ينظر العالم إلى المملكة العربية السعودية من مناظير عدة، ليس أولها منظار حقوق الإنسان، وليس آخرها، منظار المنظمات الإنسانية الدولية، التي تُقيم نظرتها وفق معطيات ومؤشرات، لا تتجاهل نحو سبعة ملايين عامل أجنبي، مختلفين في الأجناس والأديان والثقافات والعادات، يعملون بقطاعات الدولة الحكومية والخاصة. وأرى في هذه النقطة، فرصة ذهبية، علينا أن نستفيد منها بشكل منهجي، يؤكد لمن يهمه الأمر، ولمن يهوى الاصطياد في الماء العكر، أن المملكة، دولة تعزز حقوق الإنسان وتصونها، وتعلي من شأنها، منطلقةً من مبادئ إسلامية، وعادات عربية أصيلة، تراعي الإنسان، بصرف النظر عن جنسه ولونه ودينه. قبل أكثر من 60 عاماً، صدر نظام "الكفيل"، المعمول به حتى اليوم في البلاد، وإذا كان لهذا النظام إيجابيات عدة، في تأطير العلاقة بين العامل والكفيل، لحماية حقوق كل طرف، لدى الطرف الآخر، وحفظ المجتمع من فوضى العمالة الأجنبية، وعدم تركها حرةً طليقةً، حتى لا تتسبب في عشوائية بيئة العمل، وضمان نصيب المواطن السعودي، في الوظائف، فإن لهذا النظام سلبيات عدة، لا يستهان بها، ظهرت على السطح، وتراكمت إلى أن رسخت أقدامها، وإحقاقاً للحق، هذه السلبيات، لا تشير إلى عيوب في بنود نظام "الكفيل"، بقدر ما تشير إلى استغلال بعض الكفلاء ثغرات في البنود، لفرض شروطهم على مكفوليهم، وإذلالهم، والسيطرة على حقوقهم، ومثل هؤلاء ، أساءوا كثيراً للمملكة وسمعتها، وشوهوا صورة ملايين الكفلاء، الذين راعوا الله، فيمن يعملون تحت كفالتهم. قبل سنوات، طرأ على نظام "الكفيل"، تغيير مهم، منح العمال الأجانب، حرية التنقل بين أرجاء المملكة، بعيداً عن سيطرة الكفيل، وهي خطوة أشاعت الفرح في أوساطهم، وجعلتهم يشعرون بآدميتهم، وبلغ الفرح ذروته، لدى الجنسيات المسلمة، الراغبة في الاعتمار والحج، دون سلطة الكفيل، وتوقعتُ أن يشهد هذا النظام، المزيد من التغييرات، تصب في هذا الجانب، وأشيع أكثر من مرة، أن المملكة، تعتزم إلغاء نظام الكفالة، واستبداله بنظام آخر، وهو ماتمت الإشارة إليه سابقاً تحت مسمى صاحب العمل والعامل والتي تقتضي ارتباطهما بعقود عمل وهنا أذكر بهذا المشروع وأتساءل: أين وصل؟ ولكنني أحبذ تطويره بالاستفادة من تجربة كل من الكويت والبحرين. جاء الوقت لتعديل نظام «الكفيل»، وتحديث بنوده، بما تعزز حقوق العمال الأجانب، وتمنحهم المزيد من الحرية «المقننة»، وتحفظ في الوقت نفسه للكفيل وللمملكة، حقوقهما بالكامل، ويا حبذا لو أقرت المملكة، بالتزامن مع هذا الأمر يوماً للعامل الأجنبي، تحتفل به الدولة سنوياً اعترافاً بمشاركة هذا العامل في نهضة البلاد الاقتصادية والتنموية، أعتقد أنه جاء الوقت، لتعديل نظام "الكفيل"، وتحديث بنوده، بما تعزز حقوق العمال الأجانب، وتمنحهم المزيد من الحرية "المقننة"، وتحفظ في الوقت نفسه للكفيل وللمملكة، حقوقهما بالكامل، ويا حبذا لو أقرت المملكة، بالتزامن مع هذا الأمر، يوماً للعامل الأجنبي، تحتفل به الدولة سنوياً، اعترافاً بمشاركة هذا العامل في نهضة البلاد الاقتصادية والتنموية، على مدى عقود مضت، وفي هذا اليوم، تقام حفلات مصغرة في الشركات والمؤسسات، يُكرم فيها العمال الأجانب بهدايا تذكارية، تؤكد أن العامل الأجنبي، محط اهتمام الدولة، منذ وصوله للمرة الأولى إلى أرضها، وإلى أن يغادرها بتأشيرة نهائية.