يوم المهنة من منظور الطلاب و جهات التوظيف

ملخص: عبر عقدين من الزمان واصلت جامعة الملك فهد للبترول و المعادن إقامة مناسبة يوم المهنة بشكل سنوي إيماناً منها بأهمية هذه المناسبة و النتائج التي تحققها في كل عام. وحرصاً على توثيق هذه النجاحات، تقوم اللجان المنظمة لهذه المناسبة باستطلاع آراء الطلاب المستفيدين منها وكذلك الجهات التي تشارك فيها لمعرفة انطباعهم وتسجيل مرئياتهم و تفعيل اقتراحاتهم في المناسبات التالية. نقدم في هذه الدراسة تعريفاً بيوم المهنة وأهدافه، ونستعرض نتائج بعض هذه الاستطلاعات خلال السنتين الماضيتين، ونستقصي بعض التصور عن نجاحات مناسبات يوم المهنة و ملاحظات الأطراف المعنية حول جدواها مقارنة بالأهداف المرجوة من تنظيمها. كما نستخلص مجالات التطوير في يوم المهنة وكيف يمكن أن يكون مستقبله.
فرص وظيفية
يوم المهنة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن مناسبة سنوية تمتد إلى عدة أيام تدعى للمشاركة فيها الجهات الراغبة في تدريب طلاب الجامعة أو توظيف خريجيها بهدف عرض الفرص المتاحة لدى هذه الجهات والتعريف بأنشطتها والتعرف على الجامعة والتخصصات والبرامج المقدمة فيها. و لهذه المناسبة فوائد حقيقية تتمثل في توظيف أعداد من الخريجين وتوفير فرص تدريبية لطلاب البرنامج التعاوني والتدريب الصيفي.
وتعدّ جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الجهة الرائدة منذ عشرين عاماً في فكرة إقامة يوم المهنة على المستوى المحلي. كانت بداية أول يوم للمهنة في عام 1404 ه وشارك فيه أربع عشرة شركة، ثم تزايد عددها حتى بلغ قرابة المئة في بعض السنوات. ومع ازدياد أعداد الخريجين والطلاب المرشحين للتدريب ضمن البرنامج التعاوني ظهرت حاجة لإقامة مناسبة أخرى لنفس الغرض والأهداف في الفصل الدراسي الأول سميت باليوم المفتوح للتوظيف لا تقل أهميتها عن يوم المهنة ويشارك فيها عدد من الجهات بلغ عددها هذا العام 1424ه ثلاثة و خمسين جهة.
أهداف يوم المهنة و فعالياته
ليوم المهنة أهداف أساسية تهم الأطراف المعنية بهذه المناسبة وهي الطلاب والجامعة و جهات العمل. إن السعي لتحقيق هذه الأهداف مطلب تعمل الجامعة دائماً للوصول إليه وتبذل قصارى الجهد لتفعيل هذه المناسبة لتؤتي ثمارها. وتشمل أهداف يوم المهنة توفير فرص وظيفية لخريجي الجامعة وأخرى تدربيبة للطلاب ضمن البرنامج التعاوني، والتدريب الصيفي، وتوعيتهم وتعريفهم بالطرق الفعالة في التقدم للوظيفة. كما يهدف إلى توثيق العلاقات بين الجامعة وجهات العمل والتعرف على البرامج الجامعية، وإتاحة الفرصة لجهات العمل للتعريف بالأنشطة التي تقوم بها، وتوعية الطلاب بمستقبل سوق العمل وكذلك التعرف على مؤهلات الخريجين ومقابلتهم واختيارهم.
يصاحب يوم المهنة عدد من الفعاليات منها: معرض المناسبة الذي تبدي فيه الجهات المشاركة الفرص المتوافرة لديها، ومحاضرات تعريفية عن الجهات المشاركة وأنشطتها وميزات العمل لديها، ومحاضرات عن متطلبات التقدم للوظيفة مثل أسرار البحث عن الوظيفة، وإعداد السيرة الذاتية وإجراء المقابلات الشخصية، ومعرض الأقسام والبرامج الأكاديمية في الجامعة، ومحاضرات وندوات عن التوظيف والتدريب والتجارب الناجحة في العمل الوظيفي. كما يتم إصدار كتيب عن الجهات المشاركة وفرص التوظيف فيها ومميزات العمل لديها. كما أن هناك موقعاً على صفحة الإنترنت يستفيد منها الطالب و الخريج وجهات العمل ويحتوي على معلومات محدثة عن هذه المناسبة.
