تتمدد لالا عائشة على حشية وهي تنصت الى تمتمة امرأة شابة تفضي إليها بأدق أسرارها.. وعندما تبدأ في إسداء النصيحة للزبونة يخترق الهواء صوت صادر من امرأة عجوز لا يتوقع أن يكون بمثل هذا الارتفاع. ولكن أعمال السحر الأبيض والأسود التي كانت تمارس في المغرب قبل الإسلام لا تزال واسعة الانتشار حيث يعتقد كثيرون أن الجن أو الأرواح تتحكم في المصائر، وتقول خديجة أميتي أستاذة علم الاجتماع بجامعة القنيطرة "ظاهرة الاستبصار لم تنحسر ولكنها فقط تطورت في أساليبها" حيث يوجد في اغلب المدن والقرى متجر للطب التقليدي يبيع كل شيء من مستحضرات تكثيف الشعر الى وصفات للحب. وأضافت "في الأمراض يزداد اعتقاد الناس في الدواء ولكن في الحالات النفسية والمرضية واغلبها مشاكل زوجية فانهم يستشيرون العرافين". وفاء في الخمسينات من عمرها وتنتمي لإحدى أقدم عائلات فاس. تزوجت وهي في العشرينات من زوج عمتها بعد موتها. انجبا طفلين وعاشا في سعادة الى أن طلقها قبل عشر سنوات.. أصرت على استرداده وأنفقت في ذلك 100 ألف درهم (11200 دولار) عند العرافين والسحرة وتقول "كنت مثل مدمن مخدرات اذهب إليهم عدة مرات في اليوم بل في الليل أيضا" وتنوع العلاج.. في إحدى الزيارات نصحها مشعوذ بطهي قميص زوجها.. لتضيف "خربش بضع كلمات على قطعة ورق طبختها مع قميص زوجي.. وكلما زاد الغليان وزادت الفقاقيع كلما كان من المفروض أن تزيد رغبته في".. وفي مناسبة أخرى قيل لي أن ألوح بمكنسة كل صباح وأتلو عبارات باللغة العربية وأنا أفكر في زوجي.. كنت مجنونة تماما. وقالت فتيحة الموثقة العامة إن العائلة وحمايتها تشكل لب الحياة المغربية.. كان حق الطلاق مقصورا على الرجل فقط حتى وقت قريب، ومع أنه تم تغيير قانون الأسرة للسماح للنساء بتطليق أزواجهن فان ذلك يعتبر وصمة لهن لان المفروض عليهن بذل كل الجهد للحفاظ على الأسرة واستعادة الزوج. وأضافت "النساء لا يذهبن الى الأطباء النفسيين أو مستشاري الزواج ولكن يذهبن الى العرافين. واذا لم تطلب المرأة المساعدة لاستعادة زوجها فإنها تعتبر زوجة وأما سيئة". ولالا عائشة تعمل بمواعيد محددة. مكتبها في عمارة عالية بحي راق في فاس والمواعيد من الثامنة صباحا الى الثانية عشرة والنصف ظهرا والجمعة عطلة أسبوعية بالإضافة الى إجازة سنوية لبضعة أسابيع عندما لا تتقمصها روح البطلة الصغيرة.