منذ القدم والأمم والشعوب تولي اهتماماً بالرؤى والأحلام والمنامات، والقصص والروايات والأساطير القديمة تغص بالأحلام التي كان لها امتداد وأثر على الواقع، ومن يتتبع تعاطي الصينيين والهنود والبابليين والفرس وغيرهم سيجد منهجية متباينة في نظرتهم للرؤية المنامية وطريقة قراءتهم لها، ولكنهم جميعاً يتفقون على أن: «الحلم يحمل رسالة». واختلف المحللون والعلماء والأطباء في تسبيب هذه الصور والمشاهد التي نراها حينما نغرق في سباتنا، فالبعض ذهب إلى أنها انعكاسات عن الرغبات والألم، وآخرون رأوا أنها تعويض وليس انعكاساً، ومازال العلماء والنفسيون من فرويد وحتى الآن يحاولون فهم كيفية نشوء هذه المشاهد التي تجاوزت أماكن حدوثها!. المتأمل لحالنا اليوم مع واقع تفاسير الأحلام سيبكي من شدة الضحك والغالبية العظمى من الناس لا يكترثون بسبب حدوثها لأن الأهم عندهم تفسير دلالات هذا الحلم، وتفكيك الرموز التي رسمت قصة هذا المنام، والإسلام أقر بحقيقة التعبير للرؤى والأحلام في القرآن كما حدث في قصة يوسف عليه السلام، وأيضاً كان الرسول يسأل أصحابه عن مناماتهم ويعبرها لهم. ولكن المتأمل لحالنا اليوم مع واقع تفاسير الأحلام سيبكي من شدة الضحك، وسيضحك مع شدة الألم، فالناس يهربون من واقعهم إلى أحلام ليلهم حتى بتنا نعيش في المنام أكثر من اليقظة، وصارت بنيتنا الفكرية المهلهلة ترحب بثقافة الخرافة وتحتفي بها، وأذكر في عام 1998 حضرت مجلساً كبيراً وكان فيه أحد المفسرين المشهورين الذي كان يستقبل الرؤى من الحضور ويفسرها الواحدة تلو الأخرى حتى جاءت القنبلة التعبيرية عندما قال: لقد توالت الرؤى عليّ وتواترت وأقسم بالله العظيم غير حانث في يميني أن القدس ستحرر في عام 2002، فهب الحاضرون في التكبير وسط مشهد محموم يصعب استيعابه!!، وللعلم فقط: بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل مازال يبني مزيداً من المستوطنات في عام 2014 بكل واقعية. في تفسير الأحلام نحاول أن نبحث عن طمأنينة لمخاوفنا، وتعويض عن طموحنا، واسترجاع لأنين الألم الذي شعرنا به سابقاً، فنحن نعيش مشكلة مع واقعنا نتوارى عنها تحت ستار أحلامنا. طبيعة النساء وتركيبتهن النفسية التي تغلب فيها النظرة العاطفية على الواقعية تجعلهنّ أكثر الراكضين في مضمار (العين والسحر والأحلام) لأنهن يبحثن دائماً عن أثر اللامحسوس على المحسوس إضافة إلى الشغف بالتنبؤ، وفضول معرفة ما سيحدث في المستقبل. مؤخراً، تم منع البرامج التي تفسر الأحلام في السعودية لما لها من أضرار، واتفق مع مشرع القرار في الأضرار ولكني أختلف معه في سياسة الحجب والمنع، فالخلل في البناء الثقافي للناس والمنع لن يصلح هذا الخلل في النهاية. أحلام سعيدة. تويتر @almodifer