال والملكيات أو محاولات التشفي والإضرار الكيدية، والمماطلة في الخصومات بسبب الديون وغيرها. وأضافوا أنه يتبين من التحقيق أن الأضرار الأدبية في اجتهاد مستحدث أخذت به بعض القوانين العربية، والقضاء العادل النزيه هو الكفيل برأب الصدع، وإنصاف المظلوم, ورد الاعتداء، وتأديب المعتدين، بروح متعالية متساوية، وإخلاص في العمل، ومراقبة شأن الحساب بين يدي الله عز وجل، ويكون أمام قاضي العدل مهام دقيقة وكبيرة، بإصدار الأحكام المناسبة التي تنبع من مقاصد الشريعة ومراعاة الأعراف والعادات وتطورات الأحداث في كل عصر وزمان ومكان. وهذا موضوع حيوي وجديد قديم يتطلب الرؤية الواضحة والنظرة القويمة للتغلب على الصعوبات، من قضاة الحق والعدل والنظرة العميقة والشمولية. وأوضحوا أن عناصر الموضوع خمسة، وهي : التعويض المادي عن الضرر الأدبي أو المادي غير المباشر بسبب الاعتداء على النفس أو الكرامة الإنسانية التي لا تعويض فيها بالمال مهما كان حجمه، والتعويض المادي عن الضرر الأدبي أو المادي غير المباشر بسبب الاعتداء على الممتلكات، والتعويض عن نقص قيمة العين بعد إصلاح الضرر, أو التعويض عن منع الانتفاع بها «الكيدية» والتعويض المادي عن أثر الشكوى والتعويض عن أثر المماطلة في الخصومات غير الديون. وفى سياق متصل ناقش العارضون الضرر المباشر, وهو الضرر الذي يكون متصلا بالمحل الذي وقع عليه الضرر المباشر. وأكدوا أن الفقه الإسلامي فرق بين التعويض عن الضر المالي، والتعويض عن ضرر البدن، فأوجب المماثلة في الأول، دون الثاني، فيما عدا القصاص . واستعرض العارضون الشكوى الكيدية وقد تضمنت تعريف المصطلحات الناتج عن الجناية أو الشكوى و الضرر، المتعلقة بالبحث، في عرف التعويض وعرف الضرر، ثم عرف مفهومه وذكرت أنواعه وشروطه، كما عرف مفهوم الجناية ومفهوم الشكوى الأدبي الكيدية. وتطرق البحث إلى حكم التعويض عن الضرر الأدبي ببيان الآراء وأدلتها، وموقف الفقهاء الأقدمين من هذا الضرر والتعويض عن آثاره، كما اوضح البحث أنه الصواب . واشتمل البحث على مناقشات للأقوال وتضمن البحث وقفات مع بعض الآراء الاجتهادية التي اقتضى الحال الوقوف عندها، وتطرق الباحثون إلى حكم التعويض عن الضرر المادي غير المباشر الناتج عن كيدية، وشمل حكم التعويض عن المدة التي تعطل فيها كسب جناية أو شكوى المجني عليه إذا كانت الجناية تسببت في تعطله عن العمل وفوتت عليه فرصة منعها إلى الإضرار بالإنسان والكسب المشروع, وكذا التعويض عن منع منفعة سواء في جسمه أو ممتلكاته. وعرض في البحث حكم التعويض عن ضرر غير مباشر وقع على الممتلكات إلى نقص قيمة العين بعد إصلاحها,وكذا حكم التعويض عن فوات منفعة. كما تطرق البحث إلى حكم التعويض عن الأضرار التي تلحق الإنسان بسبب المماطلة في الخصومات، والتعويض عن نفقات إجراءات التقاضي والدفع يراد بها الإضرار بالآخرين وأجور المحاماة إذا ترتبت على دعاوى.