نظرة الطلاب وجهات العمل عن يوم المهنة
سعياً لمعرفة مدى تحقق أهداف يوم المهنة، والجدوى الفعلية من تنظيمها، وقياس الانطباعات حولها، اعتادت اللجنة المنظمة خلال المناسبات الماضية استطلاع آراء المعنيين بهذه المناسبة وهم الطلاب وجهات العمل بإجراء استبانة لكل شريحة توزع أثناء انعقاد المناسبة ويتم بعد ذلك تحليل نتائجها والاستفادة منها في المناسبة اللاحقة.
وهنا نستعرض نتائج الاستبانات التي تم جمعها في العامين الماضيين خلال مناسبات ثلاث هي يوم المهنة السنوي التاسع عشر محرم 1423ه، و العشرين محرم 1424ه، و اليوم المفتوح للتوظيف ذوالقعدة 1424ه. وبلغ عدد المشاركين في الاستبانة من الطلاب 75، 51، 60، ومن الجهات المشاركة50، 26، 42، على التوالي في المناسبات المذكورة. ويكون بذلك مجموع الطلاب 186، وعدد الجهات 118 و تعتبر هذه العينات كافية وتعطي مؤشراً مقبولاً خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار تقارب نتائج الاستبانة بغض النظر عن عدد الشريحة.
تم تصميم الاستبانة بحيث يكون لكل سؤال خمسة مستويات من الإجابة هي: موافق جداً، موافق، موافق بعض الشيء، غير موافق، غير موافق جداً، وقد تم صياغة الأسئلة لتقيس الرأي المباشر للمشارك وتتفادى الإجابة العشوائية. وسوف نقوم بجمع نتائج الاختيار الأول والثاني لتمثيل نسبة الموافقة، والاختيار الرابع والخامس لتمثيل عدم الموافقة تسهيلاً لتحليل النتائج وتكوين رؤية واضحة لها. وضمت الاستبانة أسئلة أخرى لتقييم تنظيم المناسبة والإعداد لها وسوف نحصر النتائج للأسئلة الرئيسة ذات العلاقة بأهداف هذه الدراسة.
وباستخلاص نتائج الاستبانات خرجنا بأربعة محاور رئيسة هي كالتالي:
أولاً: نظرة الطلاب وجهات العمل حول فكرة يوم المهنة و فائدتها
كان السؤال حول هذا المحور بصيغة: هل فكرة يوم المهنة مفيدة و هامة لتوظيف طلاب الجامعة؟، حيث أظهرت الاستبانة أهمية هذه المناسبات وفائدتها ونجاح فكرتها حيث بلغت نسبة الموافقة للطلاب بين 88% و 96% وللجهات المشاركة بين 97% و 100% خلال المناسبات الثلاث كما هو موضح في الجدول (1). وتعتبر هذه النسب عالية جداً تدعم أهمية هذه المناسبة و ضرورة استمرارها. أما النسبة التي أبدت عدم موافقتها من الطلاب فبلغت 2-4% وهي قليلة جداً ربما يرجع ذلك إلى عدم تحقق رغباتهم الخاصة أو اعتقادهم بتوظيفهم فورياً و هذا لا يتأتى لكل شخص. ويوضح الشكل(1) مجموع نتائج الاستبانة للطلاب وجهات العمل خلال المناسبات الثلاث حيث يصبح مجموع العينة 304 لتكون نسبة الموافقة 95% وعدم الموافقة 2% دليلاً على قوة النتيجة واطرادها.
ثانياً: زيادة التعرف على سوق العمل والكوادر الوطنية
كان السؤال: هل حقق يوم المهنة زيادة في التعرف على سوق العمل والكوادر الوطنية؟ وكانت النتائج تتراوح بين 73% و87% بالنسبة للطلاب و81% إلى 92% بالنسبة لجهات العمل جدول(2). وتؤيد هذه النتائج تحقيق هدفين مهمين لإقامة يوم المهنة هما مدى استفادة الطلاب من التعرف على أنماط الوظائف المتاحة والمتوفرة في سوق العمل، ومدى تعرف جهات العمل على مؤهلات الطلاب والتخصصات والبرامج التي تقدمها الجامعة. أما النسب المتبقية من النتائج فهي مقبولة حيث أن الزيادة في المعرفة قد لا تحصل للطالب أو جهة العمل إذا كانت لديه معرفة أو قد تحدد الاختيار مسبقاً. الشكل (2) يوضح أن نتائج مجموع العينة يتفق مع هذه الخلاصة.
ثالثاً: الاقتناع باستمرار تنظيم يوم المهنة
حول هذا المحور كان السؤال بالنسبة للطلاب بصيغة: هل ستقوم بنصح زملائك للاستفادة من يوم المهنة؟ حيث كانت نتائج الموافقين بإيجاب على هذا السؤال تتراوح بين 69% و 92% ونسبة غير الموافقين من 2% إلى 13% . ويمكن اعتبار هذه النتائج مشجعة لجدوى المناسبة وتأكيد على تحقق تطلعات الطلاب و هي أهم طرف مستهدف فيها، خاصة إذا علمنا أن صيغة السؤال فيه دليل على الاقتناع ودعوة الآخرين لذلك.
أما بالنسبة لجهات العمل فكان السؤال هل تنوي المشاركة مستقبلاً في يوم المهنة؟، وكانت النتائج عالية جداً بلغت حوالي 96% ، مما يؤكد استفادة هذه الجهات من المناسبة وأنها تتوافق مع تطلعاتهم وأهدافهم. ومن الملاحظ في كل عام تكرر مشاركة جهات كثيرة واستمرار مساهمتها في استقطاب خريجي الجامعة وطلابها.
رابعاً: التقييم العام ليوم المهنة
هذا السؤال يعطي مؤشراً عاماً حول نجاح مناسبات يوم المهنة حيث بلغت النتيجة لمجموع العينة خلال السنوات الثلاث 80%، و هي نسبة عالية تتفق مع حصيلة المحاور الأخرى خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن هذا السؤال يدخل فيه تقييم التنظيم للمناسبة ومكانها وزمانها وغير ذلك من الأسئلة التي لم نتطرق لها في هذه الورقة.
النتيجة النهائية
ان وجود عدد كبير من جهات العمل الراغبة في توظيف الخريجين تحت سقف واحد يعد فرصة ثمينة لجميع الأطراف المعنية ، فتسهيل عملية البحث عن الوظيفة بالنسبة للخريج، وتوثيق العلاقة بين الجامعة وجهات وأرباب العمل وإتاحة الفرصة لهم لمقابلة المتقدمين ومعرفة كفاءاتهم للاختيار المناسب منهم تصب جميعاً في تحقيق الهدف المنشود من هذه المناسبة .
في هذه الدراسة استعرضنا جدوى تنظيم يوم المهنة في جامعة الملك فهد للبترول و المعادن بناء على نتائج الاستبانات التي أجرتها اللجنة المنظمة في مناسبات ثلاث ليوم المهنة و اليوم المفتوح للتوظيف والتي عقدت خلال العامين الماضيين حيث شارك في هذه العينة قرابة 300 شخص من الطلاب و جهات العمل. وقد أشارت معظم النتائج إلى قناعة الأطراف المعنية بجدواها، وأهمية انعقاد هذه المناسبة، و الفوائد المجنية منها، وضرورة استمرارها.
ونؤكد هنا على أهمية جدية الجهات في التوظيف أو التدريب ولديها الرغبة الصادقة لاستقطاب الخريجين. و في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن هناك متابعة من اللجنة المنظمة للجهات التي لا تلتزم بهذا الضابط مما قد يترتب عليه عدم إتاحة الفرصة لها مستقبلاً وتفضيل الجهات التي يصدق توظيفها للخريجين والمتدربين. وبحمد الله فإن هذه الحالات نادرة نظراً لأن الجهات المشاركة لها تجارب ناجحة مع خريجي الجامعة السابقين وتتسابق هذه الجهات على استقطابهم.
أما عن مستقبل يوم المهنة فيمكن القول ان تنظيم يوم المهنة ليس هدفاً في حد ذاته بل وسيلة فاعلة لتحقيق هدف أسمى، وبناءً على هذا فإنه شكل يوم المهنة مستقبلاً قد يفعل استخدام تقنيات المعلومات ووسائل الاتصال لهذا الغرض. فمع تطور هذه الوسائل أصبح من الممكن الحصول على المعلومات المتعلقة بالتوظيف وفرص العمل وكذلك تلك التي تتعلق بالباحثين عن العمل بشكل ميسر وشامل من تحت أزرار الحاسب. حيث يتمثل الاتجاه حالياً في إقامة يوم مهنة تخيلي أو افتراضي وتفاعلي على شبكة الإنترنت ، بل الأهم من ذلك أنه يقام على مدار العام وبأقل التكاليف والأعباء. ومن المتوقع أن تلقي هذه الوسيلة المتطورة إقبالا من جميع الأطراف المعنية نظراً لسهولتها ومرونتها واتساع قاعدة المعلومات المتوافرة فيها. يبقى أن تتأهل الجهات الراغبة في استخدام هذه الطريقة بالتقنيات اللازمة للاتصال بشبكة الإنترنت. هذا وقد انتشرت مواقع كثيرة للتوظيف عن طريق الإنترنت وكان للجامعة سبق في استضافة بعضها لأول مرة قبل ثلاثة أعوام، ولاقت هذه الخدمة إقبالاً من طلاب الجامعة واستفادت منها.